بغداد- العراق اليوم: إحسان شمران الياسري لأنه الرئيس .. البعض يُعلّق كل آماله، وأمانيه وخططه، على شخصٍ بذاته، لا تفوته شاردةً ولا واردة.. يرى ما لا يراه الناس، ويسمع دبيبَ النملةِ في أعماق الأرض.. ويفكرُ ليل نهار في الناس، يسمعُ أنينهم، وصراخ أطفالهم الجياع، وعتابَ الأسرةِ مع ربها، ومع رب بيتها... هو يدركُ ما يريدُ الناس، ويقيهم بمهجتهِ من حرّ الصيف، وبرد الشتاء، ويحسبُ عدد الأرغفةِ التي تكفي سدَ رمقهم، بل ويفكر في إدام طعامهم، ولذة (غموس) زادهم.. يكافحُ كي يتعلموا، ويضربُ على أيدي مؤذيهم، ويزيحُ أشواك الفاسدين والظالمين من دوربهم. هو الذي وهبه الله تعالى معاني العِفة والنجابةِ وزرع في قلبهِ الرحمة للصغير وللكبير، وغمر روحه بالتسامحِ والودّ.. هو الرئيس الذي ليس للأقدار سلطان عليه سوى قدرة الله تعالى، إذ أمدّهُ بسلطةٍ ينامُ الناسُ تحت ظلالها آمنين يُفكرونُ بغدٍ آمنٍ وعيشٍ رغيد.. لأنهُ الرئيس لا يثقُ الناس بسواه، ولا يرون منازعيه إلا أشراراً، ولا أعداءه إلا أعداءً للبلاد.. يفكرون بسلامتهِ وبصواب قراراته ورجاحةِ فكره.. لا يقلقهم إلا غيابه، ولا تُبهجهم إلا إطلالته. هو يُربتُ على كتفِ هذا، ويمسحُ على رأس ذِاك اليتميم، ولا يمنعهُ موقعهُ من تقبيل يد عجوزٍ رأت فيه ولدها الذي قضى شهيداً على عتبةِ الوطن، أو شيخاً رأى فيه ماضياً وهبَ حياته من أجل وطنهِ، فتقاعد ينطرُ موعد صرف الراتب. لأنه الرئيس يراه الناس خادمهم، يسهرُ على راحتهم، تأمنُ في حِماه الناس، ينامون ليلهم وليس في بالهم خوفٌ من مجهولٍ أو رهبةٌ من باغٍ.. الناسُ تدركُ أنَّ الأماني حقٌ أصيل لا ينازعهم فيه أحد، ولا يمنعهم منه. ولكي تدوم حياتهم، يبقون في باحة تلك الأماني، تظللهم أحلامُ اليقظةِ، ولا يضعون الأمنيات على الرفوف، بل في حقائبهم وبين ثيابهم مغمسةً برائحةِ خبزِ الحنطةِ تحويه التنانير الطينية، وصدى طيور البطِ الذي يطيرُ على حافاتِ الهور، وفي مدن الصفيح التي تأمل ان يطلَّ عليها الرئيس.. الرئيسُ في بلادنا أملُ الناس، إذ ضاعت بقايا النذور وتبددت روائحُ البخورِ في ظلماتِ الوعودِ الكاذبةِ، والهتافات التي غَدْت مواسم لا يألفها الناس، وصار الوطنُ حقيبةً يحملها المتبضعون في أسواق الدجل، وفي كراريس الغِيبة والقحط والبذاءة.. لأنه الرئيس لا ينبغي له أن ينام، وإذا نام لا ينبغي أن يستغرقهُ النومُ عن عيوب السلطة ولا عن هموم الناس. وإذا أكل الرئيس، عليه ألاَّ يترك صحنَ الخبزِ ما لم يتفكرُ في الجائعينَ، والذين عادوا الى بيوتهم مكدودين دون أن يجلبوا خبزاً لعيالهم.. الرئيس الذي نريده لا يغفل عنّا، عن نُواح الثكالى، عن بطونٍ جاعت، لأنه رضي أن تجوع، وعن أسرى في غياهب المظالم، لأنه لم يتفكر في معايير الحقوق، ومفاتيح العدالة، وقوانين الحكم الموزونة.. لأنه الرئيس تسعى الناس إليه، تهفو قلوبهم الى مكارم طباعه.. الى الأرغفةِ التي وعدهم أن يقدمها من التنانير من دون أن يقتطع منها الطامعون حصصهم. لأنه الرئيس لا ينازعهم فيه أحد، ولا يقتسمهُ معهم طامع.. هو الرئيس.. النائبُ عن الناس في إدارة شؤونهم ومصالحهم وحياتهم ومستقبلهم. عسى أن يكون الرئيس كل هذا.. ويكون فيه كُلُّ ما يتمناه الناس..
*
اضافة التعليق