بغداد- العراق اليوم: لا يمكن أعتبار ثورة تشرين 2019 في العراق، مجرد حدث طارئ، ولا يمكن أن تكون هزاتها الارتدادية متوقعة، مالم يتم العمل على استيعاب هذه الهزة القوية التي كادت ان تطيح بالعملية السياسية برمتها، ولربما لم يكن بالأمكان ان تمتد مناورة القوى التقليدية الممسكة بالسلطة الى ابعد مما ناورت فيها حينها، حيث ان استمرار الضغط الشعبي، وتحول المدن الثائرة الى مراكز تحشيد، ورفض الحلول الحكومية انذاك، كانت تنذر بحدث شديد الخطورة، لذا كان العقلاء في العملية السياسية قد تفهموا الحاجة الى وسيط محايد، وطني، ومعروف بأنهُ الأكثر قدرة على سحب فتيل الأزمة، وقيادة مرحلة انتقالية للسلطة، ريثما يتم تنظيم انتخابات عاجلة، كما أوصت المرجعية الدينية، وطالبت القوى الدولية وقتذاك. بهذه الأجواء، ومع رفع صور مصطفى الكاظمي في الساحات الشعبية الاحتجاجية، والمناداة به كحل من الحلول الواقعية التي تقدمت بها ساحات التحرير، كانت البوصلة قد اتجهت الى مسار الرجل، الذي منذ وصوله الى سدة الحكم، وأولى اطلالته الصحافية على الجمهور، أكد أن أستحقاقات تشرين وحراكها الشعبي، سيكون موضع تنفيذ، وأن المطالب الجماهيرية ستكون هي برنامج عمل حكومته التي ستقود هذه المرحلة، وستكون هي الحد الفاصل بين زمنين، وأن تنظيم الأنتخابات المبكرة سيكون هو العلامة الفارقة. لكن أي انتخابات تلك؟ هنا يكمن السؤال الأهم، والحقيقة أن الكاظمي يعي أن تنظيم عملية انتخابية ذات مصداقية، ووفق قانون عادل من شأنه أن يعدل المسارات السياسية في البلاد، ويقود الى حل وسطي يرضي جميع الأطراف، ويعيد المعادلة الى توازنها المفقود، لذا تراه يعمل هو وفريقه الحكومي على تهيئة الأجواء السياسية والفنية واللوجستية والأمنية لغرض البدء بمرحلة الدخول في انتخابات شفافة ونزيهة وذات مصداقية عالية، وتنافس حقيقي دون السماح للمال السياسي الفاسد أو السلاح المنفلت في التأثير عليها، وهناك يمكن القول ان الرجل انجز نصف المهمة ان لم يكن أكثر، وقد بدأ بالحل الأكثر أهميةً، وكل الأجراءات والحلول الأخرى لم تكن سوى اجراءات مكملة لهذا الاجراء. أن الانتخابات المبكرة، قد حددً موعدها، وأنجز قانونها، وتم اكمال مفوضية مستقلة لها، وها هي الحكومة تعمل على بسط نفوذها، وأعادة تسوية ملف المناطق المتداخلة، كسنجار وغيرها، وأيضاً يتم الترتيب للمزيد من الاجراءات الأخرى، وبذا يكون الوضع مهيئ تماماً ليخوض الشعب العراقي تجربة جديدة، وليحكم إرادته في كل القوى السياسية التي ستتنافس، وسيعزل من يشاء ويبقي من يشاء، ولن يُسمح لأي كان ان يختطف الأنتخابات أو يتلاعب بنتائجها كما حدث من قبل، وهذا التزام اخلاقي وقانوني يتعهد ويقوم به الكاظمي وفريقه، ولربما سنشهد تنظيم انتخابات هي الانزه والأكثر شفافية اذا ما تم الاستمرار بالمنهج الذي تتبعه الحكومة الآن في تنظيمها.
*
اضافة التعليق