بغداد- العراق اليوم:
يعول العراق على الاستمرار في اعتماد سياسات نقدية مرنة لتجاوز أزماته المالية والاقتصادية، خاصة في ظل انتفاخ خزائن البنك المركزي باحتياطات هي الأكبر منذ سنوات مدفوعة بطفرة أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية.
ويعتبر المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح السياسة النقدية للمركزي مارست وما زالت أداء دورها الكبير في تعزيز الاقتصاد ودعمه ومؤازرته في السيولة والاستقرار وإدارة الموارد النقدية.
وأكد أن ركني هذه السياسة، الأول التيسير الائتماني ومنح السوق النقدية بالسيولة الكافية عبر مبادرات البنك المركزي المستمرة في بلد ويعتمد بنسبة 97 في المئة على إيرادات النفط لتمويل الموازنة السنوية.
أما الركن الثاني فيتعلق بسياسات التيسير الكمي لدعم سيولة الاقتصاد الكلي عموما بتحريك عمليات السوق الثانوية وبنطاقات محسوبة ودقيقة للخروج من مأزق العجز المالي وتدهور الاستدامة المالية للبلاد بالاعتماد على روافع السيولة الداخلية.
ويشكّل الفساد الذي كلّف العراق ما يساوي ضعفي إجمالي ناتجه الإجمالي، أي أكثر من 450 مليار دولار، أبرز هموم العراقيين الذين يعانون من نقص في الكهرباء والمستشفيات والمدارس.
كما تعبّد البيروقراطية المملّة طريقا إلى امتصاص موارد الدولة في بلد يحتل المركز 162 على مستوى العالم في سلم الفساد، الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية سنويا.
وفي ظل ضعف كبير في قطاعي الزراعة والصناعة وغياب أي إمكانية للحصول على عائدات منهما تشكّل رسوم الجمارك المصدر الأهمّ للعائدات، التي تجد الحكومة الاتحادية صعوبة في تحصيلها.
وتتوفر للعراق الآن فرصة حقيقية لتعديل أوتار الاقتصاد بعدما وصل احتياطي العملة الصعبة إلى أكثر من 70 مليار دولار، بما يعادل ثلاثة أضعاف الدين العام لثاني أكبر منتج للنفط الخام بعد السعودية في منظمة أوبك. وكان المركزي قد أعلن في ديسمبر الماضي عن بلوغ احتياطاته من العملة الأجنبية حوالي 64 مليار دولار.
ونسبت وكالة الأبناء العراقية الرسمية إلى صالح قوله إن “البنك المركزي استعاد احتياطاته من العملة الأجنبية”. وأضاف “قيمة الاحتياطات سجلت رصيدا يزيد على ثلاث مرات الديون الخارجية الحكومية الواجبة الدفع خلال الفترة بين 2022 و2028”.
ويتوقع البنك الدولي أن ينمو اقتصاد العراق هذا العام بنحو 8.9 في المئة مع توقف إجراءات تقييد الإنتاج المدرج في اتفاق أوبك+ فضلا عن تجاوز إنتاج البلد معدلات 4.6 مليون برميل يوميا التي كانت قبل الجائحة. وكان الاقتصاد العراقي قد نما العام الماضي نسبة 1.3 في المئة بعد انكماش حاد بحوالي 11.3 في المئة.
وواجه العراق بين عامي 2020 و2021، أي خلال الجائحة عجزا ماليا جراء حرب الأسعار في أسواق الطاقة العالمية وخفض كميات الإنتاج النفطي تحت تأثير اتفاقات تحالف أوبك+ وتدهور الطلب العالمي على الخام.
وقبل ذلك تعرض البلد إلى أزمة مزدوجة خلال الفترة بين 2014 و2017 إذ تدهورت فيها أسواق الطاقة وعائدات النفط بين هذه الأعوام رافقتها ظروف أمنية مشددة تتمثل في الحرب على الإرهاب.
وقال صالح “تحت هذه الظروف القاهرة أدت السياسة النقدية للمركزي الدقيقة وبخطوات محسوبة عملية بناء مرتكزات تعظيم سيولة الاقتصاد سواء بالسير بمبادرة البنك في تنشيط القطاع الحقيقي بقروض ميسرة تعاظم فيها عنصر المنحة”.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حجم تلك القروض قارب 8.9 مليار دولار لدفع نشاط القطاعات الإنتاجية وتحفيز سوق العمل ودفع نشاط القطاع الخاص إلى الأمام.
وكان المركزي قد دعم السيولة الحكومية وإسناد فاعلية الاقتصاد الحكومي والمالية العامة بخصم حوالات خزينة حكومية شكلت قرابة 67 في المئة من إجمالي الدين العام تحملها البنك من إجمالي رصيد الدين البالغ نحو 50 مليار دولار.
*
اضافة التعليق