رسالة من مواطن (كادح) الى جميع السياسيين العراقيين .. ماذا تفعلون لو كنتم في موقع الكاظمي ؟

بغداد- العراق اليوم:

في البدء، علينا أن نفهم أن حب الوطن والاستعداد للتضحية من إجله ليس شعاراً زائفاً، ولا مجرداً عن معاني واقعية، بل يجب ان يقترن بالفعل، فبمجرد أن يشعر المرء ان وطنه بخطر، ويراه ينزلق الى حافات خطرة، تتحفز روحه الوطنية الوثابة لغرض الوقوف معه، مثلما يقف معه الوطن في السراء والضراء، ويبذل كل شيء من إجله، وهذا هو معنى التضحية الوطنية، أما مجرد ترديد الشعارات دون مضمون فهذا أبعد ما يكون عن الوطنية وروحها.

اذا ما فهمنا هذا، فعلينا ان نحاكم على المستوى الأخلاقي كل السياسيين، والذين يتصدون لمواقع متقدمة في هذه الدولة، حيث ما أن يواجه العراق أي كارثة أو أزمة حادة، حتى تراهم يخلون مسؤولياتهم بشكل هستيري، ويحاولون  تصديرها لغيرهم، وتحويل المتصدي المباشر لكبش فداء، ويقفون بموقف المتفرج، فهم في ذلك شركاء في المكاسب والمناصب لكنهم غير مستعدين البتة، أن يضحوا بأي شيء كي يخرج الوطن من كبوته.

هذه الجزئية الخطيرة، فهمها المواطن البسيط ووعاها جيداً، ويعرف ما تعنيه " ديماغوجية" قوى سياسية وشخصيات كارتونية، تظهر نفسها بمظهر المنقذ البطل في الشاشات، بينما تمتنع عن تقديم أي تنازل تجاه الوطن ومحنته.

لستُ كمواطن بسيط معنياً بالتفاصيل الدقيقة، التي يعرفها الكثير من المتصدين، لكني اتساءل ومن حقي الدستوري السؤال، والمناقشة والنقد وحتى الاتهام، عن سبب تحول الكثير من السياسيين (رؤساء كتل ونواب وقادة) الى مجرد  "لطامة" مع جوق من "اللطامين " الذين يريدون اغراء الشارع بشعار براق، بأنهم ضد اصلاحات الاقتصاد التي يقوم بها الكاظمي، وأنهم مع الفقراء، وهم يعون ويعرفون ويعلمون علم اليقين، أن لا مفر من هذه الإصلاحات، ولا سبيل للخروج من أزمة اقتصادية، تمسك بتلابيب العالم، وتخنق الجميع، دون أتخاذ اجراءات قيصرية سريعة ووقائية للخلاص من تداعيات انخفاض اسعار النفط، والاغلاق الطويل للأقتصاد العالمي بسبب هذه الجائحة.

ويعلمون علم اليقين ان العراق يستهلك موارده المالية عبر مزادات العملة التي تدعم الدولار عبر الدينار العراقي، وترفعه فوق مستواه الطبيعي، ويخسر العراق بسببها شهرياً قرابة الأربعة مليارات دولار، تذهب في الغالب لجيوب الفاسدين او اصحاب المصارف الأهلية التي تحولت الى دكاكين تابعة لكتل وجهات داخلية وخارجية.

ونحن نعلم، أن إصلاح الأقتصاد خطوة صعبة، ولكنها عملية ضرورية لأنقاذ الأم والجنين، كما يحدث عادة في العمليات القيصرية، وبدونها سنفقد الأثنين معاً، بمعنى أن الوطن برمته مهدد بالضياع والفقر والأفلاس والحجز على ثرواته ان استمرت معادلة (اقترض وادفع)، والمرتبات تذهب في الغالب لاستيرادات استهلاكية عديمة الفائدة، مع انهيار متواصل للبنى التحتية الصناعية والزراعية، فهل اخترنا رئيس وزراء مسؤول عنا، أم نريده مجرد صراف بسيط يقترض ليدفع لنا ؟.

لسنا من اصحاب الدخول العالية، ولا المرتبات المرتفعة، وقد نكون حقًا في ادنى السلم الطبقي، لكننا نعرف ان استمرار المعادلة الحالية، ستبقينا للأبد أسرى الفقر والحاجة، وكنا ننتظر على الدوام أن يذهب اي حاكم او مسؤول الى خطوات حقيقية مثل هذه لإيقاف المهزلة التي انتجت طبقات ثرية تتمتع بالدعم الحكومي، وتقبض ملايين الدنانير جراء خدمات وهمية في وظائف شبه وهمية، بينما نندفع للعمق اكثر كطبقات عاملة او كادحة ومسحوقة.

نعم، نعرف ان اصلاح نظام المرتبات الفاحش، والذي فيه من الغبن الشيء الكثير سيمكننا من العيش بشكل طبيعي مع اخرين، فحسب مصادر مسؤولة ومطلعة، فأن المرتبات الدنيا والمتوسطة لن تكون مشمولة بهذا الأستقطاع الا بجزء يسير جداً، حيث لن يستقطع من الموظفين الذين يتقاضون مبلغ مليون ونصف المليون شهرياً، الاً مبلغ (ثمانين الف دينار) لا غير، فيما لن تمس رواتب الدرجات دون ذلك الا بمبالغ لا يكاد يشعر بها الموظف البسيط، فضلاً عن تعهدات حكومية واضحة بأن دعماً حقيقياً سيتركز على الفئات الأكثر ضعفاً من الناحية الأقنصادية سيصلها، وايقاف سياسات الدعم للفئات فوق المتوسطة والعليا التي تستفيد من دعم موجه للطبقات الفقيرة بشكل كبير، ولا تساهم بدفع أي ضرائب او رسوم للخزينة العامة، لذلك سيتم إستقطاع أربعين في المائة من رواتب الرؤساء والوزراء والمستشارين، والدرجات العليا المقاربة.

لذا فنحن مع اجراءات الحكومة كمواطنين، شريطة ان يكون هناك ميزان عادل لعملية الدعم، وأن يختزل بطبقات مستحقة، أن تدفع بقية الطبقات الأخرى أجور أي خدمات أو دعم من الدولة، حتى يكون مبدأ العدالة متحققًا.

علق هنا