بغداد- العراق اليوم: هل هي حقيقة أغرب من الخيال؟.. أجل هي كذلك، تعالوا لتعرفوا هذه القصة الحقيقية الموثقة : في عام 1981 وفي إحدى السيطرات العسكرية في منطقة الخالص ألقت السلطات العراقية القبض على رجل وزوجته الحامل بتهمة المشاركة مع " قوات الأنصار " الشيوعية المناوئة لصدام واعترف الزوجان أنهما بالفعل شيوعيان... لكنهما الآن عائدان إلى بغداد لممارسة حياتهما العائلية العادية.. إلاٌ أن السلطات الأمنية لم تصدقهما واتهمتهما بـإيصال تعليمات شفوية إلى قواعد الحزب الشيوعي في بغداد، وأحيلا الى محكمة الثورة وأصدرت حكماً بالإعدام شنقاً، ووافق صدام على الحكم. ولأن المتهمة الشيوعية واسمها "ميادة" كانت حاملاً بشهرها الأخير فقد قدمت طلبا لبرزان التكريتي متوسلة بتأجيل تنفيذ الحكم لحين ولادتها فرفض برزان طلبها وعلق عليه (الدولة ليست بحاجة إلى خائن جديد). ثم قدمت طلبا آخر تطلب موافقته على إجراء عملية قيصرية لإخراج الطفل البريء ولم يوافق برزان أيضا! وهنا يذكر الدكتور العبيدي أن زوجها سار إلى منصة الشنق مرفوع الرأس وخلفه زوجته الحامل ابنة العشرين عاما لينفذ الجلاد (جاسب السماوي) عملية الشنق بزوجها. وحين جاء دورها وصعدت ميادة على المنصة، توسلت راجية تأخير التنفيذ بعض الوقت عساها تلد الطفل البريء ولما لم تجد لتوسلاتها صدى في قلوب القساة راحت تبذل قصارى جهدها لدفع الجنين خارج الرحم وبكت بحرقة، وهي تحاول خلال ثوان الإنتظار تخليص الطفل من الموت، لكن المجرم (السماوي) أسرع في قتل رغبتها فجر العصا واندفعت"ميادة " إلى الهوة وهي تتأرجح وفي أحشائها جنين ما زال يتنفس برغم شنق أمه. سقطت "ميادة" العشرينية على الأرض ميتة لكنها ولسبب غامض انفرجت ساقيها عن وضع ولادة أسطوري حيث إندفع الطفل إلى الخارج من جسد الأم الميتة. قال العبيدي إن (جاسب) اقترح ترك الطفل يموت إلى جانب أمه المشنوقة وأيده في ذلك رجل الدين الذي جاء لتلقين الأم الشهادتين بينما رفض الطبيب قتل الطفل لأن العقاب موجه للأم فقط. وأخيرا اتفق الجميع على ترك الوليد لدى طرف ثالث لحين البت بمصيره من قبل رئيس جهاز المخابرات برزان التكريتي واتفقوا تسليم الطفل إلى إمرأة إسمها "رضية" وهي عاملة التنظيف في غرفة الشنق باعتبارها الطرف الثالث. ومن حسن الصدف أن رضية كانت تحلم بطفل لعدم قدرتها على الإنجاب فأخذته مسرعة، وأطلق جاسب عليه اسم "زغير". وإتفق معها على أن تترك الطفل يموت إذا جاء الرفض من قبل برزان، فوافقت رضية التي لم تصدق أنها كسبت طفلا. قامت رضية بغسل أرضية المشنقة التي غطت بدماء الولادة الجديدة ثم غسلت "زغير" في الحمام المخصص للمساجين ولفته بقطعة قماش من بقايا ملابس "ميادة" التي كانت محفوظة في صندوق الأمانات.. وهرولت به إلى بيتها في منطقة الحصوة القريبة من سجن أبو غريب حيث فاجأت زوجها بالضيف الجديد متمسكة به بقوة وأول خطوة أنجزتها أنها قامت بتغيير اسمه من "زغير" إلى "وليد" وسجلته في دائرة النفوس باسم زوجها واسمها. وفي عام 2003 بعد سقوط النظام حضر شقيق زوج الشهيدة "ميادة" من ألمانيا واتجه إلى الحصوة وقابل السيدة "رضية" أم "وليد" مطالبا باسترداد إبن شقيقه والعودة به إلى ألمانيا لرعايته هناك، وكان "وليد" في سن 22 عاما عند حضور عمه، حيث يعمل حمالاً يدفع عربة في أسواق الحصوة، ولم تعترض "رضية" على رغبة عم "وليد"، لكنها تركت الخيار لـ"وليد" ليقرر هو مع من يريد أن يكون، فقال "وليد" لعمه القادم من ألمانيا: يا عم قررت أن أبقى مع أمي رضية وقدر الله وما شاء فعل فأنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد..... وفي عام 2004 قامت رضية بتعيين "وليد" في دائرة الإصلاح العراقية عن طريق أحد المعارف من أهل الخير، وبعد أن تم تعيين "وليد" تم تنسيبه للعمل ك (سجان) ضمن ملاك المحكمة الاتحادية وأصبح مسوؤلاً عن تنفيذ حكم الإعدام بالمحكوم عليهم من قبل المحكمة وحين تم الحكم على المجرم "برزان" .. ساقه (وليد) بيديه الإثنتين إلى منصة الإعدام وهو يعلم أن المساق أمامه قد أعدم أمه وأباه دون جريمة أو ذنب، سوى إنهما يحملان فكراً وطنياً إنسانياً شريفاً، فنفذ وليد حكم المحكمة، وخيار العدالة، ورغبة القدر في أن ينفذ الحكم العادل إعدامه "وليد" طفل "ميادة" المظلومة. فسقط جسد المجرم برزان في نفس المكان الذي سقط فيه (وليد) من رحم أمه ! وكان هذا أفضل مثال على عدالة السماء والأقدار.. واضيف ان الاغرب من ذلك ..انفصال رأس برزان التكريتي عن جسده اثناء تنفيذ الحكم .. وتحقق بذلك قول الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام: (يوم المظلوم على الظالم اشد من يوم الظالم على المظلوم)!
*
اضافة التعليق