بغداد- العراق اليوم: سؤال مهم طرحه الكثير من المتخصصين في الشان العراقي، يتلخص في معرفة إن كان الهجوم الصاروخي الذي حصل يوم الاربعاء على قاعدة التحالف الدولي، يستهدف قاعدة التحالف الدولي فعلاً، أم كان يستهدف جهة أخرى غير هذه القاعدة؟ وإذا كان هذا السؤال لا يحتاج الى عناء في الإجابة عليه، ولا يستدعي الإستعانة بمحللين سياسيين وعسكريين، او بخبراء ستراتيجيين، بإعتبار أن الأمر بسبط وواضح لمن يريد ان يعرفه فعلاً، فالصواريخ المطلقة في أربيل يوم الاربعاء الماضي كان هدفها (الظاهر) قاعدة التحالف لكن في (الحقيقة والباطن) فإن هدف هذازالهجوم الصاروخي كان الكاظمي، أما كيف، فتعالوا نتابع التفصيل بهدوء ودون تسرع : "كان الهجوم على قاعدة للتحالف الدولي في اربيل، يمثل تحولاً في طبيعة الصراع بين الولايات المتحدة والفصائل المسلحة، فهو وإن لم يتسبب بخسائر بشرية أو مادية، لكنه عكس مستوى التوتر الكبير الذي تشهده المنطقة، واستعداد الميليشيات المنفلتة، لتنفيذ هجمات من المحافظات العراقية التي تنتشر فيها. بعد أن أعلن الجيش العراقي رسمياً، عقب هجوم الأربعاء، الذي نفذ بستة صواريخ انطلقت من حدود برطلة (سهل نينوى) بين قرى شيخ أمير وترجلة، وهي مناطق يسيطر عليها الحشد الشعبي، عن توقيف المسؤول عن أمن المنطقة وفتح تحقيق بالحادث. وقد صعد هذا الهجوم من لهجة خطاب المجتمع الدولي ضد حكومة بغداد والمؤسسة العسكرية، بسبب عدم القدرة على كبح جماح المليشيات التي باتت تهدد أمن البعثات بشكل واضح، خاصة بعد إعلان أربيل تورط لواء 30 ضمن الحشد الشبعي في تلك الحادثة، وهو تحول نوعي يضع النقاط على الحروف ويسمّي الأشياء بمسمياتها، دون مواربة أو القفز على الحقائق، وفق مراقبين. رسائل إيرانية ويقول مختصون، إن إيران تسعى من خلال ميليشيات معينة خارجة عن القانون، إلى البرهنة على أن جميع أراضي العراق ليست صالحة لاستضافة دبلوماسيين أو جنود أمريكيين، بما في ذلك مدينة أربيل، عاصمة إقليم كوردستان، حيث الاستقرار الأمني في أفضل أشكاله، بالنسبة إلى المناطق الأخرى. حتى إنتشرت أنباء شبه رسمية، امريكية واوربية بل وحتى عراقية، عن خطة أمريكية للانتقال من بغداد إلى أربيل، بعدما زادت الميليشيات من وتيرة هجماتها على مقر سفارة واشنطن في العاصمة العراقية، وسط تحذيرات من «عمل إيراني كبير»، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. وحذرت الولايات المتحدة الخميس من أنها لن تتساهل مع الهجمات التي تشنها فصائل موالية لإيران على المصالح الأمريكية في العراق، مهددة بالانتقام، وسط مخاوف الحكومة العراقية من انسحاب أمريكي محتمل. حيث قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأوسط ديفيد شنكر نصاً : " لايمكننا أن نتسامح مع التهديدات ضد مواطنينا وجيشنا المتمركز في الخارج، ولن نتردد في اتخاذ إجراءات إذا لزم الأمر، لحماية أفرادنا" .. دون أن يؤكد رسمياً التهديد بإغلاق سفارة الولايات المتحدة في بغداد. وتتسارع الأحداث في العراق بشكل لافت، بعد قرار واشنطن إغلاق سفارتها ببغداد، إذ أن هجوم أربيل يفتح جبهة ثانية أمام الحكومة العراقية، لا سيما أن عدداً من الفصائل المسلحة تصر على الاستمرار بتنفيذ الهجمات. وتعتقد طهران أن توجيهها ضربة قوية لمصالح الولايات المتحدة في العراق، قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قد يربك حسابات الرئيس ترامب ويقطع عليه طريق الولاية الثانية. وتقول مصادر سياسية مطلعة على ملف البعثات الأجنبية والعربية التي قد تغادر بغداد، بسبب الاعتداءات الإيرانية المستمرة على المقرات الدبلوماسية، إن الولايات المتحدة قد تحد من حركة موظفيها وعسكرييها على الأراضي العراقية، تحضيرا لهجمات ستتخذ ضد قادة هذه الميليشيات. طعنة لجهود الكاظمي لوقف «الرحيل الجماعي» في هذا السياق، يرى المحلل السياسي عماد محمد، أن «هجوم أربيل، يمثّل طعنة لجهود الكاظمي الرامية إلى منع السفارة الأمريكية والبعثات الدبلوماسية من ترك العاصمة بغداد، ما يمثل ضربة لحكومته الفتية، والتي عوّلت عليها الولايات المتحدة والدول الأوروبية وعموم البلدان الساعية للتهدئة في المنطقة، وتقليص نفوذ المسلحين، وتعزيز سلطة الدولة". وأضاف محمد " إن أربيل كانت أكثر جرأة من بغداد في تعاملها مع هذا الحدث، حيث ضغطت باتجاه اعتقال المسؤولين عن هذا القاطع، وكشفت للراي العام تصوير مكان انطلاق الصواريخ، ووصول السيارات إلى حاملة هذه الصواريخ، ما يساعد جهود المحققين في إمكانية القبض على المنفذين بشكل أسرع". ولفت إلى أن "توجيه الاتهام إلى اللواء 30 في الحشد الشعبي يمثل مفاجأة كبيرة، حيث كانت بغداد تمارس (التقية) في إعلامها، وهناك اتهامات توجه لها من بعض القوى المعارضة بالتستر على بعض تلك الجماعات، لكن التحدي أمام سلطات كردستان هو إثبات تلك الاتهامات، وهذا يتعلق بسير التحقيقات الجارية". وتأكد تورط الميليشيات المسلحة في هذا الهجوم من خلال معلومات وصور للصواريخ التي انطلقت نحو أربيل نشرتها حسابات وقنوات مؤيدة لها في السوشيال ميديا. حيث نشرت هذه الحسابات والقنوات صور الصواريخ قبل إطلاقها على أربيل، داعية السكان في المنطقة إلى الابتعاد عن المواقع التي تستضيف قوات أمريكية. من كل هذا يتضح لنا أن جهود الكاظمي في منع رحيل البعثات الدبلوماسية عن العراق، هي هدف الهجوم الصاروخي في اربيل، وليس قاعدة التحالف الدولي ومطار حرير.
*
اضافة التعليق