بغداد- العراق اليوم: فالح حسون الدراجي افتتاحية جريدة الحقيقة الى اللاعبين الذين حملوا - ظلماً- أمس الأول اسم (منتخب العراق الدولي)، وساهموا، بجدارة وامتياز، بإلحاق العار بلقب ( أسود الرافدين)، وتسببوا بإصابة العديد من العراقيين في الداخل والخارج بالجلطة الدموية، والسكتة القلبية، وارتفاع الضغط، والسكر، والقولون العصبي، والمرارة، وتوتر الاعصاب! الى اللاعبين الذين كسروا يوم الثلاثاء، الشخصية العراقية الصلبة والعنيدة والعصية على الكسر والاستسلام، تلك الشخصية السومرية التي فشلت جميع الأقدار والمصائب الكونية، وعجز كل الطغاة، والجبابرة، والحكام الظالمين، منذ نشوء الحياة الرافدينية حتى يوم أمس الأول الثلاثاء، في تفتيتها وتدميرها، لكن هؤلاء اللاعبين، نجحوا بتخاذلهم في تحقيق ما فشل غيرهم في تحقيقه.. قد يقول أحدهم: لماذا هذه القسوة عليهم، هل لأنهم خسروا مباراة كرة قدم؟! لا يا سيدي، إنهم لم يخسروا مباراة كرة قدم فحسب، إنما خسروا معها الإصرار، والمقاومة، والروح العراقية الوثابة. خسروا المعنى الجبار في الشخصية العراقية العنيدة الفذة. نعم، لقد دمروا في الدوحة، هيبة الشخصية العراقية، قبل ان يدمروا سمعة الكرة العراقية، ومنجزات جميع اللاعبين العراقيين. فهؤلاء اللاعبون (اللا أباليون ) أفرغوا بلا أدنى شعور بالمسؤولية، رصيد التقدير الفخم، المسجل في حساب المكانة المرموقة للكرة العراقية، واضاعوا أمس الأول، كل الكؤوس، والأوسمة، والبطولات المحفوظة والمرصوفة في منجم الغيرة العراقية، منذ عصر ناصر جكو، وحسن بله، حتى عصر ( ميمي)! لم تحزنّي الخسارة الكروية أمام ايران - رغم قسوتها- لكن الذي أحزنني فعلاً، تلك الميوعة، واللا منطقية، بل والبلادة أيضاً، إزاء أهداف باهتة وساذجة تدخل مرماهم وهم يتفرجون عليها بلا أي احساس، فلا نجد ردة فعل منهم تحرك ساكناً أو ساكتاً، ولا تشعر بحرقة قلب تكويهم فتشحن غيرتهم، وتدفعهم نحو الشعور بمهانة الخسارة المذلة، وبحالة التردي، أمام جمهورهم في ملعب الدوحة، وأمام جمهورهم في العراق وبقية دول العالم، لذلك باتت الخسارة عندي بخسارتين، والنكسة عندنا بنكستين! سأعترف بأني شاهدت مباريات كثيرة، فيها خسارات قاسية، ربما أكثر قسوة وفداحة من خسارة منتخبنا أمام ايران، مثل خسارة البرازيل أمام المانيا في بطولة كأس العالم 7 - 1 حيث رأيت بأمّ عيني، كيف انهار منتخب البرازيل، بل وانهارت البرازيل برمتها أمام هذه الخسارة، وقد كنت وقتها في البرازيل مع الزميل والصديق الاعلامي حسام حسن، فشاهدت المأساة الثقيلة مجسمة، مما جعلنا نداري مشاعر الناس ونطيب خواطرهم، وهم يضربون رؤوسهم في الجدران وعلى الاعمدة الكونكريتية، من فرط الخيبة، وشدة الوجع. لقد رأينا الناس بعد المباراة هائمين في الشوارع، لا يعرفون ماذا يفعلون والى أين يمضون! كما رأيت عبر شاشة التلفاز فجيعة أخرى تتمثل بفجيعة عشاق الكرة في العالم، وليس الجمهور الكتلوني فقط، بعد خسارة برشلونة 8 - 1 أمام بايرن ميونخ في الادوار النهائية لكأس ابطال اوربا ! لكن الشيء الذي يجب ذكره هنا، أن فريقَي البرازيل وبرشلونة خسرا أمام الماكينات الألمانية، فيما خسر فريقنا أمام منتخب ايران، فهل لاعبو ايران بمستوى اللاعبين الألمان؟ ومع كامل احترامي للأخوة الإيرانيين الأعزاء، فإن الحق يجبرنا على القول إن المنتخب الايراني منتخب بسيط وسهل بل وعادي جداً، يمكن الفوز عليه، لو تحلى لاعبونا باللعب الرجولي، واستجابوا لنداءات ملايين العراقيين المتعطشين للفوز، واللعب في نهائيات كأس العالم بعد غياب دام 36 عاماً بالتمام.. نعم، فمستوى الفريق الايراني كروياً ليس بمستوى اليابان أو كوريا أو أستراليا مثلاً، ولا هو أفضل من مستوى المنتخب العراقي، لكن المشكلة أن لدى اللاعبين الايرانيين عزيمة قوية، وعقيدة فوز واضحة، وشخصية فعالة في الملعب، بينما نجد اللاعبين العراقيين وكأنهم يلعبون بدون (بانزين)، فتوقفوا في الملعب، ولو لم تنته المباراة في وقتها ذاك، لكانت النتيجة كارثية، خصوصاً بعد استسلام لاعبينا، ويأسهم وعجزهم عن التسجيل، والدفاع! لقد كافح مثلاً منتخب البرازيل ولم يستسلم حتى وهو يخسر بسبعة اهداف، بدليل أنه سجل هدفاً في الدقائق الاخيرة جداً من المباراة، كذلك الحال مع فريق برشلونة، فقد قاوم رغم الاهداف الثمانية، حتى تمكن من تسجيل هدف في الدقائق الأخيرة، وهذه هي كرة القدم الحقيقية، أشبه بمعركة شرسة، ومنازلة باسلة.. فهل استبسل لاعبونا أمام ايران يوم الثلاثاء في الدوحة ؟ اترك الجواب للجمهور العراقي الموجوع، وأكتفي بجواب واحد التقطته من فم امرأة جنوبية، سألها أحد الإعلاميين قائلاً: ماذا تقولين الى اللاعبين العراقيين بعد هذه الخسارة القاسية يا خالة؟ فقالت العجوز بدون أي انتظار : " الله لا ينطيكم وعساها بحظكم.. بطيتوا چبودنا بط "! وأنا أقول: "أي والله، عساها بحظكم، فشلتونا ودمرتونا".
*
اضافة التعليق