بغداد- العراق اليوم: يعرف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ان الأقتصاد الريعي المعتمد كلياً على النفط ومردوداته المالية، لن يستطيع بأي حال ان يدير المشهد الأقتصادي، وأن يفتح أفاق تنمية حقيقية، لاسيما مع استشراء الفساد المالي والإداري، وضعف إدارة القوى العاملة، وأيضاً غياب الأستراتيجيات الفاعلة في تحويل الريوع النفطية الى مشاريع ذات جدوى حقيقية، كقطاعات الصناعة والسياحة والزراعة، والاستثمار العلمي والفني والبحثي، وغيرها من القطاعات التي تشتغل الآن في العراق كهياكل إدارية مُستهلكة تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة، فهي لا تنتج في الغالب، إنما تعتاش على النفط كمصدر ممول للموازنة العامة للدولة، في معادلة خطيرة جداً، وتهدد بكارثة أن أستمرت الدولة تدار بمنهج " أصرف ما في الجيب، يأتيك ما في الغيب"، وهو أسلوب لا تعتمده أبسط مؤسسة في أي بقعة من هذا العالم، فكيف الحال في بلاد تسجل نمواً سكانياً هو الأسرع في المنطقة، وتتقلص فيها المساحات الزراعية، وتعيش أزمة مياه حقيقية، وغيرها من المشاكل المنظورة، وتلك المؤجلة كإستحقاقات قادمة. بهذه العقلية الواعية يُدرك رئيس الوزراء أن دخول العراق الى حلبة الدول التي تستثمر مواردها الطبيعية، وتلك القوى العاملة، وقدراتها السوقية يمكن أن تدفع بها نحو ميدان الدول الناشئة، والاقتصادات المتجددة، لا سيما في استثمارات غير مسبوقة على مستوى التنمية الشاملة، والدخول في عصر السوق العالمي الجديد. وقد أتخذ رئيس الوزراء خطوة هامة في سبيل النهوض بهيئة الاستثمار الوطنية، هذه المؤسسة التي تستهلك في الأعوام السابقة المليارات من الدولارات لتشغيلها دون فائدة تذكر، أو أي إنجازات تشخص، لذلك جاء الكاظمي برئيسة لهذه الهيئة من أصحاب الشأن والمعرفة، وامن ذوي لوزن الثقيل في هذا الميدان الحيوي.. ونقصد بها المهندسة الفذة سهى النجار، التي كشفت عن كارثة حقيقية، حين وجدت ان المبنى الجديد للهيئة يتجاوز سعرة الـ 30 مليار دينار عراقي، ولا يزال قيد الانشاء. نعم، لقد كان خيار الكاظمي مصيباً جداً بالدفع بهذه الشخصية ذات الإمكانات والقدرات المميزة، حيث عملت هذه السيدة كمستشارة لرئيس "مجلس الوزراء العراقي" لشؤون الاستثمار، ومؤسسة "شركة أكاديا بارتنرز" في المملكة المتحدة، كما تشغل عضوية "مجلس الأعمال الوطني العراقي" منذ 2018، وتملك مجموعة من الشركات التجارية والمالية. كما شغلت منصب مستشارة الشؤون الاقتصادية لرئيس مجلس الوزراء العراقي، وعملت مديرةً في "بنك الكويت الوطني" في دولة الكويت بين عامي 2005 و2007، وعملت في عدة شركات في المملكة المتحدة، حيث تولت منصب نائبة رئيس "شركة آسبكت كابيتال" بين 2002 و2005، ومحللة أسهم في "شركة نومورا الدولية" في بين 1996 و2002، و"بنك جي بي مورغان" بين 1994 و1996. وهي ايضاً، حاصلة على ماجستير في التمويل والاقتصاد من "جامعة لندن"، وبكالوريوس في الاقتصاد من "جامعة ساسكس" في المملكة المتحدة. النجار تحدثت في حديث صحافي، عن رؤية مغايرة لملف الاستثمار في العراق، حيث قالت "خريطة استثمارية يمكن تحديدها لكنها يجب أن تعكس الواقع الحقيقي والحاجة الحقيقية التي تتمثل بالبنية التحتية، فالعراق كان لديه قطاع صناعي لا يُنافَس في الشرق الاوسط، فلدينا تركيز على القطاع الصناعي والقطاعات غير النفطية والقطاع السياحي وهو ما يستدعي التوجه نحو الاستثمار في الكهرباء والماء والطرق والمستفشيات والتعليم وغيرها من القطاعات". وبشأن المشاكل المتعلقة بطريق مجمع بسمايا، أشارت النجار، إلى أن "المشروع يعتبر مباعاً كلياً، أما الطريق فسنعمل على توفير المبالغ لبناء الطريق، وفكرة إحالة الطريق إلى الاستثمار مطروحة، إلا أننا (مستعجلون) في تأهيل الطريق، ولذلك أتوقع أن نتولى تنفيذه بشكل مباشر". وقالت النجار، إن "هيئة الاستثمار الوطنية لا تمتلك سلطة على مكاتب الاستثمار، في المحافظات الأخرى، ولكن هناك تنسيقاً وتواصلاً، ونحن نساعدهم في بعض الإجراءات، لكن هيئات المحافظات مستقلة تقريبا، ونحاول أن يكون التعاون أكبر". وتابعت، أن "مبادئ الهيئة الشفافية في كل شيء، ولن يكون هناك صفقات خلف الأبواب المغلقة"، مشيرة إلى أن "الفرص الاستثمارية ستعلن ونعمل مع دول شقيقة ومؤسسات أخرى، ويجب أن تعلن جميعها وسنأخذ العروض ولكن يجب أن يكون المستثمر حقيقياً وهناك معايير في اختيار المستثمر وفق معايير فنية، ونطبق ذلك في الهيئة الوطنية". وأكدت النجار، يوم الخميس، وجود 850 مشروعا متلكئا لدى الهيئة، ملوحة بإطلاق حملة لسحب اجازات استثمارية من المشاريع المتلكئة. وقالت إن "لدى الهيئة الوطنية للاستثمار850 مشروعا متلكئا مختلفة الأجناس، والعقارات تعتبر جزءا كبيرا منها والصناعة كذلك، هناك من يواجه مشاكل حقيقية، لكن هناك مستثمرين حصلوا على قطع أراض من أجل المضاربة فقط، لن نسمح بالمضاربة بممتلكات الدولة، وسنقوم بسحب اجازات الاستثمار من المستثمرين المتلكئين الذين لم ينجزوا شيئاً". وأضافت، أن "العراق يحتاج الى مئات المليارات للبناء، ولا نمتلك السيولة المطلوبة في القطاع المصرفي، حيث أن السيولة الموجودة في القطاع المصرفي لا تكفي لإعادة البناء بالرغم من أنها مولت بعض المشاريع". وبيّنت، "يمكن إعادة بناء العراق بأمواله الذاتية، لكننا نريد إشراك الشعب، في العملية الاستثمارية، لا ينبغي أن يكون الاستثمار في العراق محدوداً بيد قلة من رجال الأعمال".
*
اضافة التعليق