بغداد- العراق اليوم: تداول مراقبون للشأن السياسي في العراق، أنباء عن احتمالية عودة رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي إلى تشكيل تحالف بعد الانتخابات ودمج النتائج التي سيحصلون عليها، في خطوة قد يفسرها البعض عودة لتحالف قديم يقف بالضد من التيار الصدري، الطامح بقوة في الحصول على منصب رئاسة الوزراء في الحكومة المقبلة. الانتخابات الماضية التي جرت عام 2018 شهدت دخول رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، في قائمتين مختلفتين، وفق وثيقة وقع عليها زعيما الائتلافين، تحت يافطة "تدبير انتخابي، للنأي بالحزب كاسم وعنوان عن المشاركة في الانتخابات"، وفقاً لتصريح لنوري المالكي وقته القوى السياسية تسعى للهيمنة على المفاصل المهمة في الدولة، وتتنافس على "الدولة العميقة" رغم نفي الكتل المتنفذة في البلاد لذلك، وواحدة من دلائل "الحرب المناصبية" بينها هي التغييرات الحاصلة مؤخراً في مفاصل مهمة بالدولة، وفتح ملفات وتشكيل لجان تحقيقية بحق مسؤولين وموظفين كبار، غايتها المبطنة إقصاء الاحزاب المنافسة من الاستحواذ على مناصب رفيعة بالدولة. ورغم أن أغلب التيارات السياسية ترى أن مسألة التحالفات أمر مبكر وسابق لأوانه، إلا ان المخفي وما بين السطور يدحض هذا الطرح، حتى أن المراقبين يرون أن القيادات الثانية من الأحزاب الشيعية الكبرى شرعت بفتح حوارات مع قيادات شابة، من أجل تشكيل تحالفات مبكرة، أملاً في الحصول على موضع قدم تحت قبة مجلس النواب المقبل، بهدف أن يكون لها تأثير في القرار السياسي المستقبلي في البلاد. "تحالف مطروح بلا اتفاق" ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، يرى أن ائتلافه من الممكن أن يدخل إلى الانتخابات لوحده وبمكوناته الأساسية. النائب علي جبار، عن ائتلاف دولة القانون، قال إن "خارطة العمل السياسية في المرحلة المقبلة تختلف عن المرحلة السابقة"، مبيناً أن "التقارب بين دولة القانون وائتلاف النصر حصل أكثر من مرة، لكن لم يكن هنالك اتفاق بينهما بمسمياتهما ورموزهما". وأكد على أن "التحالفات السياسية لم تتضح بعد، وموقفنا هو أنه ممكن أن ننزل إلى الانتخابات لوحدنا وبمكوناتنا الأساسية، بناء على بعض الأحزاب تشكلت ضمن الائتلاف". "حركة البشائر، وحزب الدعوة جناح المالكي، ودعاة العراق هم أساسيون في ائتلاف دولة القانون"، وفقاً للنائب علي جبار، الذي أضاف أن "التقارب الفكري حصل مع ائتلاف النصر، ومسألة التحالف معهم مطروحة لكن ليست متفق عليها". شروط النصر للتحالفات المستقبلية في حين نفى ائتلاف النصر، بزعامة حيدر العبادي، توصله إلى اتفاق للتحالف مع دولة القانون، مشترطاً التوافق مع رؤيته وطروحاته ومنهجه في اي تحالف مستقبلي. بدورها، ذكرت آيات المظفر، المتحدث باسم ائتلاف النصر، بزعامة حيدر العبادي أنه "إلى حد هذه اللحظة لا يوجد شيء بشأن تشكيل تحالف بين ائتلاف النصر ودولة القانون". المظفر استدركت أن "أبواب ائتلاف النصر مشرعة على مصراعيها أمام أي كتلة سياسية يتوافق ويتطابق منهجها ومبادئها مع منهج ائتلاف النصر، أما غير ذلك فلا يوجد أي تحالف، لا مع دولة القانون ولا مع أي كتلة سياسية أخرى لا تتطابق ولا تتوافق في المنهج مع ائتلاف النصر". وأشار إلى أنه "من حيث مبدأ التحالفات، ليس لدينا فيتو أو خطوط حمراء على أي كتلة سياسية، أو على أي شخصية حتى تدخل ضمن مشروع النصر"، مردفة أنه "في الوقت الحالي، وعلى وفق هذا الواقع، أعتقد أنه لا يوجد توافق في وجهات النظر في المنهج والرؤى بين دولة القانون وائتلاف النصر وفق الوضع الحالي الذي ينطبق على دولة القانون". وبشأن احتمالية التحالف مستقبلاً بين اتئلاف النصر ودولة القانون، اشترطت المظفر أنه "اذا تغيرت مبادى ونهج وأهداف دولة القانون وتطابقت مع منهج وأهداف ومتبنيات ائتلاف النصر، فهنالك احتمالية أن يكون هنالك تحالف مع دولة القانون ومع أي كتلة سياسية أخرى". "الأمر كله