بغداد- العراق اليوم: حديث فيه الكثير من المكاشفات والوضوح، وايضاً فيه الكثير من الأسى والحزن اللذان يتسربان الى داخل المتابع لما آل إليه الوضع في العراق، خصوصاً في ما يتعلق بملفات إدارة المؤسسات المهمة، وايضا استشراء ظواهر الزبائنية، والتربح على حساب المال العام، واقصاء الكفاءات الوطنية، وابعاد اصحاب الهمم، وتسليط شبكات المافيات التي تريد ان تستحوذ على كل شيء، ولا تبقي للشعب العراقي باقية. نهب موارد، واستنزاف قدرات، وتعطيل طاقات، في اغلب قطاعات الدولة، ولعل الافدح والاكثر إيلاماً ما يحدث في قطاع الصناعة بشكل عام، والصناعة الحربية على وجه الخصوص، فهذا القطاع يبدو أنه يواجه ڤيتو غليظ ودولي لربما، ولا يراد للعراق ان تقوم فيه اي مؤسسة تستطيع ايقاف الاستنزاف المالي المستمر منذ عقود على ملفات تسليح فاسدة، وتصل فيها نسبة المغالاة 400%، كلها تذهب قومسيونات لمختلف الجهات والشخصيات النافذة.
فبحسب الدراجي، فأن العراق انفق خلال الثمان سنوات الماضية ما يقارب الـ 40 مليار دولار امريكي على عقود تسليح وشراء معدات حربية، والواقع ان الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية لا تزال تعيش افتقارا واضحاً في مختلف القطاعات اللوجستية، والتقنية، والحداثة العسكرية التي تعيشها جيوش المنطقة الإقليمية على الاقل، فأين ذهبت المليارات الانفجارية تلك؟
سؤال برسم مجلس النواب والقضاء العراقي الذي يجب ان يفتح ملفات التسليح ومليارات مهدورة، وتدنٍ في القدرات، وضعف في التجهيز، كما يكشف الدراجي عن حربٍ شعواء واجهها الرجل في مرحلتين، الأولى حين تم استيزاره للصناعة، وما ان شرع في تأسيس شركة الصناعات الحربية حتى فتح عليه باب جهنم، وانتهى الرجل مستقيلاً من منصبه، والثانية حين كُلف بقرار حكومي صحيح بإدارة هيئة التصنيع الحربي، والتي بدأت تزداد حضوراً في قطاع الصناعة الحربية الوطنية، وبدأت تنافس في عهده، حتى تمكن رهط من الفاسدين من إيقاف هذا التقدم عبر قرار المحكمة الاتحادية التي نظرت لربما جوانب شكلية، ولم تنظر الجوانب الموضوعية قبل إصدار مثل هذا القرار الذي مثل ضربة قوية لجهود لجم الفساد، وأيضا اعادة الاعتبار للصناعة الحربية الوطنية. مقابلة الدراجي جاءت حافلة بالمعلومات، وصالحة بأن تكون شاهدا حياً على قدرة العقول الوطنية في النهوض بالبلاد، وايضاً دليل على مدى وضاعة بعض الفاسدين، والسماسرة، والمتربحين على حساب الوطن، وكيف يوظفون كل السبل من اجل خدمة مشروعهم اللا مشروع.
*
اضافة التعليق