لماذا فشلت مشاريع سيمنز الألمانية في العراق ؟

بغداد- العراق اليوم:

استعرض تحقيق استقصائي،  12 سبباً وراء فشل شركة "سيمنز" في العراق، ونجاحها في مصر.

وكتب الصحفي الاستقصائي العراقي المقيم في أميركا رياض محمد، على صفحته في فيسبوك ،  أنه بمقارنة بسيطة ستكتشف ان كل عوامل النجاح التي توفرت في عقد سيمنز مع مصر لم تتوفر لعقدها مع العراق، حيث في مصر وقعت سيمنز عقدا قيمته الاجمالية 9 مليار دولار (8 مليار يورو باسعار وهو عام توقيع العقد) لتجهيز وحدات توليدية (24 توربين) غازية نصبت في 3 محطات عملاقة هي محطات العاصمة الجديدة والبرلس في كفر الشيخ وغياضة في بني سويف بقدرة اجمالية تبلغ 14 الف و 400 ميغا واط.

وأضاف، كما تضمن العقد ايضا 12 محطة كهرباء اخرى في مناطق خليج السويس وغرب النيل. تستخدم هذه المحطات 400 توربين رياح يبلغ مجموع قدرتها 2000 ميغا واط.

واستورد المصريون توربينات غازية ممكن لها ان تعمل بالطاقة الشمسية على سبيل الاحتياط. توفر لمصر امدادات كافية من الغاز الطبيعي لتشغيل المحطات، كما استخدم المصريون الدورة المركبة مما يعني استثمار العادم الناتج عن توليد الكهرباء في الدورة البسيطة باستخدام وحدة بخارية اضافية مما يزيد انتاجية المحطة.

وكذلك استخدم المصريون شركة اوراسكوم المصرية لنصب وحدات سيمنز الغازية في المحطات الكبرى (او على الاقل في 2 منها) وكانت حصة اوراسكوم من العقد مليار و 600 مليون دولار.

واقرت مصر قانون الكهرباء الجديد عام 2015 الذي نظم تسعيرة الكهرباء ورفع هذه التسعيرة بنسبة لا تقل عن 15% لجذب الاستثمار لقطاع الكهرباء المصري.

اهم ما اختلف في عقد سيمنز في العراق الموقع عام 2008 (وقيمته مليار و 900 مليون دولار بالاضافة الى 750 مليون دولار لاعمار محطة بيجي المدمرة) هو:

1- عدم توفر امدادات كافية من الغاز.

2- عدم استخدام الدورة المركبة (اغلب محطات العراق تستخدم الدورة البسيطة ثم تم الاتجاه الى الدورة المركبة بالتدريج).

3- استخدم العراق شركات اجنبية لنصب توربينات سيمنز وكانت 2 منها ايرانية مما اخر المشروع سنة كاملة بسبب عدم موافقة الحكومة الالمانية على التعامل مع الشركات الايرانية بسبب العقوبات على ايران حينها. كما ان احدى المحطات (محطة الصدر) التي نصبتها الشركات الايرانية احترقت اجزاء منها وخرجت لفترة غير قصيرة من الخدمة!

4- تأخر وزارة الكهرباء في منح الاعفاء الضريبي لسيمنز الذي اخر المشروع سنة ونصف!

5- عدم وجود نظام تعريفة كهرباء يغطي التكلفة او يحقق عائد (بالاضافة الى التجاوز على الشبكة الكهربائية في العراق).

6- عدم وجود ادارة مستقرة لقطاع الكهرباء وبعيدة عن اي تأثير سياسي سلبي (خلال السنوات ال 9 الماضية كان وزراء الكهرباء في العراق قاسم الفهداوي ولؤي الخطيب وماجد حنتوش وعادل كريم بينما كان نظيرهم في مصر محمد شاكر ولا يزال).

7- لم يحظ قطاع الكهرباء (و مشروع سيمنز ضمنا) بالاهتمام الكافي حيث احترقت مثلا 44 بكرة قابلوات شحنتها سمنز للعراق في ميناء ام قصر بسبب سوء ظروف الخزن. كما تضررت شبكات ضغط عالي لان سيمنز استأجرت سفن غير صالحة لنقلها الى العراق.

8- عموما كان عقد سيمنز مع العراق اكثر كلفة واقل انتاجية وكان عقدها مع مصر ارخص واكثر انتاجية ويعود ذلك جزئيا على الاقل لعامل الخطر الذي يفرض رفع اسعار الخدمات في اي بلد او منطقة نزاعات مسلحة.

9- اكتمل مشروع سيمنز في مصر خلال 3 سنوات في حين دخلت اولى محطات سيمنز في العراق (محطة الرميلة) الى الخدمة بعد حوالي 5 او 6 سنوات!

10- لم تصل محطات سيمنز في العراق الى انتاجية مرضية ابدا (50% في افضل الاحوال وربما اقل من ذلك بكثير) بسبب انخفاض تجهيز الغاز واستخدام الوقود الثقيل (مما يؤدي الى زيادة فترات الصيانة) وشبكات التوزيع المتهالكة والعمليات العسكرية التي اعاقت اكمال محطتي بيجي ودبس.

11- لم يتم تدريب الكادر العراقي بشكل صحيح حيث اوفد للتدريب بعض - بعض وليس الكل - ممن لا علاقة لهم بادارة وتشغيل المحطات.

12- بشكل عام كان مشروع سيمنز في مصر صديقا للبيئة حيث نصبت المحطات في مناطق نائية نسبيا اما في العراق فقد ادى مد محطة الصدر بالوقود الثقيل وبالاف الصهاريج الى اضرار بيئية في حي يضم اكبر تجمع سكني في العراق بالاضافة الى كلفة الوقود نفسه التي حولت المحطة الى مشروع غير مجد اقتصاديا.

ولهذه الاسباب كلها نجحت سيمنز في مصر وفشلت في العراق!، وفقاً لما ورد في التحقيق.

علق هنا