متروك للحراك السياسي المستجد في المراحل المقبلة"، حسب قول المتحدث باسم ائتلاف النصر. أما بخصوص الأنباء التي تشير إلى أنه في حال تحالف هذين الطرفين، فإنه قد يسحب البساط من تحت التيار الصدري الطامح بمنصب رئاسة الوزراء، فقالت المظفر إن "هذا الكلام مبكر جداً لأوانه، فرئاسة الوزراء وتشكيل حكومة يعتمدان على نتائج الانتخابات والحراك الوطني للكتل السياسية ما بعد الانتخابات، كما أن هنالك مستجدات كبيرة ومتوالية ستكون حاضرة بين لحظة وأخرى". الصدريون "واثقون من الفوز" من جانبه، يبدو أن التيار الصدري واثق من حصوله على منصب رئاسة الوزراء في الحكومة المقبلة، وعدم تأثره بأي تحالفات سياسية، معولاً على جماهيريته التي ستحسم الكتلة التي ستحصل على أعلى عدد ممكن من المقاعد. علي سعدون، عضو مجلس النواب العراقي عن سائرون، المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قال إن "التيار الصدري لن يتأثر بأي تحالفات بين الكتل السياسية، فجمهور التيار الصدري ثابت وعدده في ازدياد مستمر". وحول سبب مطالبة التيار الصدري المستمرة بمنصب رئاسة الوزراء في الحكومة المقبلة، ذكر سعدون أن "نهج التيار الصدري الإصلاحي هو ما يدفعنا إلى تولي منصب رئاسة الحكومة"، عاداً "نتائج الانتخابات هي من تحدد الحصول على هذا المنصب". "الجمهور سيكون له دور في الانتخابات ويحصل على الأصوات اللازمة للحصول على المنصب"، وفقاً للنائب عن تحالف سائرون. وبشأن امكانية تحالف التيار الصدري مع كتل سياسية أخرى، ذكر سعدون أن "الكثير من الأحزاب السياسية ترغب بالتحالف مع التيار الصدري"، مردفاً أن "للتيار الصدري نهجاً ومشروع إصلاح، وإذا تطابقت رؤى هذه الكتل السياسية مع رؤية ونهج التيار الصدري، فسنتحالف معها بعد الانتخابات، خصوصاً في حال حصولها على مقاعد نيابية وتطابقت معنا في مشروعنا الإصلاحي". يشار إلى أن التيار الصدري تحدث مؤخراً بشكل صريح عن رغبته في تولي رئاسة الحكومة المقبلة، كما يحاول زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أيضاً طرح نفسه لتولي المنصب مجدداً، خلفاً لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي. وسبق لنوري المالكي ومقتدى الصدر أن تنافسا سياسياً على تزعم المشهد السياسي الشيعي في العراق، كما تواجها أمنياً من خلال "صولة الفرسان"، وهي العملية العسكرية التي أطلقها رئيس الحكومة العراقية وقتها نوري المالكي، يوم الثلاثاء 25 آذار 2008، وذلك بعد مطالبات شعبية بالتدخل لوقف سيطرة الفصائل المسلحة الشيعية، على الأوضاع في وسط وجنوب العراق. يذكر ان العراق شهد تظاهرات عارمة أواخر 2019، استمرت متذبذبة الى الآن، راح ضحيتها أكثر من 600 قتيل و25 الف جريح، واجبرت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة، وكانت أبرز مطالبها الانتخابات المبكرة وتغيير قانون الانتخابات. وكان من المقرر ان تُجرى الانتخابات المبكرة، في 6 حزيران المقبل، حسبما أعلنت رئاسة الوزراء حينها، لكن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اقترحت تأجيل الانتخابات وإجراءها في 16 من شهر تشرين الأول المقبل. وبررت المفوضية سبب اقتراح الموعد الجديد لإجراء الانتخابات، إلى أن ذلك جاء نظراً لانتهاء المدة المحددة لتسجيل التحالفات السياسية، ولقلة عدد التحالفات المسجلة في دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية للفترة المحددة في جدول العمليات، مما يتطلب تمديد فترة تسجيل التحالفات، وما يترتب على ذلك من تمديد فترة تسجيل المرشحين ولإفساح المجال أمام خبراء الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين، ليكون لهم دور في تحقيق أكبر قدر ممكن من الرقابة والشفافية في العملية الانتخابية المقبلة، ولضمان نزاهتها وانسجاماً مع قرار مجلس الوزراء بشأن توسيع التسجيل البايومتري وإعطاء الوقت الكافي للمشمولين به، وإكمال كافة الاستعدادات الفنية
*
اضافة التعليق