ألا يستحي هؤلاء من أنفسهم .. كيف يتوسط قادة العراق- من الشيعة والسنة -لإطلاق سراح فاسد كبير مثل الكربولي ؟!

بغداد- العراق اليوم:

شرقاً وغرباً، يميناً وشمالاً، يتحرك بعض قادة العراق الكبار، في حركة مكوكية غريبة ومستهجنة من اجل ايجاد وسطاء من العيار الثقيل في محاولة لأنقاذ أحد كبار عصابات الفساد في العراق، والمصيبة أن كل (المتوسطين) والباحثين عن حبل نجاة لإنقاذه، يعرفون تماماً أن صاحبهم (المعتقل)، فاسد حد النخاع، وأن إمبراطوريته المالية التي بناها، أنما جمعها من صفقات فاسدة، وأنهم ذاتهم كانوا يملئون الدنيا ضجيجاً وحديثاً حول فساده، وهيمنته، فما حدا مما بدا، لتبدأ هذه التحركات والوساطات بهذه الكثافة والقوة؟

الغريب بل والمدهش في هذا الملف، هو ما تناقلته بعض المصادر، عن تضامن واسع من قادة سنة وشيعة، لمحاولة فك الخناق عن (الكربولي)، المتهم بقضايا فساد لها أول وليس لها آخر - حيث يتسرب من موقع اعتقاله - والأغرب هو هذا السباق المحموم من أجل تخليص الفاسد الكربولي من يد لجنة مكافحة الفساد، دون أن يعرف أحد سبب هذا التوحد والاصطفاف غير الطبيعي بين قادة السنة والشيعة على حد سواء، حيث أثبت هذا الموقف بشكل قطعي  ان (الفساد في العراق هو العابر الوحيد للطائفية والقومية والعرقية)!

وأن الكثير من زعماء هذه الطبقة السياسية المتهمة بالفساد أنما يستخدمون الوتر الطائفي لإقناع السذج، وأن اختلافاتها وحروبها الإعلامية، ما هي الا زوابع من اجل كسب ود شارع منقسم، ومتأجج للأسف ضد مصالحه.

نعم، فالأنباء والمعلومات تصل للاسف تباعاً عن وساطات من رؤساء كتل واحزاب ومسؤولين نافذين وكبار جداً، يقال انها رفضت جميعاً من قبل الكاظمي،  بينما يقال أن ( أبو رغيف ) أغلق أبوابه، وأطفأ هاتفه كي لا يسمع هذه الوساطات.

ولعل من المفرح أن نسمع مثل هذه المواقف الشحاعة لرئيس الحكومة والرجال الشجعان في لجنة مكافحة الفسلد، كما نسعد كذلك حين تصلنا التأكيدات (بصراحة شديدة)  من قبل القائمين على ملف معالجة الفساد ومكافحته، أن " العراق ليس دولة بوليسية، ولا يمكن أن يعتقل أحد على أساس سياسي او طائفي او حزبي، وأن هذا الملف قضائي قانوني محض، والحكومة ليست طرفًا في إصدار الأحكام، بقدر ما هي مؤسسة تنفيذية تعمل وفق القانون والدستور، وتخضع للرقابة والأشراف، وجهودها في حماية المال العام ليست حالة طارئة، بل هو الأختصاص الحصري لها، وعملها بهذا الاتجاه ليس تطفلاً، بل هو من صميم مهامها، بعد أن قوض الفساد أسس الدولة، واشاع الظلم والجريمة والحرمان وضياع مستقبل البلاد".

ولعل المؤسف هنا، أن يصل الأمر الى استجداء التدخل الخارجي، ومحاولة توسيط أطراف اقليمية خارجية في شأن محلي داخلي، وكل هذا طبعاً، دافعه الخوف من الفضيحة التي ستصل الى (مقامات) هؤلاء، أو لنقل هي محاولة من الوسطاء والضاغطين، والساعين لاطلاق سراح الكربولي، لمنع الأقتراب من جدار القداسات السياسية المحصنة خلاف القانون والدستور، الذي لم يعفِ أحداً في البلاد من المساءلة القانونية، والخضوع للقانون ان ارتكب مخالفة.

لا نكذب أو نتجنى حين نقول ان الأستياء الشعبي العارم من الفساد والفاسدين وصل الى مديات الأنفجار القصوى، ولكن هذا الاستياء والغضب يكاد يكون اضعافاً مضاعفةً حين نسمع عن حراك لحماية الفساد ورموزه من قبل قادة يفترض بهم أن يبادروا هم الى كشف كل الملفات، ومساندة الحكومة في معالجة هذه الظاهرة واستئصالها، بدلاً من هذه الحركات المخجلة والتي لا يمكن أن تُنسب في أي قاموس سياسي الا ضمن الافعال اللا مسؤولة واللاخلاقية واللا قانونية، والتي ستكون وصمة في جبين كل من يثبت انه يريد ان يخلص حيتان الفساد من شباك العدالة التي اصطادتهم بعناية، وكل من توسط لدى عمان، .أو إتصل بالرياض طالباً (المساعدة) أو من إتصل بنفسه بالرئيس الكاظمي راجياً الافراج عن المعتقل جمال الكربولي  بكفالة - على أقل تقدير - مهدداً بسحب الثقة من هذه الحكومة التي تريد تقويض الوحدة الوطنية، وتفكيك عرى الأخاء بين الطرائف العراقية !

وكأن الوحدة الوطنية لا تتحقق إلا في دولة الفساد، وبين القادة الفاسدين!

إنهم لا يستحون فعلاً !

علق هنا