بغداد- العراق اليوم: بكل صفاقة ووقاحة وعنجهية وغطرسة، يتعامل المسؤولون الأتراك مع العرب عموماً والعراق خصوصاً، بل ولا زالوا يظنون ان هذه الدول لا تزال ولايات وسناجق تابعة لامبراطورية الرجل المريض، وان بإمكانهم ان يأمروا هذه الدولة او تلك بما يشتهون، وما على تلك الدول الا السمع والطاعة العمياء دون نقاش. انه مرض نفسي ينتاب اوردغان وفريقه المحيط به، فالرجل الذي يتقمص دور السلطان العثماني، ويريد ان يجلس على دست حكمه في انقرة، فيأمر ويطاع في دمشق وبغداد والقاهرة وطرابلس وغيرها من عواصم العرب، ولكن هذه احلام يقظة، وافكار بائسة تنطلق من عقدة طورانية متأصلة وعداء لما هو عربي بالمجمل. نعم، تركيا اليوم قوية وقادرة، ولكنها لا يمكن ان تتمرد على المجتمع الدولي، ولا يمكنها ان تواجه عواصف تثيرها دول مجاورة، واعباء وأوراق ان شاءت تلك الدول اللعب بها، فإن اوردغان وفريقه لن يجدوا مفراً من مواجهة استحقاقات عظيمة، ومكلفة ومرهقة. لعل حزب العمال الكردستاني التركي وجناحه العسكري المسمى بـ PKK الذي يناضل من اجل حرية اكثر من 17 مليون كردي تركي يعيشون في جنوب تلك الدولة العنصرية، ويعانون ظروفاً غاية في الصعوبة والتعقيد والأهمال، فلم يجدوا امام غطرسة وعدوان وازدراء الحاكمين في تركيا، الا ان يلجأوا الى الكفاح المسلح، وان يدفعوا بابنائهم الى الالتحاق بهذه المنظمة التي تخوض منذ ثمانينات القرن الماضي حرباً ضروساً ضد الالة العسكرية التركية، ولم تستطع تركيا رغم التسهيلات والتنازلات التي قدمها نظام صدام حسين في تسعينات القرن الماضي من استئصال هذه المنظمة، بل زادت قوتها وانتشرت وتوسعت قاعدتها، ولا تزال تحظى بدعم شعبي واسع من قبل الشعوب الكردستانية في تركيا والعراق وسوريا وإيران أيضاً. لسنا في وارد الدفاع عن حزب العمال الكردستاني التركي، ولا نحن من مؤيديه، لكننا نقول لوزير خارجية تركيا الذي يطلب او يأمر العراق ان يصنف منظمة العمال الكردية منظمة إرهابية! ان الأفضل ان لا يزج أوغلو بلداً مثل العراق في مثل هذا الصراع، والافضل ان يبحث الاتراك عن حلول عملية وواقعية لهذه المشكلة الديموغرافية والاجتماعية، لا ان يصدروها للدول المجاورة، وان يحاولوا استخدام اوراق ضغط في صراعهم الداخلي هذا. هي دعوة أيضاً للمسؤولين في بغداد ان يستخدموا كل الأوراق المتاحة في سبيل الجلوس الى طاولة مفاوضات قوية وصارمة لانتزاع حقوق العراق، وان لا يقدموا خدمات مجانية لهذه الدول، فبدلاً من الإستجابة لمثل هذه الطلبات، عليهم ان يقولوا للأتراك ان المسائل المتعلقة بالشؤون الداخلية لا يمكن للعراق ان يحشر فيها، وان التصنيف بهذه الأصناف ليس مزاجاً خاضعاً لاهواء معينة، قدر ما هي توصيفات قانونية مرسومة في الشرائع الدولية، ووصفتها المنظمات العالمية وفصلتها بشكل وافٍ.
*
اضافة التعليق