بغداد- العراق اليوم:
يعتقد الكثير من الناس أن الفواكه والخضراوات الطازجة من أصح الأطعمة التي يمكنك تناولها واستهلاكها ضمن نظامك الغذائي يومياً.
إذ إنها مليئة بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، وهي العناصر التي تساهم في تعزيز صحة الجسم. كما قد يساعد تناول المزيد من الفواكه والخضراوات الطبيعية في الحماية من الأمراض وتعزيز المناعة وحتى ضمان الصحة النفسية.
ومع ذلك، قد لا تتوفر المنتجات الطازجة على الدوام، لذلك تُعتبر المنتجات المُجمدة أو "الفروزن" بديلاً مناسباً لمن لا يتوفر له الخيار الأول، وسط اعتقادات واسعة أنها ستكون أقل من ناحية الجودة والقيمة الغذائية؟ فهل هذا صحيح فعلاً؟ أيهما أكثر إفادة وقيمة من الناحية الغذائية.. الفواكه والخضراوات الطازجة أم المنتجات المجمدة؟
حصاد الخضراوات والفواكه قبل عملية المعالجة والنقل
يتم حصاد معظم الفواكه والخضراوات التي تشتريها من الأسواق حول العالم بشكل يدوي، مع حصاد أقل رواجاً بواسطة الآلات وفقاً لنوعيات المزارع.
لكن ما يحدث بعد ذلك يختلف بين المنتجات الطازجة والمجمدة، وفقاً لموقع WebMD الطبي.
1- الفواكه والخضراوات الطازجة
يتم قطف معظم الفواكه والخضراوات الطازجة قبل نضجها. هذا يتيح لها الوقت لتنضج بشكل كامل خلال عملية النقل والتوزيع. كما أن ذلك يمنح الثمار وقتاً أقل للاكتمال بمجموعة كاملة من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة الطبيعية.
وبحسب ما إن كانت المنتجات محلية أم تم استيرادها من دول أخرى، تستهلك الفواكه والخضراوات في أسواق الدول العربية والشرق الأوسط مثلاً ما يتراوح بين 3 أيام إلى عدة أسابيع في العبور قبل الوصول إلى مركز التوزيع ومتاجر البيع بالتجزئة للمستهلكين.
وأثناء النقل، يتم تخزين المنتجات الطازجة بشكل عام في جو بارد وخاضع للرقابة، كما يتم معالجتها بمواد كيميائية لمنع التلف، وفقاً لموقع Healthline للصحة.
بمجرد وصولها إلى السوبر ماركت، قد تقضي الفواكه والخضراوات بضعة أيام إضافية في العرض. ثم يتم تخزينها بعد ذلك في منازل المستهلكين لمدة قد تصل إلى 7 أيام قبل تناولها.
2- الفواكه والخضراوات المجمدة
عادةً ما يتم حصاد الفواكه والخضراوات التي ستتم تعبئتها وتجميدها وهي في ذروة نضجها، أي عندما تكون أكثر تغذية وقيمة من سابقتها التي ينتهي بها المطاف في أسواق المنتجات الطازجة.
وفي المجمدات، بمجرد أن يتم حصاد الخضار والفاكهة، غالباً ما يتم غسلها وتنظيفها وتقطيعها وتجميدها وتعبئتها في غضون ساعات قليلة من موعد القطف.
وبالنسبة للخضراوات فهناك خطوة إضافية وهي السلق قبل التعبئة، بحسب موقع BBC Good Food للأطعمة والغذاء.
ويعتبر السلق في الماء المغلي أو البخار لفترة قصيرة أمراً ضرورياً لتجميد جميع الخضراوات تقريباً، فهو ينظف سطح الثمرة من الأوساخ والكائنات الحية، ويفتِّح لونها ويساعد على تأخير فقدان الفيتامينات منها ويجعلها أطرى للتعبئة.
ولا يتم تطبيق تلك الخطوة بالنسبة إلى الفاكهة لأن هذا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على قوامها ويفقدها قيمتها الغذائية.
بدلاً من ذلك، أحياناً ما تتم معالجتها بحمض الأسكوربيك (أحد أشكال فيتامين سي) أو السكر المضاف لمنع التلف السريع. وعادة لا تتم إضافة أي مواد كيميائية لها قبل التجميد.
القيمة الغذائية المفقودة أثناء تعبئة وتخزين المنتجات الطازجة
بعد فترة وجيزة من الحصاد، تبدأ الفواكه والخضراوات الطازجة في فقدان رطوبتها، وتتعرض لخطر أكبر للتلف وانخفاض قيمة المغذيات فيها.
وقد وجدت إحدى الدراسات انخفاضاً في العناصر الغذائية بعد 3 أيام من التبريد، عندما انخفضت القيم إلى مستويات أقل من تلك الموجودة في الأصناف المجمدة. ويكون ذلك أكثر شيوعاً بالنسبة للفاكهة اللينة العصائرية.
وبحسب موقع EuroPMC لأبحاث المنتجات الغذائية، عادة ما يبدأ فيتامين سي الموجود بالفواكه والخضراوات الطازجة في الانخفاض فور الحصاد، ويستمر في الانخفاض أثناء التخزين والعرض في الأسواق أو الانتظار في المنازل لأيام قبل الاستهلاك. أيهما أكثر إفادة وقيمة من الناحية الغذائية.. الفواكه والخضراوات الطازجة أم المنتجات المجمدة؟
على سبيل المثال، تبين أن البازلاء الخضراء تفقد ما يصل إلى 51% من فيتامين ج خلال الـ24-48 ساعة الأولى بعد الحصاد والقطاف فقط، علاوة على فقدان مضادات الأكسدة فيها، ناهيك عن تأثير فترات التعبئة والتخزين الطويلة إلى أن يحين موعد الطهي والاستهلاك.
