الكاظمي اليوم الى إيران.. زيارة أم تجارة ؟!

بغداد- العراق اليوم:

من المؤمل ان يتابع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي جولته الإقليمية الى العاصمة الإيرانية طهران في اطار جولة إقليمية وزيارة عمل تندرج ضمن الجولات الطبيعية التي يقوم بها رؤساء الحكومات، وايضاً في إطار استكمال مباحثات سعى الكاظمي شخصياً لإجرائها بين البلدين اللذين تصارعا كثيراً في ساحات ( العراق - سوريا - لبنان - اليمن - البحرين)، ولذلك كانت مبادرة الكاظمي التي أطلقها منذ حوالي العامين، جزءاً من حراك يستهدف خفض التوتر، لاسيما ان البلدين قطعا علاقتهما الدبلوماسية منذ عام 2017.

 هذا الظاهر والمعلن من الزيارة الى ايران، لكن الغاطس كما يرى المراقبون قد يكون ابعد من ذلك، سيما ان العراق يعيش مخاض التشكيل الحكومي الجديد، في ضوء تغيرات فرضتها الساحة السياسية، وخروج فواعل سياسية، وبزوغ نجم فواعل اخرى، مع تحولات راديكالية في موازين القوى.

وفي التفاصيل، فأن من يقرأ الزيارة من نقطة ابعد من التناول الإعلامي السطحي، سيرى بحسب المراقبين، ان الكاظمي يستهدف (تقرباً) دولة ذات تأثير ونفوذ كبيرين في الداخل العراقي، وبالتالي هو يريد ان يمد معها جسور إضافية، وقد يكون دفع ما يقارب الملياري دولار ( كاش )، كمستحقات عن الغاز الإيراني المورد للعراق، عربوناً لذلك، في وقت عجزت او تكاسلت او غضت النظر فيه حكومات كانت تحسب على المحور الإيراني بشكل أو بآخر عن فعل ذلك، لكن الكاظمي انجز المهمة المتأخرة، وتحمل كلف هذا الأمر داخلياً او خارجياً.

وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول مراقبون ان ما قدمه الكاظمي في هذه الجزئية بالتحديد لم يجرؤ اي رئيس وزراء قبله على اتخاذها، وقد تكون هذه الخطوة قاعدة مهمة، وبوابة ليناقش الرجل مع الإيرانيين ملف ولايته الثانية، في ظل المتغير الجديد.

كما ان الكاظمي قاد وبنجاحٍ واضح، ملف مواجهة مساعي المملكة العربية السعودية، عزل ايران عن محيطها الإقليمي، بل وقاد بنفسه مشروع التقارب، ومكنت جولات بغداد للحوار، الجانب الإيراني ان يُسمع رأيه للجانب السعودي بأريحية واسترخاء، وبدون ان يتقاضى الكاظمي ثمناً شخصياً لهذا الجهد الكبير، فضلاً عن ذلك، فأن الدعم العراقي لدولة لبنان، عن طريق دعمها بمادة النفط الاسود لتشغيل محطاتها الكهربائية، كانت جزءاً من تعاون عراقي مع الجانب الإيراني، وجزءاً من سياسة التقارب التي عملت عليها حكومة الكاظمي.

 وترى المصادر السياسية ان الزيارة أيضاً تأتي في إطار تهدئة المخاوف الايرانية من قمة الرياض، واظهار موقف الرجل غير المعادي لإيران، في ظل بيئة سياسية تغيرت جذرياً في بغداد، اذ تعد مشاركة الكاظمي في هذه القمة مخاطرة سياسية عالية المستوى، ولذلك فأن زيارته طهران تعد جزءاً من سياسة احتواء تلك المخاطر، واقتراباً قد يؤثر في فك عقدة الرفض التي يضعها الآن الصقور في الإطار التنسيقي، الذين يلوحون بمنع حصول الكاظمي على ولاية اخرى.

خاصة وأن الرجل قد إستبق زيارته لطهران بزيارة سريعة ومفاجئة الى جدة، إلتقى فيها برجل السعودية القوي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 وتضيف المصادر  ان " شروع الكاظمي بهذا الحراك استباقاً لبدء ماراثون الترشيحات، وانطلاق بورصة الاسماء المختلفة، ومحاولة ترجيح كفته على اي منافس محتمل، كانت هذه المرة من خلال التحركات السريعة المفاجئة، والخطوات غير المسبوقة، وقد يكون الكاظمي يمارس حقه المشروع في البحث عن تجديد مهمته، لكنه لا يختلف أيضاً عن رؤساء الحكومات الذين سبقوه لهذا الموقع، اذ عملوا جاهدين للحصول على فرص اضافية، وجربوا كثيراً بعض هذه التحركات ، ولا داعي لذكر الأسماء التي أستقتلت من قبل كي تجدد الولاية لها مثنى وثلاث".

واشارت المصادر الى ان " الكاظمي وحكومته دفعوا مبالغ لتغطية ديون الغاز الإيراني وصلت الى مليار ونصف المليار دولار، في وقتٍ كان يمكن ان تجدول هذه الديون، وان تقسط، لاسيما أن الاقتصاد العراقي يعاني من ازمات، وان الحكومة عانت عجزاً مالياً اضطرت معه لاتخاذ إجراءات صعبة، خفضت قيمة الدينار العراقي الى مستوى كبير، مما تسبب في اتساع رقعة الفقر والبطالة، وايضاً تدهور الوضع المادي لدى الطبقة الوسطى التي فقدت جزءاً لا يستهان به من مدخولاتها الشهرية".

واكدت المصادر  على إمكانية تأجيل دفع مثل هذه الأموال الى وقت لاحق، والاستفادة منها في حقل اخر، حتى لا يفسر دفعها على انه جزء من التوظيف للكسب السياسي، وإن التقارب مع الجانب الإيراني قد ينعش حظوظ الكاظمي في ظل تخبط واضح تعيشه قوى الاطار التنسيقي التي باتت تطرح أسماء متعددة، مثل محمد شياع السوداني وبهاء الاعرجي، وعلي علاوي، وغيرها من الأسماء الاخرى، لكن اقتراب الكاظمي هذا، قد يرجحه على غيره في ظل ما يؤديه من دور إيجابي بل وكبير لمصلحة إيران بحسب الرؤية الإقليمية ".

علق هنا