ماذا تعرف عن الإذاعة التي أرعبت نظام صدام والأحزاب الشوفينية الكردية.. بمسجلين وبطانيتين وجنريتر.. إذاعة صوت الشعب العراقي تقاتل عشر سنوات

بغداد- العراق اليوم:



كتب المحرر السياسي في (العراق اليوم) مع الفيديو:

انها حقاً سنوات التحدي والنضال ومقارعة اعتى ديكتاتورية عرفتها المنطقة العربية بل والعالم بأسره، انها الايام الخوالي التي دشن فيها رجال اشداء صفحة المواجهة المسلحة للمرة الأولى مع نظام البعث المتجبر، وتنادوا في حركة ثورية يسارية - شيوعية- أسمها " الانصار"، ليكتبوا فصلاً مهماً من فصول سيرة حزب عراقي صميمي، نضالي لم يعرف السكون منذ ولادته، انه الحزب الشيوعي العراقي الذي يعد بحق مفجر ثورة الكفاح المسلح الثوري التقدمي ضد نظام البعث. 

ولأن الحزب وكوادره تؤمن إيماناً قاطعاً بأهمية الكلمة ودورها في النضال الوطني، فكانت تحرص على الدوام ان تكون الكلمة حاضرة ومشعة وقوية، بدءاً من صحافة الحزب الشيوعي العراقي التي رسخت منهجاً في الصحافة التقدمية واصبحت مدرسة يشير لها الباحثون عبر كل العقود، وصولاً الى ولادة اول اذاعة عراقية معارضة تنطق باللغتين العربية والكردية في شمال العراق، بدءاً من العام 1979 حين فاتح سكرتير الحزب آنذاك الراحل عزيز محمد، احد كوادر الحزب ويدعى سالما، والذي كان يدرس في المعهد الحزبي بموسكو، حيث ابلغه ان الحزب حصل على اجهزة اذاعة متكاملة وستنقل للعراق لتبدأ العمل كمحطة تفضح النظام المجرم، وتحرض ابناء الشعب العراقي على الثورة ضد الإستبداد السياسي المتفشي .

ومن هنا انطلقت ( اذاعة صوت الشعب العراقي) من كردستان، بل من مرتفعات كردستان في اشد ظروف الحرب قسوةً، وفي اكثر الأيام سواداً لكنها كانت ايام حافلة، فلقد اسمع بضعة من المناضلين الأصلاء، الصوت المغيب لكل من وصله وقتها اثير تلك الاذاعة الجديدة، فكانت هذه الإذاعة مدرسة شيوعية نضالية صادقة، عمل فيها خيرة مثقفي الحزب آنذاك، كالاعلامي والشاعر محمد حسن الشرقي والشاعر المعروف عواد ناصر، والصحفي والأديب المعروف زهير الجزائري وغيرهم من المع من عرفهم العمل الاذاعي والثقافي والاعلامي في العراق.

لقد مرت هذه المحطة الإذاعية بحسب من وثق لها بمرحلتين، الأولى منذ اوائل الثمانينات من القرن الماضي الى واقعة حادثة بشتاشان الدامية، حيث قام جلال طالباني ونو شيروان مصطفى وأتباعهم بارتكاب افظع جريمة بحق الحزب الشيوعي وحركة الأنصار في هجوم دموي غادر، استشهد فيه عدد من كوادر الحزب واعلامييه، واحرقت الإذاعة للأسف في هذه العملية الجبانة.

وبالعودة الى بدايات عمل هذه  المحطة الاذاعية، يروي بعض من عاصروا أيامها الأولى، بالقول: كانت تلك الصفحة صعبة وحرجة، فلم يكن لدى من عملوا في هذه الإذاعة وسائل تقنية حديثة او مقبولة حتى لإدامة زخم العمل الاذاعي المطلوب، فلم يكن معهم سوى مرسلة وجهازي تسجيل بسيطين، وكذلك بطانتين ومولدة كهرباء بسيطة، لكن الإيمان بعدالة القضية وشرفها كان اكبر من تلك التحديات، فأرعبت تلك الأصوات الشجاعة، اسطورة ذلك النظام الدموي، بل وارعبت حتى الاحزاب الكردية الشوفينية آنذاك، فانبرى رجال الطالباني ليرتكبوا جريمة يندى لها الجبين، ويقضوا على الصوت النضالي من بشتاشان او هكذا ظنوا وقتذاك.

لكن الأيام اللاحقة كشفت عن إستمرار عمل هذه الاذاعة وصولاً إلى العام ١٩٩٢، حيث كان صوتا مقاوماً لعنجهية ودكتاتورية النظام الاجرامي، ودخلت في سجل تاريخ الإعلام المعارض، كواحدة من صفحات المواجهة المستمرة.

مجداً لتلك الصفحة الناصعة، والوقفة الباسلة لتلك الإذاعة العراقية الثورية، وطوبى لتلك الأصوات الوطنية التي واصلت رسالتها في فضح أعداء الحياة والحب والجمال، رغم قسوة الظروف، وقسوة الرد الصدامي الشرس الذي طال حتى عوائل من كان يظهر صوته في تلك الإذاعة، خصوصاً العوائل الشيوعية التي ظلت رهينة لدى أجهزة الأمن البعثية الفاشية، ولم تتمكن من المغادرة مع أبنائها وبناتها الذين التحقوا بصفوف الأنصار، أو الذين ذهبوا الى الدول التي استقبلتهم.

علق هنا