وفي بعض الأسواق التي يغيب عنها محاذير الصحة والسلامة العامة، قد يلجأ بعض الباعة إلى رش الفواكه والخضراوات المعروضة بأنواع من المبيدات الحشرية لحمايتها من التلف.
يأتي ذلك علاوة على رشها أحياناً بالصبغات والملونات الشمعية لزيادة مظهرها البراق الطازج للمشترين، وهو ما يؤثر بدوره على الصحة العامة عند استهلاك تلك المنتجات.
القيمة الغذائية المفقودة أثناء تعبئة وتجميد المنتجات المجمدة
بشكل عام، يساعد التجميد على الاحتفاظ بالمحتوى الغذائي للفواكه والخضراوات أكثر من عملية البيع والعرض المرتبطة ببيع المنتجات الطازجة في الأسواق.
ومع ذلك، تبدأ بعض العناصر الغذائية في التداعي والاختفاء عندما يتم تخزين المنتجات المجمدة لأكثر من عام، بحسب مجلة Science of Food and Agriculture لأبحاث المنتجات الزراعية والأغذية.
يتم أيضاً فقدان بعض العناصر الغذائية أثناء عملية السلق المرتبطة بالخضراوات. في الواقع، تحدث أكبر خسارة في قيمة المنتج الغذائية في هذا الوقت. ولكن أن يحدث السلق قبل التجميد مباشرة، يتضمن وضع المنتج في الماء المغلي لفترة قصيرة – عادةً بضع دقائق لا أكثر.
ومع أن تلك الخطوة تقتل أي بكتيريا ضارة وتمنع فقدان النكهة واللون والملمس للخضراوات المجمدة، فإنها تؤدي أيضاً إلى فقدان جزء من العناصر الغذائية القابلة للذوبان في الماء، مثل فيتامينات ب وفيتامين سي.
ومع ذلك، هذا لا ينطبق على الفواكه المجمدة، التي لا تخضع لعملية السلق.
إذ يختلف مدى فقدان المغذيات حسب نوع الخضار وطول فترة السلق المتبعة. لكن بشكل عام تتراوح الخسائر بين 10% و80% من قيمة المنتجات، بمتوسط حوالي 50%.
وقد وجدت إحدى الدراسات أن السلق يقلل من نشاط مضادات الأكسدة القابلة للذوبان في الماء في البازلاء بنسبة 30% والسبانخ بنسبة 50%.
ومع ذلك، ظلت المستويات ثابتة أثناء التخزين عند −4 درجة فهرنهايت أو -20 درجة مئوية.
لكن بشكل عام، تشير بعض الأبحاث أيضاً إلى أن المنتجات المجمدة قد تحتفظ بقدرتها المضادة للأكسدة على الرغم من فقدان الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، بحسب موقع NCBI للأبحاث العلمية والدراسات.
الأطعمة الطازجة أم المجمدة: أيهما أكثر تغذية وفائدة؟
تختلف نتائج الدراسات التي قارنت المحتوى الغذائي للمنتجات المجمدة والطازجة اختلافاً طفيفاً. وذلك لأن بعض الدراسات تستخدم المنتجات المحصودة حديثاً في الأبحاث، مما يزيل آثار التخزين ووقت النقل والعرض في الأسواق، بينما يستخدم البعض الآخر المنتجات من محلات السوبر ماركت.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر الاختلافات في طرق المعالجة والقياس على النتائج، بحسب مجلة American Journal of Lifestyle Medicine.
ومع ذلك، بشكل عام، تشير الأدلة إلى أن التجميد يمكن أن يحافظ على القيمة الغذائية أكثر من المنتجات المباعة في أقسام الخضراوات الطازجة، وأن المحتوى الغذائي للمنتجات الطازجة والمجمدة متشابه. أيهما أكثر إفادة وقيمة من الناحية الغذائية.. الفواكه والخضراوات الطازجة أم المنتجات المجمدة؟
علاوة على ذلك، تتشابه مستويات فيتامين أ والكاروتينات وفيتامين هـ والمعادن والألياف في المنتجات الطازجة والمجمدة. بمعنى أنها لا تتأثر بشكل عام بعمليات السلق، وتكون القيمة متقاربة.
إلا أنه قد تحتوي المنتجات المجمدة على المزيد من فيتامين سي، ومستويات أعلى من بعض العناصر الغذائية.
يظهر هذا بشكل أكثر شيوعاً في الدراسات التي تقارن المنتجات المجمدة بالأصناف الطازجة التي تم تخزينها في المنزل لبضعة أيام بعد الشراء، وفقاً لموقع Everyday Health للصحة العامة.
على سبيل المثال، قد تحتوي البازلاء المجمدة أو السبانخ على فيتامين ج أكثر من البازلاء الطازجة أو السبانخ التي يتم شراؤها في السوبر ماركت والتي تم تخزينها في المنزل لعدة أيام بعد ذلك.
أما بالنسبة لبعض الفواكه، فقد أدى التجفيف بالتجميد إلى ارتفاع محتوى فيتامين سي فيه الكثير من الأنواع، مقارنة بالأصناف الطازجة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير إحدى الدراسات إلى أن العمليات التي يتم إجراؤها لتجميد المنتجات الطازجة قد تزيد من توافر الألياف بجعلها أكثر قابلية للذوبان والسهولة في الهضم.
*
اضافة التعليق