بغداد- العراق اليوم:
تمكنت القوات العراقية من تحقيق مكاسب ميدانية أدت إلى خسارة تنظيم داعش لمناطق خاضعة لسيطرته في العراق.
وفي الوقت الذي انتشر فيه تنظيم داعش بوتيرة سريعة عام 2014، بدأت مساحة سيطرته تتآكل بسرعة أكبر في العام 2016، ما دفع الخبراء إلى التساؤل حول البؤرة القادمة التي ستتوجه لها عناصره بعد طردها من العراق وسوريا؟
وكشفت الأمم المتحدة أن تنظيم داعش تحول من حالة الهجوم إلى حالة الدفاع وبدأ يفقد القدرة على تجنيد عناصر جديدة للانضمام إلى صفوفه بعد الخسائر التي تعرض لها في الآونة الأخيرة.
ويتعرض داعش إلى ثلاث هجمات رئيسية، الأولى في الموصل والثانية في مدينة الباب حيث تهاجمه قوات تركية وأخرى سورية معارضة من جهة، والجيش السوري من جهة أخرى، وفي الرقة التي يتعرض فيها لهجوم من قبل قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي.
وخسر التنظيم 50 بالمئة من مساحاته في العراق و20 بالمئة منها في سوريا، قبل أن ينهي العام الثاني من سيطرته عليها، وفق تقرير لمجلة “ميليتاري تايمز” الأميركية المختصة في الشؤون العسكرية والإستراتيجية.
وأفادت دراسة نشرتها مؤسسة “إي اتش إس ماركيت ” للأبحاث أن تنظيم داعش خسر في 2016 نحو ربع مساحة الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرته في سوريا والعراق، في تراجع قالت عنه إنه “قد يهدد ترابطه”.
وقالت المؤسسة البحثية ومقرها لندن في دراستها، إنه خلال 2016 تراجعت مساحة دولة داعش التي أعلنها التنظيم في هذين البلدين من 78 ألف كلم مربع إلى 60 ألفا و400 كلم مربع، أي ما يعادل تقريبا مساحة كوريا الشمالية.
وذكر المحلل في المؤسسة “كولومب ستراك” في الدراسة أن “التنظيم عانى في 2016 خسائر في مناطق جوهرية لمشروعه الهادف إلى الحكم”.
وأدت خسارة هذه الأراضي إلى انشقاقات في صفوف الارهابيين بشأن كيفية الرد على هذه الهزائم، الأمر الذي يهدد ترابط التنظيم".
وقال لودوفيكو كارلينو، وهو محلل في مؤسسة “إي اتش إس ماركيت”، إن “هذه الهزائم تعرِّض تنظيم داعش لخطر حصول انشقاقات بدفع من جماعات جهادية منافسة في سوريا، أو حتى إمكانية حصول انفجار داخلي”.
وردا على هزائمه، سيحرص تنظيم الدولة داعش على البحث عن خيارات انتقامية واعتماد آليات تنبئ بفصل جديد من العمليات الإرهابية، كآليات الذئاب المنفردة والانتقال من منطقة إلى أخرى، وخاصة باتجاه القارة الأوروبية القلقة بشدة من هجمات انتقامية.
وأظهرت عدة تقارير دولية، من أهمها تقرير صحيفة “ذي تيليغراف” البريطانية، نشرته قبل أيام، قدوم الآلاف من عناصر التنظيم من بلدان أوروبية ووسط آسيوية، عدا عن روسيا والصين وغيرهما.
وتصدّر الدول المستقبلة فرنسا وروسيا، اللتين صدّرتا معا قرابة ألفين و500 مقاتل إلى سوريا والعراق منذ بداية الأزمة.
وكانت عناصر مرتبطة بالتنظيم نفذت أعمالا إرهابية في فرنسا وبلجيكا خلال العامين الماضيين، إلا أن اتخاذ التنظيم لقرار استراتيجي بالتخلي عن مشروع إقامة الدولة، والاكتفاء بالقيام بهجمات في الدول الغربية، سيفقده العنصر الذي يميزه عن تنظيم القاعدة، وفق ما أكد الباحث والخبير السوري، سنان حتاحت في تصريحات صحافية.
ويرجح ألبريشت ميتسغر، الباحث الألماني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أن تقوم عناصر داعش أو بعض قياداته بالتمركز في ليبيا أو أفغانستان، لقدرة التنظيم هناك على إعادة الانتشار وتوفير الحاضنة.
ويعزز فرص التنظيم في ليبيا ثراؤها بالنفط وقربها من أوروبا وأهميتها بالنسبة إلى القارة العجوز، لتحولها إلى منطلق لمئات الآلاف من اللاجئين العابرين إلى شواطئها من أفريقيا والشرق الأوسط، الأمر الذي قد يجر دولها إلى مستنقع ليبي يجد فيه التنظيم فرصته للاستمرار.
وبالرغم من أن داعش تلقى ضربة قوية في ليبيا بعدما تم طرده من معقله الرئيسي في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، والبلدات التي كان يسيطر عليها في المنطقة على طول 250 كلم، في الفترة ما بين 2015 وبداية 2017، لكن عناصره فرت إلى شعاب الصحراء الليبية خاصة في الوديان القريبة من بلدة بني وليد (جنوب شرق طرابلس) أين تعرضت لضربة جوية أميركية مركزة قضت على نحو 80 عنصرا منها.
وفي أفغانستان، يتشابه الوضع مع سوريا والعراق، حيث يتواجد الشيعة، وتوجد حاضنة ناقمة على الغرب والحكومة المحلية والدول المحيطة، ويوجد تاريخ لـ”الجهاد” فيها.
وقد يسعى التنظيم إلى استثمار جميع تلك العوامل لصالحه، حيث يركز جناحه في أفغانستان، “ولاية خراسان”، على استهداف أقلية “الهزارة” الشيعية هناك (تتركز في منطقة هرات غربي أفغانستان على الحدود مع إيران)، في مسعى واضح لتأجيج التوتر الطائفي.
واعتبر الباحث الألماني ميتسغر، أن فقدان داعش لفرصه بإقامة “دولته” في سوريا والعراق واتخاذه قرارا استراتيجيا بالانتقال إلى مساحة أخرى، سيشكلان نقطة البداية للسقوط النهائي للتنظيم ولمشروعه وأفكاره.