بغداد- العراق اليوم: هل قال الاعرجي كل الحقيقة في بيان الإعتذار الذي أصدره أمس، ام أنه لم يقل سوى نصفها، ام ياترى أن الرجل فضل الكتابة باللغة الدبلوماسية واستخدام النسخة او الصيغة الوسطية في كتابة هذا الاعتذار المهم، خاصة وإن معلوماتنا تقول أن قاسم الاعرجي كتب هذا الاعتذار بيده، وبنفسه شخصياً! (العراق اليوم) يجيب عن كل هذه الاسئلة، ويكشف السبب الحقيقي للاعتذار. في البدء نود أن نقول، أن العراق يمر اليوم في ظرف دقيق وحساس ومعقد، وبينما توقعنا أن الترشيح الاخير لمستشار الامن القومي قاسم الاعرجي، قد لامس شريان الحقيقة، ونبض الواقع السياسي، وهو الأمر الذي قرأه المراقبون على انه ايذان حقيقي باجتياز العقبة الكأداء، وان الترشيح قد يكون مفتاحاً لانسداد سياسي طال اكثر مما ينبغي، خصوصاً وان ترشيح (السيد قاسم) بدا انه خيار عقلاني، وإذا به يفاجئ الشارع العراقي باعتذاره عن المنصب، معللاً ذلك بأنه ضمن مساعيه للمساهمة في حلحلة الانسداد السياسي المستمر في البلاد. لكن هذا التبرير او السبب لم يبدُ كافياً خصوصاً وان الرجل كان قاب قوسين أو أدنى من اهم منصب تنفيذي في الدولة، وكانت مهمته ستبدو اسهل واقل وعورة من غيره، نظراً لحجم القبول السياسي والاجتماعي الذي يحظى به الرجل، فضلاً عن قبوله الإقليمي والدولي. فماذا حصل بالضبط، وما هي كواليس الاعتذار، وما هي الساعات التي سبقت هذا القرار التاريخي؟ ( العراق اليوم) بحث في كواليس الحدث، والتقط السبب الرئيسي والحقيقي لهذا الإعتذار الذي أصاب الشارع العراقي بالدهشة، والمرارة، من مصادر سياسية خاصة، بعضها قريبة جداً من الاعرجي بل هي ترافقه مثل ظله، حيث أشارت ل( العراق اليوم) بأن " التكليف كان قريباً من الاعرجي، خصوصاً وان قوى الاطار التنسيقي عدا طرفين، كانت مجمعة على تكليفه شخصياً، وان الامور كانت تسير باتجاه انهاء هذه المعضلة المستمرة، لكن الامور تعقدت بعد تمسك ائتلاف دولة القانون بالمنصب بقوة، بحيث كاد اصرار المالكي ان يؤدي الى تفكك الاطار التنسيقي وانهياره، خصوصاً مع دعم واسناد كتلة الصادقون النيابية التابعة للعصائب له، إذ اصرت هاتان الكتلتان على ان يذهب المنصب الى المالكي او من يختاره هو اذا لم يستطع المالكي ان يجتاز عقبة الاعتراضات الواسعة على شخصه". واكدت المصادر الخاصة ان " رغبة المالكي قوية بالعودة للحكم، سواء عبر شخصه، او من يختاره هو شخصياً، ولذلك وجد الاعرجي نفسه في حل من ترشيح قد يتسبب بانهيار اخر القوى السياسية الشيعية، فضلاً عن رفضه تنفيذ اية مشاريع ذات توجهات خاصة تتبناها الكتل المعترضة على تكليفه بالمهمة". واستغربت المصادر من اصرار الحاج أبو اسراء على العودة للحكم مجدداً، لاسيما انه مرشح استفزازي، بل وتصادمي مع القوى الشيعية ذاتها حسب توصيف هذه المصادر، فضلاً عن رفض سني - كردي قاطع". ولفتت المصادر الى ان " ما تبقى الان في حلبة التنافس هم فقط مرشحو المالكي لاغير، وان الساحة الآن لا تضم من المرشحين المتبقين سوى من اختارهم المالكي ليتحكم عبرهم برئاسة الحكومة المقبلة ، وهو امر بالغ التعقيد والخطورة كما نعتقد، وقد يؤدي لاحراق العراق وادخاله في نفق الصراعات او ربما الاقتتال الداخلي، فالسيد الصدر المنتبه جداً للأوضاع، والمتابع بدقة لما بجري بحثه في اجتماعات الاطار التنسيقي، لا يمكن قطعاً أن يستسلم، أو يسلم الحكم الى المالكي أو الى أي من أتباعه". واشارت المصادر أيضاً، الى ان " القوى الشيعية والكردية والسنية هي الأخرى سترفض اي مرشح يأتي برغبة المالكي والعصائب دون رغبات الآخرين، خاصة وأن المالكي يطمح بالعودة الى الواجهة شخصياً، أو بمرشح ظاهري فيما سيكون الباطني هو بالتأكيد". إذن، فإن سبب إعتذار الاعرجي يعود لرفضه من قبل العصائب، والمالكي. والسؤال؛ إذا كان المالكي يرفض الاعرجي لسبب بات الان معلوماً، لم ترفض العصائب قبول ترشيح الاعرجي؟ والجواب كما تقول المصادر ذاتها، أن لدى عصائب أهل الحق (مشروع خاص)، وهذا المشروع قد يتقاطع مع توجهات وأفكار الأعرجي في إدارة الدولة، أو أن الاعرجي لن يساعدها في تنفيذه بما يحمل من توجهات فكرية وإدارية.. لذلك اعتذر الاعرجي عن قبول الترشيح حفاظاً على وحدة الموقف الشيعي، وعلى صيانة وسلامة أمن المجتمع العراقي، مضحياً بمنصب مهم تتقاتل عليه ومن اجله، أغلب الشخصيات والاحزاب والكتل السياسية والنيابية .
*
اضافة التعليق