كاتب فلسطيني : سد الموصل الأخطر في العالم ما زال صامدا

بغداد- العراق اليوم:

 

في مثل هذه الأيام من العام الماضي، ثارت نقاشات حامية حول سد الموصل، وهو أكبر السدود في العراق، والذي أقيم على نهر دجلة في منطقة تبعد نحو 50 كيلومترا شمال مدينة الموصل. ومن مواصفاته أن ارتفاعه يبلغ 131 مترا وطوله نحو 3,2 كيلومترا، وتم استخدام نحو 37.7 مليون متر مكعب من المواد، معظمها من الخرسانة والتربة في إنشائه، في حين يؤمن الماء والكهرباء لأكثر من مليون شخص في شمال العراق. وقدر معدل إنتاجه بنحو 750 ميغاواط. يمكن أن يغطي حاجة 675 ألف منزل، ويخزن السد كذلك كميات من المياه تبلغ نحو 12 مليار متر مكعب لأغراض الشرب والزراعة لجميع أنحاء محافظة نينوى، ويشكل جزءا من نظام التحكم الاقليمي في الفيضانات.

هذا السد البالغ الأهمية للعراق، أثيرت حوله أقاويل وإشاعات وسيل من معلومات عدم الكفاءة، وإمكانية تعرضه للانهيار منذ الانتهاء من إنشائه في العام 1986، واختلط في سيل المعلومات المتداولة عن السد معلومات فنية وسياسية، كان قصد بعضها التشويش على النظام القائم، ومن أبرز الاجتهادات التي تم تداولها في العام الماضي، ما صرح به المهندس الدكتور نظير الأنصاري أستاذ هندسة الموارد المائية في جامعة لوليا بالسويد «إن السد ـ سد الموصل ـ بدأت مشاكله تبرز بسبب أخطاء تصميمية، وأضاف أن الأمريكيين نشروا سابقا أكثر من تقرير عن انهياره.

وأشار إلى أن دراسات بعض الخبراء قد كشفت عن وجود بالوعات عمقها 15 مترا، وأن بحيرة السد تضغط على الشقوق المنتشرة في مواضع معينة من السد، وتسرع في إذابة الصخور الكلسية. وأضاف أن الحل العلاجي الذي اتخذ منذ العام 1987 حتى عام 2014 هو التحشية، حيث تم ضخ أكثر من 75 ألف طن من المواد الاسمنتية، وهذا ليس حلا جذريا. أما الآن فهناك دلائل كبيرة على وجود كبريتات بنسبة عالية ما يؤثر على مقاومته».

وما يجدر ذكره هنا أن خبراء امريكيين أشاروا إلى أن سد الموصل هو من أخطر السدود في العالم، نظرا لقابليته للانهيار، بسبب تشققات في بنيته وضعف التربة التي بني عليها.

إن المعلومات السابقة، بما فيها الفني المتخصص، سجلت مخاوف حقيقية عن إمكانية انهيار السد، وانشغل سياسيو العراق في التعامل مع شركات أمريكية وألمانية وإيطالية وفرنسية في البحث عن مشاريع لدرء خطر انهيار السد، لأن ذلك لو حصل، فإنه من المؤكد سيغير خريطة العراق الحالية، ومن الحلول التي تم تداولها هو إفراغ السد من المياه أو تغيير مكان إقامته، ونقله إلى مكان آخر أفضل من حيث التربة، وأصلب في تحمل ثقل تجمع المياه، وتغيير نوع الصخور التي بني عليها السد الحالي، وغير هذه من الاجتهادات.

مع ذلك فإن هذا السد الذي قيل عنه وفيه الكثير من الشوائب، ما زال صامدا ومستمرا منذ ثلاثين عاما، ويؤدي دوره التنموي والإروائي ومساهماته العظيمة في ميادين الكهرباء والزراعة والصناعة، وتوفير مياه الشرب لأغلب السكان وتشغيل مئات آلاف الأيدي العاملة ومواجهة أخطار الفيضانات.

وإضافة إلى العوامل البنيوية السلبية في السد، فإن عوامل خارجية تدخلت وزادت من أخطار تجميع السلبيات مساهمة في تفعيلها، بينها إن التنظيمات الإرهابية احتلت منطقة السد في العام 2014، واندلعت اشتباكات ومعارك في المنطقة لإخراج هذه المجموعات منها، وتم استعمال الطيران والمدفعية وغيرها من الأسلحة، الأمر الذي ساعد في زيادة عدد التشققات في تكوينات السد.

وعندما طردت التنظيمات الإرهابية من منطقة السد، فإنها استولت على معدات عديدة تتعلق بالسد، وتساهم في معالجات بعض سلبياته، وتم نقلها معها إلى سوريا، بحسب ما تم تداوله في الإعلام.

وكذلك ساهم وجود التنظيمات الارهابية في الموصل أو في منطقة السد في تأخير أو حتى في منع وصول مواد التحشية المطلوبة، لسد التشققات أو الانهيارات والانزياحات الجزئية في هذا المكان أو ذاك من تكوينات السد.

كل ذلك وغيره لم يصل بالسد إلى الانهيار، وخوفا من ذلك، فإن الأمريكيين وضعوا مجسات حساسة ودقيقة على تكوينات السد لرصد أي تفاعلات سلبية فيه مثل التشققات وغيرها.

أما التحشية التي يتولاها فنيون متخصصون، فقد ساهمت وتساهم جزئيا في حماية السد من الانهيار، كما أن الترميمات المستمرة في ما استجد ويستجد من سلبيات في بنيان السد، خففت وتخفف إلى حد ما من إمكانيات انهياره، وها هي معارك الموصل التي يساهم فيها الطيران والمدفعية وتسقط فيها قذائف عشوائية هنا وهناك، قد قاربت الوصول إلى نحو ستة أشهر، ومع ذلك فإن الارتجاجات التي تحدثها المعارك لم تقو على فعل فعلها في السد، المستمر في أداء دوره المعتاد.

٭ كاتب فلسطيني

سليمان الشيخ

 

علق هنا