كيف جنب الكاظمي قطار الغضب من التصادم العنيف الذي كاد ان يودي بالجميع؟

بغداد- العراق اليوم:

يمضي رئيس مجلس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في مشروعه رغم وجود معارضين كثر، مع تشكيك متواصل من قبل الحلفاء قبل الفرقاء، ومحاولات لتكسير مجاذف هذه الحكومة بأي شكل، حتى بإستخدام سلاح التجويع تارةً، أو الهجوم الاعلامي الكاسح تارةً أخرى، أو غيرها من التلويحات، الا أن الرجل يمضي بطريقه، مع تأكيده المستمر على أهمية أن يكون المشروع الذي يقوده سيؤدي الى انتخابات مشروعة ومقبولة وعادلة وممثلة للجميع، وللعلم فأن القوى التي تهاجم الكاظمي تصريحاً أو غمزاً، كانت تنتظرها سيناريوهات مرعبة لو لم يأتِ الرجل كحل وسط بينها وبين شارع ثائر ومتمرد عليها، وكاد أن يحرق الأخضر واليابس، فالكاظمي يقود حملة إطفاء " حرائق احتجاج شعبي كاسح" ويحاول أن يحول هذه السخونة الى فلاتر أقل ضرراً بالوطن، عبر إعادة استمزاج رأي الشارع مجدداً، وتحكيمه بأسلوب غير أساليب الاحتجاج "العنيف" التي عرفها العراق.

بمعنى أخر كما يقول مراقبون ومحللون، أن الرجل يحاول بكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة أن يقود القاطرة نحو المحطة الأكثر هدوءاً وأماناً، وأن يجنب القطار المتعثر في طريقه، كل مآلات التفكك الى عربات متناثرة، وأن يجعل محطة (الانتخابات) مرحلة أنطلاق جديدة، ضامناً أن يكون الوصول اليها بشفافية ودون ضغوط، وبالشكل الذي يضمن عدم تفجر الإحتقان الشعبي المتراكم منذ انتخابات 2018 بما شابها ما شابها، وحملت ما حملت من بذرة فناء العراق، لولا حكمة بعض الأطراف المعتدلة، والمقبولة شعبياً، كالمرجعية الدينية، وبعض الأطراف المحايدة، لاسيما جهاز المخابرات الوطني العراقي ورئيسه الكاظمي نفسه، الذي يتمتع بمقبولية كافية لأن تجعله طرفاً وسيطاً، في مفارقة تحدث لأول مرة في العراق، حيثُ يتولى رئيس جهاز أمني (كان إسم هذا الجهاز لوحده مرعباً في عهد الدكتاتورية) وساطة وطنية ناجحة ومقبولة وفعالة، ويظهر في الوقت المناسب كخيار وحل وسط بين أطراف سياسية عانت " إستعصاء سياسي" مؤذٍ.

أن حكومة الكاظمي كما يصفها رئيسها بأنها " أنتقالية" وهي بالفعل أنتقالية، وحد فاصل بين زمنين، فأما أن يكون زمن العراق القوي الموحد القادر، والحر الديمقراطي التعددي، الذي يكون نظامه السياسي مستقراً ونابعاً من إرادة شعبه، أو – لا سمح الله – أن يكون العراق الممزق، المتصارع، المفكك، الذي لا يستطيع أنتاج دولة ابداً، وأن أمته ستكون مجرد جماعات متصارعة لا تجمع بينهم رابطة، ولا يمكن أن يتوحدوا على رأي.

المطلوب وبدون مجاملة الحكومة، أو مديح لها، أن يتكاتف الجميع، لاسيما القوى السياسية الفاعلة، في دعم هذه المرحلة الانتقالية، والعمل على استكمال عملية انتقال السلطة بشكل سلس وتدريجي وهادئ، وعدم إستفزاز الشارع مجدداً، من خلال إفشال خياراته التي طالب بها، أو إفراغها من مضمونها، فالشعب طالب بشخصية وطنية مستقلة غير مرتبطة بأقليم أو محور دولي، وهو يريد انتخابات حرة وشفافة وسيختار من يمثله، فلا تضيعوا الفرصة الأخيرة، بمزيد من المناكفات ومحاولات كسب الوقت، والتملص من وعود كنتم قد  قطعتموها في الشدة، فرجاء لا تنكروها في ( النفاه ) ؟!

علق هنا