بغداد- العراق اليوم: أذا كان لنا من شيء نذكره بفخر واعتزاز طوال السنوات الماضية، وتقشعر له ابداننا كعراقيين مخلصين، فهو بصراحة، هذا الدرع الصلب الذي بنيناه بتضحيات جسيمة، ودماء طهور سالت من إجل حفظ العراق، ولعل المنجز الأكثر شموخاً وعزةً متمثل في هذه الأجهزة الأمنية الوطنية الضاربة التي جاهدت ودافعت بعقيدة وطنية صافية كالذهب، عن الوطن والشعب والدولة، فحفظت الأرض والعرض، وصانت هذا التنوع المجتمعي الجميل. سنوات طوال من التصدي للهجمة الأرهابية الكونية، كنا نرى كيف يتسابق ابناء الحشد الشعبي، وابناء جهاز المخابرات الوطني، والبواسل من جهاز مكافحة الأرهاب، وابناء الجيش العراقي والشرطة بكل تنوعها، من إجل الدفاع عن حياض الوطن. بصبر وحكمة وطول آناة، وعمل على الأرض استطاعت هذه القوات الباسلة من تشكيل عقيدة وطنية جامعة، رغم أسافين التفرقة والاعلام المضلل، وحملات التشويه، لكن بقي جميع ابناء المؤسسات الأمنية العراقية، وحدة واحدة في العمل والمصير والاستعداد الدائم لحفظ العراق. كتب ابناء المخابرات والحشد ومكافحة الأرهاب والشرطة الاتحادية والمتطوعين وكل ابناء قواتنا المسلحة، ملحمة خالدة في التضامن والوقوف كبنيان مرصوص في الدفاع عن ارض العراق، وطرد " العفن الداعشي" عنه بدمائهم، فلم نكن نفرق بين الدماء الزكية، سواء أكانت هذه الدماء حشدية او مخابراتية او مكافحة الأرهاب، بل كنا نستعد بكل عراقيتنا لنؤدي التحية العسكرية لهذه التضيحات، ولا نسمح ولن نسمح بعد الآن ان يعاد سيناريو خبيث يصنف القوات الأمنية والعسكرية بمصنفات واسماء غرضها بث الفرقة ودق أسفين الأنقسام في جدار الصد الأول عن بلادنا. لقد عانى العراقيون جميعاً فيما مضى من حملات اعلامية وسياسية امتدت لمؤسساتهم الأمنية والعسكرية، وشوهت صورتها بقوة، فماذا كانت النتيجة؟ سقوط مدن البلاد، وخسائر لا نزال ندفع فاتورتها غالياً. اليوم، نلحظ ظاهرة غريبة وغير طيبة، ولا ندري هل تصدر عمداً او جهلاً، من خلال التدخل الاعلامي او السياسي في عمل الأجهزة الأمنية والتعليق على القرارات التي تتخذها القيادة المختصة، والتي تقدر الحاجة والأمكانيات، وتعمل في سبيل تحقيق اعلى نسب تكافؤ وتوازن، فالعمل الأمني والمعلوماتي وحدة واحدة لا ينفصل ولا يتجزأ، لذا فأن قرارات القيادة المسؤولة تنبع من تقدير الحاجة، لا دوافع يظنها من يظنها ويراها من يراها. أن التعليق السياسي او الاعلامي على خصوصيات العمل العسكري او الأمني او المعلوماتي يعد في الدول المتقدمة والديمقراطية، محرماً من المحرمات، لما يسببه من شرخ وأذى في جسد هذه المؤسسات ويساهم في اضعاف وحدتها الموضوعية، وقوتها في تنفيذ مهامها الموكلة اليها، لذا فأن قوانين واجراءات وتعليمات تتخذ بتصنيف العمل الأمني وحركة هذه الأجهزة ضمن اسرار الدولة التي يُمنع تداولها علناً، ويحظر البوح بها، فهذه جزء من قوة البلاد وأمنها الاستراتيجي والقومي، ولذا نأمل أن نكون بهذا الوعي وبهذه المسؤولية، وأن ندع الخصوصيات والتفاصيل لمن هو أولى واكثر اختصاص بها، لا ان نحولها لمادة اعلامية صالحة للتناكف السياسي. ولعل الامر الذي شد من وحدة هذه الأجهزة، ونظم أدائها ان القائد العام مصطفى الكاظمي يعرف أساسات هذه الاجهزة، ويعي أصغر تفاصيلها، فهو قريب منها، بل وله جهد واضح في بناء بعضها، وهو اليوم مسؤول أعلى عنها، مما جعلها تعمل كوحدة واحدة.
*
اضافة التعليق