بغداد- العراق اليوم: عملياً ترى مصادر سياسية مراقبة، ان خطوات التصعيد الأخيرة التي دفع بها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر جاءت لمنع بلوغ الإطار التنسيقي ( الغريم التقليدي) من تحقيق مأربه، خصوصاً مع الحديث عن تمكن القوى الكردية من تجاوز عقبة رئاسة الجمهورية، مما عنى او قرأه الصدر، بأن المحطة الأخيرة التي كان يعول عليها قد تهاوت، فالقطار كما يبدو يمضي متجاوزاً بسرعة لا متوقعة. تظاهرات امس الأربعاء، وان كانت غير قانونية، وطالت مؤسسات الدولة الرسمية، ومست جزءاً من هيبة الدولة وكيانها، الاٌ ان الجيد فيها، انها ظلت سلمية، ولم ترق فيها الدماء والحمد لله، حيث ظلت ضمن إطار الاحتجاجات الواضحة، خصوصا انها معروفة المصدر، وواضحة التوجيه والتبني، وايضاً فإن هدفها هو منع استكمال جلسة اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، واعلان تكليف مرشح الأطار لرئاسة الحكومة محمد شياع السوداني. هذه التظاهرات الشعبية التي انطلقت مساء الاربعاء، لم يكن الإعداد لها واضحا من ذي قبل، واتت على عجالة لمنع استكمال إجراءات الجلسة، مما يعني انها ليست الا تكتيكاً ضمن ستراتيجية لم تكتمل ملامحها بعد في فكر الصدر الذي لا يزال يتلقى همساً او علناً بعض العتب على طريقة انسحابه الغامضة من مجلس النواب، واهدائه لاكثر من سبعين مقعداً نيابياً لخصومه في الاطار التنسيقي. لقد كان معلوماً ومتوقعاً ان يواصل الصدر النضال من اجل استعادة موقعه السياسي وزخمه النيابي، ولكن قد تبدو الطريقة مغايرة، اذ عمد الآن لتحريك الشارع، وتغليب صوت الجمهور في ايصال الرسائل التي قد تسلمها الاطاريون اليوم، وعرفوا مقصدها، ولربما سيترجمون ردهم عليها، بخطوة الى الوراء، ليس اقلها التخلي عن المضي بتمرير السوداني وحكومته التي ستعني قطع العلاقة نهائيا مع الصدر وتياره، وستعني أيضا المواجهة بشكل او بآخر. نعتقد أن الأمور لن تبقى في الوسط، ولا بد من إجراءات سريعة لمعالجة هذا الشد السياسي العصيب، وقد يكون تنحي السوداني أحد الحلول، اذ ان مضيه في هذا الشوط الى نهايته سيعني كسر أرادات سيتعسر جبرها فيما بعد. أخيراً، فإن العراقيين لا يتمنون غير السلام والأمن والحياة الحرة الكريمة، ولعل أكبر أمنياتهم اليوم باتت تتلخص في حفظ دماء أبنائهم بعد أن أريقت منهم دماء غزيرة خلال العقود الأخيرة، فهل سيحفظ الصدر والمالكي وبقية المتخاصمين دماء العراقيين، ويرمون خصوماتهم خلف سدة التاريخ؟!
*
اضافة التعليق