بغداد- العراق اليوم: لم يمضِ سوى ساعات قليلة على تبني تنظيم داعش الأرهابي، العملية الغادرة الجبانة التي أستهدفت المواطنين العزل في ساحة الطيران، والتي راح ضحيتها 28 شهيدًا وعشرات الجرحى، حتى جاء الرد مدويًا ومزلزلًا للتنظيم وخلاياه النائمة، وقيادته المنحلة والمُطاردة، أنها عملية وادي الشاي، أخطر عملية التتبع والاستمكان والمراقبة التي امتدت لأشهر متتالية من المتابعة والبحث والتقصي، والأختراق لصفوف هذه الجماعات المنحرفة والمأجورة. ظهر القائد العام للقوات المسلحة العراقية، مصطفى الكاظمي، عبر تغريدة عاجلة، ليعلن الثأر لدماء الشهداء الذين سقطوا غدرًا، لربما هي المرة الأولى التي يتلقى فيها التنظيم المتوحش، ردًا بهذا المستوى، وبهذه السرعة، رد اعجز التنظيم، وكسر ظهر المحاولات الحثيثة لعودته مجددًا، لينشط في مناطق معينة من العراق. " لقد قتلنا والي العراق، ونائب الخليفة المزعوم، المجرم ابو ياسر العيساوي"، بهذه العبارة زفت القوات الأمنية النبأ للعراقيين، الذين استقبلوه بفرح غامر، وافتخار بهذا المنجز الأمني الذي سيخلص البلاد من كابوس الأرهاب المتواري خلف ايدلوجيا ظلامية مجرمة. هذا الحدث المحوري لم يكن ليمر دون صدىً اعلامي كبير وواسع، ولا تزال كبريات وسائل الاعلام والصحف العالمية تتابع بأهتمام بالغ هذا الحدث، حيث افردت صحيفة النيويورك تايمز واسعة الانتشار، تقريراً لها، تناول اسرار وخفايا جديدة عن العملية. وينشر ( العراق اليوم) جزء من الترجمة لهذا التقرير، ترجمته الزميلة ( غفران الخالدي): مَن قاد العملية؟ ولفت ماروتو أن قوات مكافحة الإرهاب العراقية قادت العملية بدعم جوي واستخباراتي وتحت إشراف قوات التحالف. وفي حين تلتزم قوات التحالف بسياسة تقضي بعدم الكشف عن هوية الدول المشاركة في شن غارات جوية محددة، أقرّ مسؤولون أمنيون عراقيون رفيعو المستوى بأن الطائرات الأميركية هي التي نفذت الضربات. وأشار مسؤولون عراقيون إلى أن الهجوم الذي استهدف مخبأ تحت الأرض، كان انتقاما لاستشهاد 32 عراقياً في التفجير المزدوج الذي نفذه انتحاريان تابعان لداعش في سوق قرب ساحة الطيران ببغداد، والذي يعد الهجوم الأكثر دموية في العاصمة العراقية منذ 4 أعوام. وكان داعش قد أعلن مسؤوليته عن التفجير. وبعد الهجوم، عمد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لإقالة عدد من القيادات الأمنية والاستخبارية، معتبرا أن تراخي بعض القوات الأمنية والاستخباراتية من العوامل التي ساهمت في حدوث الهجوم. وبحسب مسؤولين عراقيين وأميركيين، فإن الإعداد لعملية استهداف وكر داعش استغرق أشهرا، وقد تم تنفيذها بعد جمع معلومات استخبارية حول المركز الجديد لعمليات تنظيم الدولة. والعيساوي -الذي ولد في مدينة الفلوجة غرب بغداد- كان عاد إلى العراق قبل 6 أشهر، عبر الحدود من جهة إقليم كردستان، قادما من شرق سوريا. وقد كان "نائب الخليفة ووالي العراق" في تنظيم الدولة. وحتى اللحظة الراهنة، لا يُعرف سوى القليل عن زعيم الجماعة أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، خليفة أبو بكر البغدادي الذي توفي بعدما داهمت القوات الأميركية مخبأه في شمال سوريا عام 2019. قائد محوري وبحسب التقرير، فإن قادة العمليات في داعش -مثل العيساوي- لا يحظون بالقدر ذاته من الاهتمام مثل كبار القادة على غرار البغدادي أو القرشي، بيد أن مسؤولي مكافحة الإرهاب أكدوا أنهم يلعبون أدوارا محورية. ونقل التقرير عن محلل مكافحة الإرهاب في مركز "صوفان" الأميركي كولين كلارك، أن "قادة مثل البغدادي يحصلون على الاهتمام، لكن أمثال العيساوي هم الذين يقومون بالعمل القذر، وينسّقون العمليات بين المستويات العليا والدنيا للتنظيم". وبحسب مايكل نايتس، زميل برنامج "جيل وجاي بيرنشتاين" للشؤون الأمنية والعسكرية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "أظهرت المعلومات الاستخبارية أن هذا الرجل كان منسق عمليات داعش، ولا يزال العراق على الأرجح يمثل أرضا خصبة لنشاط التنظيم". ويؤكد نايتس أن مقتل العيساوي يظهر للعراقيين أن الحكومة قادرة على اتخاذ إجراءات فعالة، وأن المساعدة الأميركية المهمة في الغارة تأتي في خضم مواجهة الحكومة العراقية. وبعد تقليص إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عدد القوات الأميركية في العراق، لم يبق سوى نحو 2500 جندي في 3 قواعد عسكرية عراقية. وحتى مع تنامي قدرات القوات العراقية في محاربة تنظيم داعش، لا تزال البلاد تعتمد على المعلومات الاستخبارية والدعم الجوي الذي تقدمه قوات التحالف. ونقل التقرير عن المحلل السياسي الباحث في "مؤسسة القرن" سجاد جياد، أنه "من الناحية العملية، من المهم عرقلة نشاط داعش قدر الإمكان، لكن من الواضح أنه يحتاج إلى الكثير من الرصد والمراقبة"، مضيفا أن داعش أظهر أنه قادر على مواصلة نشاطه من خلال خلايا صغيرة، ولا سيما في المناطق الريفية وفي التضاريس الوعرة، وأنه يستهدف الأراضي التي يصعب على القوات العراقية مراقبتها باستمرار.
*
اضافة التعليق