السوداني يبدأ خطة تطويق الحلبوسي و قص اجنحته بهدوء

بغداد- العراق اليوم:

كشفت مصادر عراقية عن تفاصيل الحملة التي يقودها رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أسبوعين، ضد شخصيات تنفيذية على صلة مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، قبل الانتخابات المحلية، موضحة الأهداف السياسية وراء حملته هذه، بحسب تقرير لموقع عربي.

ويذكر التقرير ، أن السوداني بدأ حملته بإعفاء محمد هاشم العاني، رئيس صندوق إعادة إعمار المحافظات المتضررة من الإرهاب شمالي وغربي العراق، في 25 يونيو/حزيران 2023، وتبعه بعدها بيومين اعتقال مدير هيئة التقاعد في الأنبار، أنس ياسين عبد الهادي، وجهت لهما تهم بالفساد والتلاعب بالمال العام، وكلاهما شخصيتان قريبتان من رئيس البرلمان، ما يعكس تزايد الخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق.

بناء على اعترافات أدلى بها أنس ياسين، نفذت هيئة النزاهة الاتحادية (حكومية) أيضاً، أمر القبض الصادر بحق علي عبيد ماطر المرعاوي مدير مكتب تحقيق الهيئة في محافظة الأنبار، بتهمة التواطؤ مع المتهم الأول من أجل التغاضي عن "المعاملات المزورة والرشاوى المالية التي كان يتلقاها"، بحسب بيان صدر عن "الهيئة" السبت 1 يوليو/تموز 2023.

الخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق طاف على السطح منذ أشهر، ولكن الحملة الجديدة التي ينفذها الأخير كانت لافتة، لا سيما أنها تستبق الانتخابات المحلية للمجالس البلدية في ديسمبر/كانون الأول 2023.

الحد من نفوذ الحلبوسي

المصادر المقربة من السوداني، والتي طلبت عدم الكشف هويتها، أكدت أن "الاعتقالات وإبعاد رئيس صندوق إعادة الإعمار تعدّ بمثابة تكسير الأطراف الفاعلة لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي في معقله، ومسقط رأسه الأنبار، التي كانت تمده بالأموال خلال الانتخابات، وبمنح المشاريع للشخصيات السياسية والعشائرية الموالية له".

لفتت المصادر في حديثها عن الخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق، إلى أن الأحير "عمد إلى التحرك ضد الشخصيات القريبة من الحلبوسي، التي عليها مؤشرات فساد قبل انتخابات مجالس المحافظة، خصوصاً أن هناك قراراً بتغيير محافظ الأنبار الحالي، علي فرحان، الذي ينتمي إلى حزب (تقدم) برئاسة رئيس البرلمان، لتجريد الأخير من أدواته"، وفق تعبيرها.

لفتت كذلك إلى أن "رئيس الوزراء يستهدف الشخصيات هذه بعد إكمال ملفات حقيقية ضدها تتعلق بالفساد وهدر الأموال والتزوير، وذلك خلافاً لما كانت تتهم به حكومات سابقة بأنها كانت تلفق التهم للشخصيات المناوئة"، مشيرة إلى أن "الحلبوسي أمام حملة ضد حلفائه تعمل ضمن القانون، والاعتقالات والاستبعاد يجريان على أساس مهني".

مصادر أخرى كشفت، أن الحلبوسي بعد هذه الحملة زار الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، من أجل التوسط مع السوداني وطلب التهدئة.

في حين أفاد بيان صادر عن مكتب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الثلاثاء 4 يوليو/تموز 2023، بأن الأخير التقى رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وتدارس آليات التنسيق بين مجلس النواب ورئاسة الجمهورية في تقديم وإقرار التشريعات التي لها مساس بحياة المواطنين، وكذلك الاستعدادات لإجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المقرر، وضمان نزاهتها وشفافيتها، دون التطرق إلى ذكر سعي الحلبوسي إلى وساطة رئيس البلاد.

