بغداد- العراق اليوم:
وفق قاعدة قانونية مشهورة مفادها أن(العقد شريعة المتعاقدين)،وأيضاً يقال في المجال الفقهي والقانوني: "الزموهم بما ألزموا به أنفسهم" أي أن الالتزام على قدر التعهد، وأن التنفيذ وقياسه سيكون على وفق ما تقدم به صاحب العقد، طبعاً هذا يبدأ من أبسط العقود البسيطة التي يجريها المرء في حياته، وصولاً الى تعهدات الدول والامبراطوريات العظمى، بما في ذلك المواثيق السماوية وآلالهية التي تسن شرائع الانسان وتلزمه بما يُلزم به نفسه!. من هذه القواعد القانونية والفقهية، يمكننا قياس ما أنجز من تعهدات قطعها رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي على نفسه أثناء تكليفه وأثناء منحه الثقة من مجلس النواب، الذي هو عقد بكل حال، فالحكم في الانظمة الديمقراطية غير الشمولية، عقود منظمة بين الحاكم والمحكوم، بين السلطة والشعب، تعمل وفقها، وتتحاسب على تنفيذ فقراتها، فأذا أخل الحاكم بالعقد، أو أخفق في تنفيذ بنود الالتزامات، جاز للمتعاقد فسخ العقد، وأنهاء العلاقة العقدية بينهما، وهنا يأتي مبدأ تغيير الحكومات في النظام الديمقراطي المرن. ولأننا لا نريد أن نحمل الحكومة أكثر مما تعهدت به، دعونا نجري مساءلة صحافية معها ونرى كم التزم رئيسها في تنفيذ ما تعهد به لنا كشعب، وما هي الفقرات والبنود التي لا تزال تنتظر، ولنأتِ عليها عبر هذه الفقرات السريعة: • ملف التظاهرات الشعبية : في هذا الملف بالتحديد، تعهد رئيس الوزراء اثناء تكليفه، وبعد منح حكومته الثقة بأن يعمل على حماية التظاهرات ومنع أعمال العنف ضدها ومحاسبة من يعتدي عليها، وتعهد بالعمل على تلبية مطالبها، وأثببت الأشهر السابقة صدق هذه التعهدات، فالساحات الرئيسة بقيت مؤمنة، وحتى من رفع الخيام في بعض الساحات، فكانت بخيار المتظاهرين أنفسهم. • ملف محاسبة قتلة المتظاهرين : في هذا الملف تعهد رئيس الوزراء أن يُتابع ملف قتلة المتظاهرين السلميين، وأجراء تحقيق شفاف وبإشراف قضاة مستقلين، وبالفعل ما أن وصل الرجل لموقعه حتى نفذ تعهده، وتشكلت اللجنة، والآن تواصل اعمالها بكل مهنية وقانونية، وبعيدة عن وسائل الاعلام والضغط الشعبي، وقد تنجز أعمالها قريباً، اذا ما عرفنا أن رئيس الوزراء لم يتوانَ ولا للحظة عن رفع اليد عن أي منتسب يدان او يتهم بأي جريمة أو شبهة جنائية، ولعل سجون الداخلية فيها الكثير من الموقوفين على خلفية التظاهرات الشعبية وما رافقها ابان حكومة عبد المهدي المُقالة. • ملف جدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق: هذا الملف من أخطر وأعقد الملفات التي تناولها برنامج الكاظمي الحكومي، ولعل الرجل لم يتنظر طويلاً في الذهاب الى واشنطن صاحبة التواجد الأكبر في العراق، والطلب من رئيسها السابق دونالد ترامب جدولاً واضحاً بإنسحاب قواته من العراق، والحصول على تعهد والتزام امريكي واضح بالإنسحاب خلال أشهر بسيطة قياساً بطبيعة الأنتشار والتعقيدات الأمنية واللوجتسية التي يعرفها المختصون. • ملف الانتخابات المبكرة : وهو ملف مهم جداً، والتزام رئيسي في برنامج الحكومة الانتقالية، وهو ما جرى فعلاً، فخطوات الكاظمي، وتحديده لموعد الانتخابات المبكرة، وتعيينه مستشاراً من أمهر الخبراء في مجال الانتخابات، ومتابعته التفصيلية لمجرياتها، كلها أمور تقول أن الرجل ملتزم تماماً بهذا البرنامج، ويدفع بقوة لانجازه بموعده على الرغم من المشاكل والمعوقات الكبيرة التي قد تقف حائلاً دون ذلك. • مفوضية مستقلة للانتخابات : وهذه الخطوة نُفذت بشكل جذري وحقيقي، والآن تتمتع مفوضية الانتخابات بإستقلالية واضحة، وتعمل بشكل متواصل متلقيةً الدعم الحكومي الواضح لخطواتها، دون التدخل في عملها الفني لا من بعيد ولا من قريب. • انجاز قانون انتخابي متعدد الدوائر الانتخابية: وهذا الملف انجز بعد أن نُشر قانون انتخابي لم يسبق أن أُقر مثله في العراق سابقاً، وسيضمن تمثيل حقيقي للذين وقعت إرادة الناخب عليهم والفائزين بأعلى الأصوات . وللحديث صلة في الحلقة المقبلة.. فأنتظرونا..
*
اضافة التعليق