بغداد- العراق اليوم:
فالح حسون الدراجي إفتتاحية جريدة الحقيقة لم يَدر في خلدي أن أكتب مقالتي اليوم عن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فقد قررت الابتعاد عن لجة التنافس الكبير، الدائر الآن في الساحة السياسية العراقية، وكنت أحاول قدر الامكان أن لا أزج بنفسي، أو أقحم اسم الجريدة وعنوانها العام في زحمة المعمعة الحامية حول تكليف رئيس الوزراء القادم، أو ترشيح رئيس الجمهورية، خشية الوقوع في دائرة الانحياز لهذا المرشح أو لذاك، على الرغم من أن موقفنا واضح ومعروف ومعلن من الأسماء المتداولة لمنصب رئاسة الحكومة القادمة. ولا أخفي عليكم، فقد كنت أنوي الكتابة عن مشاكل عديدة يمر بها المواطن العراقي، بل والعراق برمته، وهي لَعمري أهم من الكتابة عن أمور أخرى.. فمشكلة الكهرباء والتراجع الخطير لساعات التجهيز، ومعاناة الفرد العراقي في ظل هذا الإخفاق الحكومي الكبير، تستحق منا – نحن معشر الصحفيين – الوقوف عندها طويلاً وكثيراً، بل وتوجيه كل السهام النقدية نحو إدارة الكهرباء، ولا أكشف سراً لو قلت بأني مستغرب جداً من أن رئيساً عُرف بمعالجاته السريعة، وردود أفعاله المباشرة، مثل السيد الكاظمي، لم يستبدل حتى هذه اللحظة إدارة الكهرباء برمتها – يعني شلع قلع من الوزير الى موظف الاستعلامات - فهذه الإدارة - المزمنة - يتوجب حذفها من خارطة الكهرباء حذفاً تاماً، فكل المصائب التي أصبنا بها – كهربائياً - من صناعة هذه الدائرة، بقديمها وحديثها سواء ! وعدا مصيبة الكهرباء، كنت أنوي الكتابة عن التراجع الاستخباري الواضح في أداء المنظومة العسكرية، ذلك التراجع الذي شجع العصابات الارهابية المدحورة على أن تتجرأ وتقتحم عرين الأسود وتقتل أحد عشر عسكرياً، وهم في وحدتهم العسكرية، وهو أمر لم يحدث عندنا من قبل، إذ متى تجرأت الأرانب على اقتحام بيت الأسود من قبل، لولا ضعف الأداء الأمني للمنظومة الاستخبارية العسكرية!، والعجيب أن يأتيك الرد من وزير الدفاع العراقي، بقوله ( واجب الجندي هو الاستشهاد)! ولكن معالي الوزير نَسي أن ( واجب الاستخبارات العسكرية توفير المعلومة والغطاء، والتنبيه للجنود النائمين في مهاجعهم)! لذلك، كنت أنوي كتابة مقال أطلب فيه من دولة الرئيس، تغيير إدارة الإستخبارات العسكرية، والاعتراف بشجاعة، بعدم جدارة الادارة الحالية للاستخبارات، ولا أعرف لماذا لا يصحح الخطأ، وتتم إعادة الفريق سعد العلاق مدير الاستخبارات العسكرية السابق، الى منصبه، فهذا الرجل الماهر، والخبير، والعارف جيداً بكل شعاب مكة، (وزواغيرها)، قادر على قلب المعادلة الاستخبارية الحالية وتحويلها من السلب الى الموجب ؟ كما كنت أنوي كتابة مقال عن بسالة الحشد الشعبي، وشجاعة أفراده، وقياداته، فهم يسطرون اليوم وكل يوم ملاحم الفخر في مواجهة الدواعش، رغم جميع الظروف الاستثنائية والقاهرة التي يمر بها الحشد - مقاتلين وكياناً - ! وللحق، فإن هناك أموراً ومشاكل كثيرة أخرى تستحق الكتابة عنها الآن، لكن خبر توجه الكاظمي الى الحدود العراقية السورية، وتفقده النقاط المهمة والساخنة في قضاء سنجار، وفي هذا التوقيت الحساس بل والخطير، جعلني أغير دفة المقالة، خاصة عندما علمت أن الكاظمي، هو أول رئيس وزراء عراقي يزور الحدود السورية، وقضاء سنجار الملتهب، منذ تأسيس الدولة العراقية قبل أكثر من قرن! ولا أعرف، كيف يمكن لرئيس دولة، سواء أكان ملكاً، أو رئيس جمهورية، أو رئيس وزراء، أن يستريح على كرسي المسؤولية دون أن يزور حدود بلاده، ويتفقد الأحوال فيها، ويتعرف على رئات بلاده التي تتنفس منها الهواء، خاصة الجهة السورية التي لم تتوقف يوماً عن إرسال سموم الرياح الى رئة شقيقها العراق؟!. وكيف يمكن لي أن أثق برئيس دولة لم يزر قضاءً عزيزاً مثل سنجار، خاصة أن بعض الزعماء قد ظل مستولياً على كرسي الحكم أكثر من ربع قرن؟ لذلك، وجدت أن ذهاب الكاظمي الى الحدود العراقية السورية، وتجواله في سنجار (الملتهبة)، أمر يستحق الإشارة، بل والإشادة، والتصفيق أيضاً، فهذا الرجل يحاول قدر الإمكان أن يكون مختلفاً عن سابقيه، ولم يزل يسعى دون كلل.. فدعونا نشجعه، ونساعده لخدمة العراق، دون أن نتحيز له على حساب المرشحين المنافسين ..
*
اضافة التعليق