بغداد- العراق اليوم:
كتب المحرر السياسي في ( العراق اليوم) : بدا لافتاً التصريح الذي صدر عن رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، في إجتماع مجلس الوزراء المنعقد اليوم، حيث كانت كلمة الرئيس الكاظمي مهمة، وحافلة بالكثير من القضايا، لذلك حظيت بإهتمام إعلامي عربي وعالمي واسع، إلاً أن الذي لفت انتباهنا، وأستوقفنا من حديثه المهم هذا، تأكيده على رفض أن "يتحول العراق الى ساحة لتصفية الخلافات". هذا الموقف، او التصريح الذي أصدره الكاظمي، لم يكن حديثاً اعتباطياً، ولا كلاماً عابراً يدلي به الرئيس في مقابلة صحافية، أو ربما على هامش حدث ما، بل أختار له موعداً مهماً، وهو انعقاد حكومة العراق برئاسته، وهو ما يعني فيما يعنيه أن الموقف " حازم وجدي" وصادر عن الحكومة العراقية بكل تنوعها، وأن الرفض القاطع لتحويل البلاد لساحة تصفية خلافات دولية على ما يبدو، جزء من مهمة الحكومة، وأحد أهم استراتيجيتها العاملة على تطبيقها. لكن من قصدَ الرئيس الكاظمي بهذا التصريح؟، هل قصد مثلاً الخلاف الخليجي وقطر والسعودية والأمارات والبحرين، أم قصد الخلافات الكردية – التركية، أو الخلافات الأخرى مثلاً؟. مؤكدًا أن الكاظمي يرفض بكل المستويات أي نوع من تحويل الخلافات السياسية والأقليمية الى معركة يكون العراق ساحتها، فالرجل يؤمن بمبدأ الدبلوماسية في تفكيك أي خلاف كمبدأ عام، فضلًا عن دفاعه المستميت عن حرمة الأراضي العراقي، وحفظ سيادة البلاد من أي تهديدات خارجية، ولعل المتابع لما يحدث، سيجد أن الرئيس اشار ضمن حديثه للخلاف الامريكي – الايراني، وأنه أعاد التأكيد الثابت على موقف حكومته الرافض لأن تكون جزءاً من حلف اقليمي أو دولي، أو تعمل بالتبعية لأي طرفي الصراع، مع احتفاظها بعلاقات طبيعية مع كلا الجانبين، وأمكانية تحولها الى وسيط محايد في تخفيف وطأة هذا الصراع، لكن من المستحيل أن يسمح لهذه الأطراف في أن تمارس تصفية الخلافات على أراضي العراق تحت أي ظرف أو مبرر. كما يمكننا القول أن التصعيد غير المسبوق من جانب طهران، ومحاولاتها إجبار الإدارة الأمريكية الجديدة على الرجوع عن العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب عليها، قد دفعها الى محاولة استخدام العراق كفضاء لهذا التصعيد، سواء بشكل مباشر، أو عبر من يرتبطون بها بشكل وبأخر، في وقت تحاول فيه الإدارة الأمريكية احتواء التصعيد الايراني بشكل طبيعي وهادئ لخفض التوتر معها، لكن للأسف ثمة أعمالاً استفزازية كقصف المطارات، أو عمليات قصف البعثات الدبلوماسية في بغداد، قد يكون ضمن عملية ايرانية لأختبار " صبر الإدارة الأمريكية"، وهذا الأمر لا يعنينا حين يكون بعيداً عن أرضنا، وأمننا، وسيادة بلادنا، فلتختبر إيران بما تشاء إختباره، ولتفعل أمريكا ما تريد فعله بعيداً عن أراضينا !
وعودة لتصريح الكاظمي "بعدم السماح في أن يكون العراق ساحة لتصفية الخلافات"، نود ان نسأل: ما هي أدوات العراق المُتاحة لمنع هذا التصعيد، سواء من الجانب الايراني أو الامريكي، وكيف يمكن أن نحيد ساحتنا عن هذا التصعيد المضر، بحيث يأخذ تصريح الرئيس الكاظمي بعداً منطقياً ومقبولاً، بل ويأخذ ما يستحقه من ثقة المواطن ومصداقيته ؟
في الواقع يملك العراق والكاظمي الكثير من الأرواق للعبها في الوقت الصحيح، عكس ما قد يظنه البعض، وليس أقل هذه الأوراق، الورقة الاقتصادية التي يمكن أن يستخدمها العراق في تجنيب نفسه تبعات هذا الصراع الكارثي، ويملك أبضاً قدرة جيدة على إدارة وساطة شاملة بين الطرفين، فضلاً عن صناعة أستقراره الداخلي عبر ميثاق وطني عراقي شامل يمنع بل ويحرم أستخدام العراق كورقة في هذا الصراع المؤذي ليس للعراق فحسب، بل لأطرافه ذاتهم. إذاً لم يرم الكاظمي كلامه اليوم جزافاً، إنما هو يعني ما قاله، ويفهم ما يريد قوله، فهل وصلت الرسالة الى المعنيين بها؟! ربما وصلت، لكني أشك في إنها " دخلت " عقولهم المتحجرة !
*
اضافة التعليق