متابعة - العراق اليوم:
صدر عن دار ميزوبوتاميا للنشر والتوزيع في شارع المتنبي ببغداد الطبعة الأولى من كتاب (يهود عراقيون / ادباء تجري في عروقهم مياه الرافدين) اعداد وتحرير مازن لطيف،ويعد هذا الكتاب الأول من نوعه كونه يحاور كتابا وأدباء يهودا عراقيين.
من خلال العنوان الذي وضعه الكاتب مازن لطيف يتضح ان الكتاب يضم بين جناحيه ارواحا لأدبـاء ومثقفين عراقيين يهود ما زالت عراقيتهم تتوهج في دواخلهم على الرغم من المسافت البعيدة من الزمن التي صارت تفصل بينهم وبين بغداد على الرغم من المعاناة التي عانوها في تهجيرهم من العراق ، والكتاب يفصح عن اراء هؤلاء الادباء عبر حواراتهم التي تمتزج بالحنين والأدب والثقافة والمعرفة .
يقع الكتاب في ١٦٨ من الحجم المتوسط ، يتضمن حوارات مع عدد الادباء من اليهود العراقيين وهم : مير بصري المولود في بغداد قبيل الحرب العظمى الأولى من عائلة عريقة قديمة في بغداد وقد درس في مدرسة (تاون) الاهلية ثم في مدرسة (الاليانس) الفرنسية المتوسطة والثانوية، ودرس فيها العلوم والاداب واللغات الفرنسية والانجليزية والعربية والعبرية،يقول :نشأت في بيئة عراقية حرة ناهضة، لا تفريق فيها بين المذاهب والاديان .
شمعون بلاص روائي وناقد يهودي عراقي من مواليد بغداد عام ١٩٣٠، يقول : نزوحي عن العراق كان اضطرارياً عام 1951 ، وحق العيش في فلسطين أُجبرت عليه،والمهاجرون اليهود من العراق، أو المهجرون، على الأصح،من العراق إلى إسرائيل والذين عاشوا في الخارج لأسباب سياسية وتراكمات أخر كل له دوافعه وأسبابه.
سمير نقاش، ( أفضل أديب في اسرائيل يكتب بالعربية ) كما يصفه شيخ الأدباء العرب نجيب محفوظ. نزح مع أهله من العراق إلى اسرائيل عام ١٩٥١ ،وهو في الثانية عشرة من عمره، يقول : تهجيرنا من العراق كان مأساة ، بجميع المعاني وهي ليست مأساتي وحـدي، بل مأساة يهود العراق لقد كانت هجرتهم أسوأ هجرة إلى اسرائيل فكل مهاجر من بلد آخر كان يحمل جواز بلده وكان بوسعه مغادرة اسرائيل إذا لم تعجبه الأحـوال، أما يهود العراق فقد بيعوا لاسرائيل بكل معنى الكلمة.
نعيم قطان : على الشعوب مراجعةتاريخها، وإذا ما حلمت بالعودة لبغداد أفكر بزيارة الكرادة والبتاوين وشارع ابو نواس وتلك الازقة التي عشت فيها صارت صورها مؤلمة جدا ،اليوم. حزني على العراق هو حزن طفولتي وشبابي الأول. حزني على الأصدقاء الذين عشت وعملت معهم ولدي رسائل أدبية فيما بيننا.
البروفيسور شموئيل موريه (ولد في بغداد عام١٩٣٣،يقول : تركت في العراق طفولتي ومطلع شبابي وذكريات حلوة ومرة. تركت صداقات جميلة وجراحات عميقة خاصة بعد مذبحة الفرهود وتفاقم الكراهية والاضطهاد لليهود بسبب انتشار الآراء النازية واشتعالها من جديد بعد قيام دولة إسرائيل .
البروفسور ساسون سوميخ، ولد في بغداد عام ١٩٣٣ وتخرج عام ١٩٥١ ،وهي السنة التي هاجر فيها إلى إسرائيل عائلتي البغدادية كانت علمانية رغم انتمائها إلى الجالية اليهودية ،تعر فت على المرحوم محمود درويش وهو بعد شاعر ناشيء،وذلك حين انتقل للسكن في حيفا في أواخر الخمسينيات، وكان أحيانا يفاجئني بقصيدة جديدة من قصائده قبل نشرها. وأنا من جماهير عشاق شعر درويش.
،سامي ميخائيل: فكتوريا عادت لزيارة موطنها ، لو تحققت الاحلام لكنت طلبت قضاء الاسبوع الاخير من ايامي في هذا الكون في بغداد استنشق فيها رائحة دجلة ثم اتمعن في وجوه ابناء وبنات اصدقائي الذي قتلوا بالرصاص أو أعدموا أو لاقوا حتفهم في السجون من مسلمين ومسيحيين ويهود – لقاء الشعب العراقي.
إيلي عمير (واسمه في سجل النفوس البغدادي: فؤاد الياس خلاصجي) روائي عراقي، هو كاتب وناشط إسرائيلي/ عراقي ولد في بغداد في٢٦سبتمبر/ أيلول عام ١٩٣٧م هاجر مع أسرته من إلى إسرائيل عام ١٩٥٠م، يقول :بغداد مسقط راسي وتعشش في ذاكرتي وفي مخيلتي، استنادا إلى تجربتي وتمسكي بالتراث العراقي الذي يلازمني ويغشو جلدي وصميمي، فأنني اعتقد ان الجذورالعراقية الروحية ستلازم الأجيال القادمة بفضل الكتب والبحوث لأدباء وشعراء من يهود العراق إلى جانب التقاليد والتراث التي تنتقل بصورة شفوية.
ألموج بيهار وتسيونيت فتال : إنني بنت لعائلة من مواليد بغداد غــادرت إلى اسرائيل عام ١٩٥١ مع معظم العائلات اليهودية في العراق بعد إسقاط جنسيتهم ومصادرة ممتلكاتهم قبل سنة صدرت لي رواية (صور على الحائط)، وتدوراحداث الرواية في بغداد في النصف الأول من القرن العشرين، هذه الرواية هي نتيجة الشوق إلى والداي اللذين توفيا فجأة قبل عشر سنوات.
وتضمن الكتاب ايضا اهداء من المؤلف (إلى الأقرب للروح والقلب والعقل ..ريم القمري) مع مقدمة جاء فيها : مضى على تسفير يهود العراق مكرهين ستة عقود، وثمة القليل ممن ما يزال بين الأحياء من الأجيال السالفة يتذكر ويذكر وهجهم الذي زها به الطيف العراقي، وأنتج في حينها ثقافة وصحافة هي الأرقى في تاريخ العراق منذ بداية أزمنة الدعة الحضارية قبل سبعة قرون خلت.
واضاف :وكم نتأسف على الأجيال الصاعدة جهلها بسيرتهم وسـمات إندماجهم العضوي داخـل الكيان العراقي. ومـا زال الخطاب العام بالثقافة العراقية متشنجا بصددهم، بعد أن استنام إلى ماض قومي متحجر وطائفي شوفيني متعجرف، أوغل في مسخ الهوية الثقافية والذاتية العراقية وتهميش باقي الأقليات العريقة التي كونت في السابق عبقرية العراق الفذة.
وختم بالقول : لقد خسر العراق بتهجير هذا الرعيل المثقف والوأعد في منتصف القرن العشرين الكثير من الكفاءات الأدبية والثقافية والصحافية.