بغداد- العراق اليوم: أعتاد غسان شربل منذ عمله في صحيفة الحياة اللندنية، وصولاً الى أنتقاله الى صحيفة الشرق الأوسط اللندنية أيضاً، وهي صحيفة عربية واسعة الإنتشار، أن يُقابل أبرز الزعماء والرؤساء العرب وغيرهم، فهو يختار اكثر الشخصيات تأثيراً وديناميكية في عالم السياسة والقرار وصُناع الاستراتيجيات ليصنع معهم حواراً،، هو وثيقة وستراتيجية دولة وخطوط دقيقة لرسم معالم عراق أخر يراه قائد شاب وواعد مثل مُصطفى الكاظمي. (العراق اليوم)، لا يُعيد نشر نص الحوار الذي نشرته (الشرق الأوسط)، بقدر ما سيضيء على ابرز ما جاء في هذا الحوار المهم والعميق، والمُكتظ بالإفكار والتصورات التي طرحها رئيس مجلس الوزراء الكاظمي على محاوره. البابا في العراق يبدأ شربل من حدث عالمي، ويسأل الكاظمي عن أهمية ومعنى حدث مثل زيارة قداسة البابا للعراق، فيؤكد الكاظمي على مجريات هذا الأمر، حيث قال " - تشكل الزيارة بالنسبة لشعبنا بكل مكوناته، برمزيتها ودلالاتها، تفهماً ودعماً من قداسة البابا لنهج التسامح والشراكة الوطنية وأواصر المواطنة بين جميع العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية وهوياتهم الفرعية في إطار وطن يحتضن الجميع. والزيارة بمعنى أعمق تحرك من قداسته لإبراز ما للعراق من مكانة، كرسته عبر التاريخ موطناً للحضارات والتراث الإنساني ومهداً للأديان السماوية والقيم المعرفية والثقافية والاكتشافات ورافداً أثرى حركة التقدم والتطور والاكتشافات في مختلف الميادين." العلاقة مع السيستاني في هذا المحور اراد شربل ان يستوضح بطريقة غير مباشرة سمة العلاقة بين الكاظمي والمرجعية الدينية، وسأله عن فحوى اللقاء المُرتقب بين المرجع السيستاني وقداسة البابا، الكاظمي كان أيضاً تفصيلاً بشكل مهذب ورائع، كما واصل شربل في هذا الجزء السؤال عن مخاطر أمنية محتملة او اثارات من هذا النوع، فكان رد الكاظمي قاطعاً وجازماً، الأمور تحت السيطرة، الدولة تحكم سطوتها وسلطتها والأمن ملف لا نقاش فيه. اطفاء حرائق ترامب ! في سؤال ايضاً، سأل شربل الكاظمي، عن دوره في منعِ صِدام خطر بين ايران وامريكا، لكن الكاظمي بذكاء، اجاب بأنه يفعل ما يملي عليه واجبه تجاه مصلحة العراق والعراقيين. وهنا نرفع القبعة لهذا الموقف، فليس الكاظمي عراب مصالحات خارج حدود بلاده، بل باحث عن مصالح العراق، وأي خطوة هي جزء من حساب هذه المصلحة فحسب. الكاتيوشا .. سؤال أم لغم؟ واصل شربل الاثارة في الحوار، ليسأل الكاظمي عن الكاتيوشا التي تستهدف الخضراء، هل هي جزء من عملية الثأر لمقتل الجنرال سليماني، فأقرأ الإجابة كما هي لتعرف أي قدرة على قراءة الحدث من زاوية مختلفة يجيدها الكاظمي. قال في نص الإجابة " - من جانبنا نرى أن أفضل سبيل لإعادة الأمور إلى نصابها على صعيد العلاقات الطبيعية في المنطقة ومن منطلق المصالح المتبادلة هو سبيل التشاور الدبلوماسي والوصول عبر طاولة المفاوضات إلى إيجاد الحلول المتوازنة التي تراعي مطالب الجميع ومصالحهم. أما استخدام منطق القوة والتلويح بغير ذلك من أساليب لي الأذرع فهو رهان خاسر على المدى القريب والبعيد ولا يخدم مصالح أحد، بل يتعارض مع مصالح شعوب المنطقة ويصعد حالة عدم الاستقرار والتوتر فيها. أجهزتنا الأمنية تتابع العصابات الخارجة على القانون التي تحاول خلط الأوراق عبر عمليات القصف الصاروخي هنا أو هناك، ولدينا معتقلون ومتورطون سيعرضون على القضاء. مسارنا واحد هو مسار الدولة العراقية واحترام قوانينها واتفاقاتها وقراراتها، قرار السلم والحرب هو قرار الدولة وليس قراراً يتخذه أفراد هنا أو مجموعات هناك، وأي تجاوز على قرار الدولة سيواجه بسلطة القانون وملاحقة المتسببين به بما يحكم به القضاء. يعتقد البعض أن بإمكانه اتخاذ القرار نيابة عن الدولة، وهؤلاء ثلة مجرمة خارجة على القانون سنلاحقها ونكشف نواياها الخبيثة. في الواقع أن بعض المتنمرين على الدولة ونظامها وقوانينها وسيادتها انساقوا وراء أوهامهم التي خدمتها ظروف معينة، لكن الظروف تغيرت الآن، ولن نسمح بالمزايدات التي كان ضحيتها الشعب العراقي. إن تطلعات شعبنا هي ما يحكم مسارنا وأي خيار آخر يصطدم مع إرادة شعبنا سيمنى بالهزيمة. إن استخدام الأراضي العراقية لتوجيه رسائل سياسية مسموح فقط عندما يكون من خلال القنوات الدبلوماسية والأساليب السياسية. وهذا ما نقوم به اليوم بمسؤولية تجاه شعبنا وانطلاقاً من دورنا في تكريس التهدئة في المنطقة. أما أن تكون الرسائل صاروخية أو إرهابية فذلك ما لن نسمح به، وليس من حق أي دولة أن توجه رسائل إلى الآخرين على حساب أمن شعبنا واستقراره، والعراق حكومة وشعباً وقوى سياسية يرفض أي تدخل في شؤونه الداخلية.
*
اضافة التعليق