الحلقة السادسة عشرة ... بتشكيل كابينته الأمنية الحالية، الكاظمي وضع خطوته الأولى في طريق النجاح، وبعث رسالة لا تحتاج لتوضيح!

بغداد- العراق اليوم:

ظلت مشكلة التشكيل الأمني في اي حكومة عراقية بعد 2003، من أبرز التحديات التي تواجه رؤساء الوزارات المتتابعة، فهذه المهمة ليست يسيرة بصراحة، خصوصاً اذا ما أخذنا دقة الظروف الأمنية، وتداخلها مع الشأن السياسي، والاضطرار الى لعبة التوازن الوطني (الطائفي- القومي) في تمثيل القيادات الأمنية، لذا سجل العراق على مدار اعوامه الماضية، كوارث كبرى في مجال الأمن، وتحول الملف الى لعنة على الجميع، وكان من أهم الملفات التي تُخفق فيها الحكومات غالباً، وهو ما يكلف العراق دماءً وأموالاً وفرصاً للتنمية والبناء والإعمار.

مع تشكيل حكومة الكاظمي كان الجميع يتطلع الى خياراته الأمنية، لاسيما في ما يتعلق بملف الأمن الداخلي، حيث تبدو هذه المهمة الأكثر تماساً في حياة الناس، ومصالحهم واستقرارهم الداخلي، ولا يريدون أن يضحوا بأي تقدم تحقق على مدار 17 عاماً، بل يسعون لتطويره بقوة.

فماذا كانت خيارات الكاظمي للملف الأمني؟

سنعرض بهذه العجالة بعض الخيارات الناجحة التي وضعها رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة موضع ثقته، فكانت بمثابة الخطوة الأولى التي يضعها الرجل في طريق النجاح، ومن هؤلاء القادة

قاسم الأعرجي:

فهذا الرجل الذي ينحدر من صفوف الحركة الجهادية والنضالية ضد الدكتاتورية، كان ابرز علامة من علامات الاعتدال والوسطية والانفتاح على الأخر، وقوة الشخصية، ووضوح القناعة، والقدرة على الحوار، والأستيعاب، وتحييد الخصم بالإقناع، وغيرها من المهارات التي اثبتها عملياً ابان توليه منصب وزير الداخلية في حكومة حيدر العبادي، وقد كان الجميع بصراحة يتطلع الى أن يأخذ دوره في حكومة الكاظمي، ولأنه لم يكن في تشكيلته الأولى، فأن الكاظمي لم يتوانَ في الزج به كلاعب أساسي ضمن فريقه الأمني القوي والفاعل، حيث وضعه في موقعه المهم: مستشارية الأمن الوطني، حيث هذه المؤسسة التي أصفها بأنها نابض العمل الأمني، وبؤرته اللامة، وعينه الراصدة بحيادية، وذات قوة وتأثير، وبالفعل فقد اثبت خيار الكاظمي نجاحه بعد مدة قصيرة، حيث حول الأعرجي هذه المؤسسة الى ورشة عمل أمني، وتفاعل حيوي قل نظيره مع أي تطورات أمنية، أو ملفات ساخنة، ولعل ما قام به في ملف ديالى الأخير، وملف الناصرية مؤخراً، خير شاهد على قدرة الرجل على معالجة الأزمات الصعبة، وفي الظروف شديدة التعقيد، فأصبح دون شك الساعد الأيمن (الأمين) للقائد العام للقوات المسلحة، وليس مستشاره فحسب..

نعم لقد كان الإختيار ناجحاً جداً، وها هو  الكاظمي يحصد ثمار إختياره الموفق، فكانت بحق ضربة "معلم" كما يقال.

عبد الوهاب الساعدي:

لم يتأخر رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، في اعلانه بعد ساعات قليلة على نيله وحكومته الثقة في مجلس النواب، في الاعلان شخصياً عن إعادة القائد الشجاع، الفذ والمحبوب شعبياً، الفريق أول الركن عبد الوهاب الساعدي الى جهاز مكافحة الأرهاب، وهذه المرة قائداً له، بعد أن أُقصي عنه لأسباب مجهولة من قبل الحكومة السابقة، وهنا كانت الضربة الموفقة الثانية لرئيس مجلس الوزراء الذي أطاح بملف المؤامرات المزعومة، وأعاد الاعتبار لأهم جهاز في الدولة يعنى بملف الأرهاب، وقد حول الساعدي جهازه الى مؤسسة أمنية معلوماتية، فنية، لوجستية، فضلاً عن كونها اجرائية، ولا يزال العراقيون يفخرون بها وبقوتها واقتدارها العالي في مواجهة الصعاب والملمات، وهذا الخيار الناجح الثاني للكاظمي ايضاً.

الفريق عثمان الغانمي:

يمثل منصب وزير الداخلية في أي حكومة، صمام أمانها، ويمثل وحدة وجودها، فوزارة الداخلية، دولة متكاملة، وفعاليات متعلقة بكل شيء، وفيها مصهر عظيم لكل أنشطة المجتمع وحركته، ولذا فأن الحديث عنها، سيكون دقيقًا، وخيارها يجب ان يكون منضبطاً وفق القياس الوطني، لذا فأن نجاح الكاظمي بالدفع بهذه الشخصية المهنية العسكرية القوية الفذة، وذات التاريخ الوطني المُشرف، واليد النظيفة، والمهنية المشهود له بها، كان أيضاً من خيارات الكاظمي الناجحة جداً، والتي لاقت نجاحاً لافتًا للنظر، حيث يتمتع الغانمي بكاريزما القائد الميداني، والحازم والشجاع، والمعتدل في التوجه الوطني، البعيد عن التشنج او الغرور أو غيرها من أمراض ترافق في العادة بعض المسؤولين الأمنين، بل الكل يلمس مدى حرص الرجل ومهنيته واستقلاله، وولائه الوطني وقربه من مؤسسته وعناصرها لإجل تنفيذ المهمة الموكلة له.

وهنا أيضاً يُسجل للكاظمي قصب السبق في توظيف هذه القدرات الوطنية في بوتقة حكومة عمل حاسمة ومهمة.

وللحديث صلة في حلقة لاحقة عن خيارات الكاظمي الأمنية..

 

 

علق هنا