بغداد- العراق اليوم:
فالح حسون الدراجي
افتتاحية جريدة الحقيقة
صحيح أنا (برشلوني) حتى النخاع، لكني صدقاً حزنت للفجيعة التي حلّت بفريق ريال مدريد أمس الاربعاء رغم أن الجمهور الملكي لن يصدق أبداً، أن ثمة (برشلونياً) سيحزن لكارثة فريقهم، إلا أني حزنت أمس لهذه الخسارة المذلة، خاصة وأنها لم تكن خسارة كأي خسارة كروية أخرى، بقدر ما كانت أشبه بحالة دهس (ودعس) تعرض لها لاعبو ريال مدريد بشاحنة (غوارديولا ) المرعبة ! وطبعاً فإن حزني لخسارة الريال لم يأت حباً به، إنما لأسباب أخرى سأتحدث عنها في آخر الإفتتاحية .. ولا أخفي عليكم، فقد أردت أن أبدأ مقالي هذا بتقديم خالص العزاء والمواساة لجمهور نادي ريال مدريد بمصابهم الجلل، وبهذه الكارثة التي حلت بهم أمام مانچستر سيتي الإنگليزي.. إذ أن ما حدث لفريقهم في ملعب (الإتحاد) أمس، كان حقاً فجيعة، وبكل المعايير، وكانت صدمة عنيفة، وكسراً لن يلتئم أو يجبر عظمه بسهولة.. اذ أتوقع أن ثمة قضايا وأشياءً كثيرة لاحقة ستترتب على هذه النكسة المذلة حتماً. نعم، هكذا أردت أن أفتتح مقالي، لكني خشيت أن يفسرها البعض بغير ما هي عليه، فيتهمني ربما بالشماتة لا سمح الله ! وهنا أود أن يتفهم محبو النادي الملكي مسوغات وصفي لهزيمة فريقهم بـ(الفجيعة)! فأنا مؤمن أولاً، أن الأهداف الاربعة التي دخلت شباكه لم تكن لوحدها عنواناً لهزيمة الريال، إنما كان العنوان الأبرز للهزيمة يكمن في بؤس المستوى الذي ظهر به الفريق، مقارنة وقياساً بالمستوى العالي الذي ظهر به فريق (غوارديولا)، ولا أقصد بذلك الفرق فقط في نسبة الاستحواذ على الكرة، ولا في ضياع نجوم الريال بلا استثناء، خصوصاً أن بعضهم لم يكن موجوداً في المباراة بالمرة، وكان بعضهم أشبه بنمر من ورق، أي بلا مخالب ولا أسنان، ولا هم يحزنون، كما لا أقصد هنا ضعف وهزالة خطوط الدفاع والهجوم فقط، ولا أقصد كذلك (الشيّاب) في خط الوسط وحدهم، إنما أقصد لاعبي هذا الخط الذين كانوا كلهم عالة على الفريق.. ولولا يقظة حامي الهدف (كورتوا) لخرج الجماعة بسبعة اهداف نظيفة أو ربما أكثر، لكن (الله ستر)! إن كل هذه العوامل - رغم فداحتها وكثرتها- لا تكفي أو تسمح لي أن أسمي هزيمة أمس بالفجيعة، إنما كان هناك سبب مهم بل هو الأهم، والأشد مرارة في أفواه الجمهور المدريدي، وأقصد به، تخلي فريقهم - مدرباً ولاعبين وجهازاً فنياً - عن شخصيتهم التي لا تؤمن بالاستسلام، وفقدان الشعور بأنهم الفريق الأفضل في العالم، والفريق الفائز بالكأس الأوربية 14 مرة.. لقد اضمحلت شخصية البطل لديهم أمس.. وقد كان لاعبو ريال مدريد قبل هذه المباراة يحملون في أعماقهم، شعوراً اعتزازياً متميزاً- وهذا اعتراف مني- حيث أجزم أن هذا الشعور المميز، كان بمثابة الحافز المعنوي الاول، والدافع الأقوى لهم بعدم الاستسلام ، ورفض القبول بمنطق الهزيمة حتى الدقيقة الأخيرة، وقد رأينا كيف قاتل لاعبو الريال في الثواني الأخيرة من عدة مباريات كانوا متأخرين فيها، حتى قلبوا الخسارة فوزاً.. لذا فأن دخول الريال خائفاً في مباراته مع المانچستر سيتي أمس، قد أعطى مفاتيح الفوز لخصمه مسبقاً، أي قبل أن يطلق الحكم صافرة البداية .. وللحق فأن هذا الأمر لم نألفه لدى فريق الريال من قبل ..