وكان اللواء يحيى رسول عبد الله، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلّحة (رئيس الوزراء) أعلن في بيان، الأربعاء 5 يوليو/تموز 2023، أن قرار السوداني بتغييرات في بعض المواقع الأمنية، الهدف منها "ضخ دماءٍ جديدة، وإعطاء الفرصة لقيادات أخرى في إدارة الملف الأمني، من أجل رفع كفاءة الأداء للمؤسسات الأمنية".

في المقابل، رأى النائب عن قوى الإطار التنسيقي  عامر الفايز في حديث صحفي،  أن ما غير مرتبط بخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق، موضحا: "بعض التغييرات التي قام بها السوداني جاءت نتيجة ما ثبت على هذه الشخصيات من فساد مالي أو إداري، ولكن استبدلهم من المكون السني ذاته، ولا يعني أن الحلبوسي يمثل كل السنة".

لفت الفايز إلى أن "السوداني يبحث عن النزيه وصاحب الكفاءة من المكون السني نفسه حتى يحافظ على معادلة التوازن بين المكونات، ولا يقصد من هذه الإجراءات استهداف الحلبوسي أو غيره من السياسيين"، وفق قوله.

تابع بأن "التغيير الذي أجراه السوداني بإبعاد الفاسدين لو كان يخص المكون السني فقط، لقلنا بالفعل إن الموضوع فيه أبعاد سياسية تتعلق بانتخابات مجالس المحافظات، وإن المستهدف منها هو الحلبوسي، لكن الأوامر التي اتخذها شملت مناصب تتولاها مكونات أخرى في البلد"، بحسب تقديره.

من جهته، علق القيادي في تحالف "الأنبار الموحد" المناوئ للحلبوسي، طه عبد الغني، بالقول إن "التغييرات الأمنية تمثل توجه رئيس الوزراء في تدوير بعض الشخصيات في المواقع المهمة، وليس فيها استهداف لأي حزب".

عن إقالة رئيس صندوق إعمار المحافظات المتضررة من الإرهاب، أكد عبد الغني عضو مجلس محافظة الأنبار السابق: "نتمنى أن يجري تغيير جميع من يثبت عليهم شبهات فساد، وما حصل بحقهم تصرف مهني بحت".

قرار إبعاد رئيس صندوق الإعمار، بحسب عبد الغني، جرى بناء على "توصية لجنة خاصة شكلها السوداني تتابع الفساد، وأن ما حصل أعطى الثقة لمنافسي جهات سياسية معينة بالأنبار، أن الانتخابات المقبلة ستكون لها مصداقية أكثر من الانتخابات الماضية في عام 2021".

وتابع: "تغيير محافظ الأنبار أمر يهمنا وأغلب القيادات الإدارية في المحافظة، لأننا نعتقد أن استخدام النفوذ والسلطة في الانتخابات المقبلة لن يكون في مصلحة المواطن والقوى السياسية المتنافسة".

في مقطع صوتي نشرته وكالة محلية عراقية، الثلاثاء 4 يوليو/تموز 2023، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المحافظات محمد المسعودي، إن "واحدة من المحافظات التي تئن من الفساد المالي والإداري هي محافظة الأنبار، وقد كُشفت في الآونة الأخيرة العديد من الملفات، بالتالي يتطلب الأمر من الحكومة أن تقوم بدورها تجاه مواطني هذه المحافظة".

وأكد المسعودي أن القرار الذي سيصدر من رئيس الوزراء هو تكليف شخص يثق به لإدارة محافظة الأنبار، ويكون هو المشرف الأول على الناس الذين يثق بهم، ولهم تجربة وخبرة في إدارة المحافظة.

الانتخابات المحلية حاضرة

على صعيد تنامي الخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق بما يتعلق بانتخابات مجالس المحافظات، أكدت المصادر أن "الأول يسعى أيضاً إلى أن يقدم نفسه رمزاً وطنياً، وللدخول إلى الأنبار في الانتخابات البرلمانية التي من المتوقع أن تجري في عام 2025".

 

علق هنا