بغداد- العراق اليوم: فالح حسون الدراجي افتتاحية جريدة الحقيقة في الذكرى الثامنة عشرة لسقوط صنم الدكتاتورية، دعوني أضع وردة بيضاء على ضريح ومدفن الدكتور أحمد الجلبي، وأكتب هذه المقالة بكامل عراقيتي، ومهنيتي، وحياديتي، عرفاناً واعترافاً بدوره الكبير في خلاصنا من النظام البعثي الفاشي. أكتب هذه المقالة اعترافاً كما قلت وليس دفاعاً عن الدكتور أحمد الچلبي.. فالچلبي ليس متهماً لا سمح الله، فمن كان بحجم، وأصالة، ووطنية هذا الرجل، لا يمكن أن يكون متهماً، ولا تستطيع كل محاكم الدنيا أن تتحمل إثم مُحاسبة هذا الكائن المتوضئ بنور الحرية، والمتسلح بإيمان الكفاح، والمدجج بتاريخ واسع من النضال الحقيقي في سبيل الحق والعدل والمساواة.. نعم، أكتب مقالي هذا عن الچلبي، فقط لأوضح فيه أمراً للأجيال الجديدة، فربما كان الأمر مخفياً عن هذه الأجيال، أو قد يكون الفهم ملتبساً لديهم.. لا سيما ونحن نعيش زمناً سريالياً عجيباً، تتشابك فيه الألوان، وتختلط الرؤى بشكل غريب، ناهيك من تداخل الخنادق والمواقع السياسية، بحيث بات الوطني عميلاً، والعميل وطنياً، والجاسوس الذي كان يكتب التقارير، مناضلاً ومجاهداً، والعكس صحيح أيضاً، فاستفحل اللون الرمادي في صورة التاريخ، بحيث أصبح الأبيض أسود، والأسود أبيض.. حتى أن شخصاً نكرة مثل (فلان الفلاني) بات يناطح برأسه صخرة الچلبي الصلدة، ويتطاول بصلافة على رمزية هذا الهرم الوطني الكبير.. وبعيداً عن مستنقع الملاسنة، والكلام البذيء، دعوني أتحدث للشباب بنقاء وصدق، ولساني معطر بياسمين الحروف الزكية التي نسجت لنا أسماء وتاريخاً، ومواقف مشرفة تستحق الذكر، بل وتستحق الفخر أيضاً.. والچلبي واحد من هذه الأسماء والتواريخ والمواقف.. أي ان الرجل من نجوم النضال الوطني، الذين ساهموا مساهمة كبيرة في إسقاط دكتاتورية صدام. فالدكتور الچلبي، وكوكبة من المعارضين الديمقراطيين المستقلين، مع أعداد كبيرة من المناضلين الشيوعيين واليساريين، والمجاهدين الإسلاميين، وقبلهم عموم شهداء الحركة الوطنية، هم جميعاً من عبَّد لنا طريق الحرية، وزرع الضوء في أول وآخر نفق الجهاد الى منصة الخلاص النهائي من طغيان البعث الفاشي.. وإذا كان هناك ترتيب، وأرقام تذكر، فإن الچلبي يقف في طليعة الصف النضالي الذي أسقط الفاشية، ولا أظن ان مناضلاً واحداً يعترض على قولي هذا، لأن كل المناضلين يعرف هذه الحقيقة.. نعم، فالچلبي الذي حفر بأظافره في الصخر الأمريكي، حتى استطاع بشكل شخصي أن يخط (قانون تحرير العراق)، الذي انطلقت منه عملية التحرير واسقاط الدكتاتورية، وقد تعرض بعد ذلك للإنتقام من بعض القوى السياسية والعسكرية والإستخباراتية الأمريكية بسبب ما أسموه بملف (أسلحة الدمار الشامل)، وهو الملف الذي أقنع به الدكتور الچلبي أعضاء الكونغرس الأمريكي، ليصوتوا بالإجماع على قرار إسقاط صدام
*
اضافة التعليق