بغداد- العراق اليوم: نحنُ أزاء تخبط وموقف غير مفهوم، وغير مسؤول بالمرة من الإدارة الأمريكية الجديدة، ووزارة دفاعها (البنتاغون)، التي حاولت خلط الأوراق، أو ضرب عصفورين بحجر واحد، أو على الأقل، لجهل وزيرها وقلة معرفته الاستراتيجية بالواقع على أرض العراق. فادعائها الأخير حول استنادها على معلومات أمنية قادمة من العراق، ساعدتها في تنفيذ هجمات جوية على جماعات مسلحة موالية لإيران تنتشر في سوريا، وتساعد النظام السوري في قتالِ المتمردين، ثم تراجعها عن هذا التصريح، ونفيه نفياً قاطعاً على لسان المُتحدث بأسم البنتاغون، "جون كريبي" الذي قال: "كانت الحكومة العراقية تحقق في هوية الجهات التي أطلقت صواريخ على أراضيها في الأيام والأسابيع الأخيرة. ولم نستخدم المعلومات العراقية لتحديد أهداف لهجماتنا تلك الليلة". يضعنا امام فرضيات، وكلها راجحة وأقرب للواقع، وقد تكون كلها تقف خلف هذا الادعاء الزائف، وغير المبرر، وغير المنطقي. كيف؟. نعم، فمثل هذا الادعاء، لا يثبت ولا يمكن أن تستند الولايات المتحدة وهي الدولة العظمى القائمة على التفوق المعلوماتي وصاحبة أوسع قاعدة بيانات عن الشرق الأوسط وقواه وأرضه وسمائه وكل شيء، ولا وزارة دفاعها الدقيقة في تنفيذ هجمات مبرمجة ومدروسة بعناية على أي معلومات أمنية قادمة من أي طرف، حتى لو كان حليفاً او صديقاً لها، كما اثبتت الوقائع، وتقول الحقائق ذلك، ثم، عن أي معلومات تتحدث مثل هذه الوزارة في تعليقها الساذج الأول، ونحنُ نعرف والعالم يعرف بأسره، أنها تتبادل المعلومات الدقيقة جداً في سوريا، مع الجانب الروسي، وأنهما يُنسقان بشكل متكامل منذ عدة أعوام فيما يتعلق بانتشار قوات بلديهما، وأيضاً خارطة الجماعات القريبة أو الصديقة لكلا الطرفين، لذا فأن انتشار هذه الجماعات المُسلحة على الأراضي السورية، ليس سراً خافياً على أحد، كي تحتاج البنتاغون معلومات من العراق، أو غيره لتحديد أهداف عمليات عسكرية نعتقد أنها غير مبررة وغير مسؤولة تحت أي عنوان، سيما وأن المنطقة تبحث عن خفض مفاعل التوترات الإقليمية، ومحاولة دفع الجميع لطاولة مفاوضات شاملة ونهائية. أذن، لماذا أُطلق هذا التصريح الزائف؟! بصراحة نحنُ أزاء فرضيتن كما قلنا، الفرضية الأولى، تدل على غباء وحماقة من أطلق التصريح الذي قد يكون محاولة غبية لرفع الحرج عن الإدارة الجديدة، لاسيما في ملف مطار اربيل، وما تعرض له من هجمات صاروخية، وبالتالي حاول خلط الأوراق، وتبرير ما حدث في الأراضي السورية، وليصطدم هذا الفعل الأخرق (أي التصريح) بالحقائق، ويجبر البنتاغون على نفيه لاحقاً كما حدث مع السيد كيربي. الفرضية الثانية، أنهُ جزء من عملية مقصودة وخبيثة يراد بها احراج بغداد مع شقيقتها سوريا، وأيضاً تعكير صفو العلاقات الجديدة مع الجانب الإيراني، وأيضاً تأجيج الأوضاع الداخلية، وهذا التصرف غير مسؤول بالمرة، ويجب أن تتخذ الخارجية العراقية موقفاً حازماً تجاهه، وأن لا يُكتفى بنفي المُتحدث الرسمي بأسم البنتاغون على أهميته طبعاً، بل أن يصدر تكذيب لاحق وواضح من جهة اصدار مثل هذه (الكذبة والافتراء)، مع اعتذار رسمي للعراق !
*
اضافة التعليق