هل يملك الكاظمي (غدة) عاطفية تفرز هرمونات خاصة تجاه بعض الفئات في المجتمع؟

بغداد- العراق اليوم:

منذ توليه المنصب، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يمتاز بخصيصة نراها استثنائية ولا تتوافر لدى الكثير من الزعماء والرؤساء الذين يحاولون ان يكونوا شعوبيين او أن يحاولوا الاقتراب من الناس، لكن ثمة نفوراً وصداً من قبل المجتمع، الا ان الكاظمي امتاز بصدقية الاقتراب من الناس، والظهور بينهم، كواحد منهم، يسمعهم، ويسمعونه، يقترب منهم الى ابعد نقطة، ويقتربون منه متجاوزين عقدة المسؤول، وقداسة الحاكم المترفع عن الناس.

الكاظمي اضاف ميزةً اخرى، حين حول المنصب الأول في العراق، الى فرصة ليقول للعالم اجمعه ان الحكم يجب ان يمر عبر موشور الشعب، فأذا كانت الامة راضية عن حاكمها، تحلل هذا الرضا الى ألوان زاهية، وان كانت الصلة مقطوعة، انفصمت عرى العلاقة، وعميّ هذا الموشور.

الكاظمي بانحيازه الشعبي لا الشعبوي، يخص ايضا فئات معينة برعايته الخاصة، اولهم الاطفال الذين يعانون أمراضاً صعبة واخرى مستعصية، يقرب الفقراء والمعوزين، يبحث عن الجرحى والمصابين، يتفقد امهات الشهداء، يعطف على تلك العوائل المضية.

الكاظمي يملك بوصلة داخلية تجعله منجذباً الى هذه الفئات بشكل وثيق الصلة، وكأن غدةً اضافية للرجل، تفرز هذا الهرمون الإنساني الساحر، فتجعله دائم التفكير بهؤلاء الذين يبحثون عن يد حانية تضمد جراحاتهم النازفة.

وعبر متابعتنا للرجل خلال فترة توليه المنصب، لاحظنا انسجاماً وتماهياً واضحاً من قبله مع الفقراء والطبقات المسحوقة والبعيدة عن مركزية السلطة، وهذا تعبير لا شعوري عن مدى انسانية الرجل، واقترابه من تلك العوالم التي لا تزال تعيش مظلومية تاريخية بسبب الاقصاء والتهميش والنسيان.

يعطف الكاظمي على الفئات الهشة، ويتابع بنفسه تفاصيل عوائل الشهداء والجرحى وكل من نزف قطرة دم من اجل العراق، سيجد يد الرئيس الكاظمي تربت على كتفه، واخرى تمسح رؤوس الايتام، بألم وحسرة وتضامن انساني فريد من نوعه.

لذا رأيناه اليوم وبتواضع الكبار، يخلي كرسيه الرئاسي لأم اربعة من الجرحى، ويجلس قبالتها كأبن مخلص لها، يستمع لمعاناتها، ويوجه بحل مشاكلها ومشاكل ابنائها الابطال بلا تردد.

وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها بمثل هذا الفعل النوعي، انما هو سياق عرفناه عن رئيس وزراء العراق الكاظمي وبلا تصنع او تكلف مطلقاً.

ان مضي الكاظمي بمشروعه الانساني هذا لم يكن لمآرب خاصة، او بحثا عن تعاطف الناس، او شراء لمواقف مجانية قدر ما هو ايمان راسخ، وعقيدة متكاملة يحملها رجل تثقف منذ بدايته على مبادئ حقوق الإنسان، وملك ثقافة عالمة تجعله يدور في فضاء الانسان بما هو انسان بغض النظر عن لونه او طائفته او قوميته او عرقه.

هذا التعاطي الإيجابي والمحبة التي يبادلها الرجل للناس، ترتد عليه محبةً وانبساطاً واسارير منفرجة كلما دخل الرجل سوقا او زار مدرسة او تفقد حياً سكنياً، وهذا برأينا المتواضع أكبر رأسمال يمكن ان يحظى به حاكم او رئيس وزراء في العراق، ودون ذلك سيبقى معزولاً عن محبة المجتمع، وتلك مأساة لأي حاكم يجد نفسه خارج اسوار العلاقة الانسانية الطبيعية مع المجتمع الذي ينتمي إليه.

علق هنا