رجل يريد أن يعيد انتاج دور الدولة الغائب .. الكاظمي في (تكريت) بعد سلسلة من الزيارات لمحافظات الجنوب

بغداد- العراق اليوم:

مرةً أخرى يضع رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، منطق الدولة والتصرف كرجل دولة أمامه منهجاً ويمضي به، دون أن يضع لأي اعتبارات جانبية أي اثر في تقييم الأمور، وأخذ القرارات الحكومية المناسبة، الرجل الذي يرفع شعار " المساءلة والبناء" كأسس جديدة في تقويم عمل الدولة، والنهوض بمسؤولياتها الاجتماعية، لا يريد أن يستمر على التأسيس السابق، ويكرر أخطاء الماضي.

الكاظمي المتحرر من عقدة الطائفية، والمنزوع التوجهات الضيقة، اضافت له ميزة عدم زج نفسه في المعترك الانتخابي، فسحة جيدة في التحرك على طول الخارطة الوطنية، وصنع خطابه المسؤول المعبر عن مدى حضور الحكومة في فعاليات المجتمع، وتعبيرها عنها، دون الخضوع لمقاسات " الابتزاز" الانتخابي الضيقة جدًا، والتي " تُقزم" عمل الحكومات وتضع رؤسائها في خانة الدعاية الفجة!.

بعد ذي قار وميسان والبصرة والمثنى والديوانية وغيرها من المحافظات، وصل المسار لمحافظات صلاح الدين، حيث حطت الطائرة الرئاسية، وهي تقل الكاظمي الذي مضى بأتجاه موقع مجزرة " سبايكر"، من هناك قال رئيس الوزراء أول كلام مسؤول نسمعه بعيداً عن الاثارات الطائفية الدعائية، والتي ترقص على جراح الضحايا.

الكاظمي قالها بوضوح الجريمة عظيمة، والمصاب جلل، ومسؤولية الدولة المساءلة وتطبيق العدالة، لا اخضاع المجتمع للأنتقام، الانتقام خارج قواميس القوانين، لكنه اشار بمسؤولية أيضاً الى الأسباب، وقالها بصراحة " الفساد وسوء الإدارة والسياسات الخاطئة هي أسباب هذه المآسي".

بمعنى أخر أن الرجل يقوم بدوره في كشف أركان الجريمة، ويحلل أسبابها، ويعيد انتاج دور الدولة الغائب والمتروك لردود الفعل العاطفية، كي تمضي في اصلاح بنية الخطاب القانوني الذي للأسف كان ضحيةً لتسييد منطق الانتقام بدلاً عن منطق العدالة القانونية.

متحف للذاكرة العراقية.. حتى لا تعاد المأساة

الكاظمي يريد ان يُبلسم جراح ذوي الشهداء، ويريد أن يفضح جريمة القتلة والفاشلين والمجرمين، حيث قال من موقع جريمة سبايكر، بعد أن قرأ سورة الفاتحة "سنحول مكان جريمة سبايكر لمشروع ومتحف للذاكرة، يمجد ويخلد تضحيات العراقيين ويؤكد تلاحمهم ، وسنشرف بشكل مباشر على هذه الإجراءات".  

واضاف ان "هذا المكان شهد أحدى أبشع المجازر التي يندى لها جبين الإنسانية"، موضحاً ان "الدماء البريئة التي سقطت هنا أيقظت الوجدان العراقي عند كل أطياف الشعب".  

وتابع "كانت هذه الدماء دافعا لإنجاز النصر الكبير الذي حققه العراقيون أمام أعتى قوة إرهابية،و عززت هذه الدماء الطاهرة الهوية الوطنية العراقية ووحدت العراقيين جميعا"، مشدداً على انه "يجب أن نستذكر هذه الدماء البريئة دائما عبر الحفاظ على الانتصارات التي تحققت على الإرهاب والحفاظ على هويتنا الوطنية".  

ولفت الى انه "يجب أن نتعلم من دروس الماضي كي نتجنب تكرار هكذا مآسي ومجازر"، مؤكداً ان "الفساد وسوء الإدارة والسياسات الخاطئة هي أسباب هذه المآسي".  

وبين الكاظمي  ان "وحدتنا ومؤسساتنا وانتماؤنا الوطني هو من سيمنع تكرار مثل هذه المجازر"، معلناً عن "توجيه  الجهات المعنية الاسراع بتوزيع استحقاقات عوائل شهداء سبايكر".  

العدالة من اجل المجتمع

بعد ذلك، مضى الكاظمي الى ديوان المحافظة، حيث اجتمع بمسؤولي الدولة، هناك ومن هذا الموقع أبلغهم أن " الدولة لا تريد الانتقام من المجتمع، قدر ما تبحث عن مساءلة المجرمين والقتلة، وتريد ان تغلق أي نوافذ يتسرب منها الفساد الذي يتسبب بكوارث على المجتمع والدولة".

ونقل بيان عن رئيس الوزراء قوله، خلال لقائه بالحكومة المحلية في صلاح الدين :" "أهلنا في مختلف المحافظات العراقية عانوا الكثير خلال العقود الماضية بسبب الحروب المستمرة والإرهاب والأزمات المتتالية".  

وأضاف "لقد عانت المناطق المُحررة أكثر من غيرها، بسبب الخراب والدمار الذي خلفته عصابات داعش الإرهابية، ولأسباب اخرى ماضون في العمل على معالجتها"، مؤكداً بالقول "يتوجب على المؤسسات الخدمية أن تكثف من نشاطها وتسهّل إجراءاتها كي يشعر المواطن بالتحسن الملموس وينمو التفاؤل بين الجميع".  

وأشار، إلى وجود "الكثير من العراقيل التي تحصل أحيانا بسبب سوء الإدارة وبسبب العقبات البيروقراطية، وهذا ما عقدنا العزم على إصلاحه".  

وتابع، "نحتاج إلى تكاثف وتعاون وتكامل في العمل، كي نتغلب على المعرقلات ونكون على مستوى طموح الشعب العراقي العظيم وبقدر الثقة وما يتوقعه العراقيون منا كأداء".  

وبيّن، أن "هناك مشاريع متلكئة كثيرة في مختلف مناطق العراق، ركزنا جهودنا على اتمامها واكمالها، وادعو من هنا جميع المؤسسات في محافظة صلاح الدين وسائر انحاء العراق الى إنهاء ملف هذه المشاريع ووضعها أمام المواطن لتحسين واقع الخدمات".  

وختم الكاظمي، "خدمة المواطن هي صنو العبادة، وهي واجب يقربنا بالعمل الى الله والى الشعب، وشرف وطني ملقى على عاتقنا".

علق هنا