الحلقة الثالثة من قطار الكاظمي الملغوم بالقنابل .. ما علاقة (الشهيد الحي) بالبندقية المنفلتة، وقوى اللادولة ؟

بغداد- العراق اليوم:

شاع في الأوانة الأخيرة مفهوم  "قوى اللادولة" كتعبير عن تلك القوى المُتحالفة  علناً أو ضمناً على تقويض بسط مفهوم الدولة، وأستعادة السلطات الشرعية لقرارها السيادي، وتحييد أي فعل غير قانوني أزاء المجتمع أو الاقتصاد أو السياسة أو العلاقات الخارجية، أو قرار السلم والحرب.

طبعاً، هناك من يحاول أن يُجير المفهوم، أو يرسخه بإتجاه معين، وهذا جزء من سياسة بغيضة تنتهجها وسائل اعلامية معادية للعراق، أو تحاول اللعب على أوتاره الطائفية أو القومية، وهذا بطبيعة الحال اختزال غير منطقي لمفهوم قوى الدولة التي لو أردنا أن نُعرفها نحن كمراقبين مستقلين، لقلنا أن تعبير شامل عن تحالف قوى الفساد البيروقراطية متزاوجاً مع مفهوم قوى الفساد السياسي، مدعوماً بكارتل رجال أعمال فاسدين يديرون داخلياً وخارجياً حملات منظمة لنهب موارد الدولة عبر التحالف مع القوتين اعلاه، مضافاً الى هذا حلف عشائري قبلي، فضلاً عن إنتشار جماعات مُسلحة خارج النطاق القانوني الآذن بتشكيلها او شرعيتها، مُضافاً الى هذا كله المجاميع الأرهابية التي تشكلت في العراق عام 2003 وما بعده، والتي كان هدفها الستراتيجي تقويض أي محاولة لرسم معالم الدولة في العراق.

ومن يطلع الآن على تحالف قوى اللادولة هذا الآن، سيعرف التحدي الذي يواجهه الآن رئيس الوزراء الكاظمي بحكومته الانتقالية، وكيف يمكن أن يُدير قوى الدولة التي للأسف البعض منها شريك في قوى اللادولة، والأخر مهادن لها، والثالث محايد خوفاً على مصالحه او على رأسه، فيما تتجمع مع الدولة قوىً وطنية اخرى، تحاول جاهدةً أن تفكك القوى المضادة، بالشرعية القانونية التي تمتلكها فحسب.

لذا فأن مهمة المواجهة التي عبر عنها الكاظمي في مؤتمره الصحافي الأخير، شرسة وبلا رحمة، ولا تعرف التراجع من قبل تلك القوى، فحصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، وحملات مكافحة الفساد، ومراجعة شاملة للعقود المليارية التي أُبرمت بين قوى الفساد البيروقراطي والفساد المالي، مدعومةً بإسناد عشائري، يعني أن الرجل يريد ان ينهي ظاهرة اللادولة، ويهدد مراكز اساطينها القارةوالفاعلة منذ عدة اعوام في قلب المشهد السياسي والاقتصادي، فهل نعي أذن حجم التحدي؟، وكيف يمكن العمل في بيئة معادية كهذه؟.

أن وصف رئيس الوزراء الكاظمي لنفسه في أول إطلالة صحافية له بعد تشكيله الحكومة بأنه الشهيد الحي، أنما هو توصيف دقيق جديد، فمواجهة "مافيا اللادولة" التي تمتلك الآن سلاحاً ومقاتلين لربما، وأقتصاداً موازياً، واعلاماً مضاداً، ونفوذاً سياسياً واقتصادياً، ليست مهمة يسيرة، ولن يكون الذي يخوضها الاً رجل قادر على الذهاب الى أقصى نقطة في المواجهة لاستعادة الدولة المُغيبة أو المُختطفة.

نعرف تماماً كيف يتم العمل على محاولة تفريغ المشروع الذي يريد ان ينفذه الرئيس من محتواه، وأن يُدفع للشارع بأزمات أو فبركات مستمرة، أو ممارسة ضغوط هائلة على الحكومة من إجل التراجع، لكن أملنا كبير بالقوى المؤمنة بالدولة، وهي الغالبية العظمى من الشعب ان تكون بمستوى المسؤولية وأن تساند مفهوم الاستعادة هذا بصبر وقوة وثبات، وان لا تمنح تلك القوى المضادة أي فرصة لاعادة ترتيب اوراقها التي بعثرتها رياح الكاظمي التي أنطلقت لهدم أسوارها الخفية او الظاهرة .

 

علق هنا