لذا كان من الطبيعي أن يفترسه فريق الداهية غوارديلا، ومن دون شك فقد كان الخوف من الخصم- فريقاً وملعباً وجمهوراً- واضحاً على هيئة الفريق الملكي، حتى كنا نرى عبر شاشات التلفاز، وجوه جميع اللاعبين المدريديين مصفرة، كأن ذئاباً كانت تركض خلفهم.. إذن، من هنا كانت الخسارة، وبسببها أسميتها (الفجيعة) أو النكسة او الانتكاسة.. وهنا اسألكم بربكم، اين كان بنزيما - صاحب الكرة الذهبية- في مباراة امس، وأين كان فينسيوس، الذي يطالب رئيس النادي الملكي (فلورنتينو بيريز) بمنحه الكرة الذهبية على حساب بطل العالم ميسي، وأين كان لوكا مودريتش- صاحب الكرة الذهبية قبل عامين- وأين زميله (توني كروس)، وأين فتى الفتيان (رودريغو)، وأين كان (فالفيردي)، وأين فلان وفلان وفلان، الذين كانوا يستعرضون عضلاتهم على مساكين الفرق الاسبانية الضعيفة؟!.. لقد فضح ملعب الاتحاد لاعبي الريال أمس، وظهروا على حقيقتهم، وبدا لنا انهم ليسوا أكثر من نمور ورقية كما ذكرت.. وقد شاهد العالم مباراة الأمس، ورأى بأم عينيه كيف تلاعب رجال غوارديولا بمصائر لاعبي الريال، وجعلوهم عصفا مأكولا، وهباءً منثورا، حتى أني وجدت لاعبي الريال بعد صافرة النهاية، وكأن صخرة سيزيف قد رفعت عن صدورهم.. فقد كانوا خائفين ومرعوبين من ان تصل نتيجة المباراة الى فضيحة كبيرة جداً، رغم ان نتيجة ( 4 - 0 ) هي ليست أقل من الفضيحة! وقطعاً فإن هذه المباراة (العار) لن تمر مرور الكرام على إدارة وجمهور الريال، إذ ستسقط هذه النكسة عمائم كبيرة في الفريق، بل وستسقط رؤوساً أيضاً وليست العمائم وحدها، وستكون هذه النتيجة الكارثية تاريخاً جديداً لفريق ريال مدريد، إذ سيجعل الناس من النكسة علامة فارقة، فيقولون: حدث كذا قبل نكسة ملعب الأتحاد، أو ولد فلان بعد فضيحة الريال أمام السيتي، وهكذا ستصبح الهزيمة علامة تاريخية فاصلة في حياة هذا النادي العريق.. وأعتقد ان بيريز سيقيل المدرب حتماً، وسيبيع أو يهدي مجاناً أو اعارة عشرة من لاعبيه في أقل تقدير، وسيكون أصحاب الكرات الذهبية وخط الدفاع الهزيل برمته خارج اسوار النادي الملكي في الموسم القادم.. لأن بيريز برأيي لن يقبل الخروج من مولد البطولات بحمصة واحدة هي حمضة ( كأس الملك) فقط ! أما عن حقيقة حزني لما حدث أمس، فإني اؤكد هذا الحزن دون الحاجة الى أن أقسم لكم بصحة ذلك، والسبب كما ارى، ان العار الذي سيصيب الريال جراء هذه الهزيمة هو عار على كل الفرق الاسبانية، واولهم فريق برشلونة.. وإن أي ضعف يصيب الكرة الاسبانية سيأتي بضرره على كل الاندية الاسبانية دون استثناء.. فكلاسيكو الليغا بين البرشا والريال الذي يشاهده اليوم مليارا مشاهد عبر شاشات التلفاز، سيفقد قيمته وروعته لو انتهى نادي الريال مثلاً، وستسقط هذه المنافسة الجميلة .. ونفس الشيء سيحدث لو سقط وانتهى برشلونة.. أقول هذا الرأي بصدق تام، رغم أن الريال يسعى بكل ثقله هذه الأيام لتدمير البرشا، وأمامنا مثال مهزلة ما يسمى بـ (نيغريرا)، وكيف لعب ريال مدريد دوراً تحريضياً قذراً في هذا الموضوع الكارتوني! إن قوة ريال مدريد هي قوة لنادي برشلونة، ونفس الشيء يحدث للريال حين يكون البرشا قوياً، فهما الناديان اللذان يحظيان ويتقاسمان حب وتشجيع نصف سكان الكرة الأرضية.. وإذا ما سقط الريال والبرشا، فقد نتفرج في لقاء الكلاسيكو القادم بين فريقي خيتافي وبلد الوليد !! عرب وين طنبورة وين؟
*
اضافة التعليق