بغداد- العراق اليوم: لقي البيان غير المسبوق الذي اصدره مكتب المرجعية العليا في النجفِ الأشرف، بعد لقاء المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، بالممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، السيدة جنين بلاسخارت، اصداءً سياسية كبيرةً، وحظي بانتشار إعلامي واسع، ولا يزال يتفاعل عبر مختلف المستويات السياسية والاعلامية والاجتماعية. الملفت أن البيان أحتوى اشارات واضحة، في مقاربة مع ما يطرحه رئيس الحكومة الانتقالية، السيد مصطفى الكاظمي، الذي قرأهُ مراقبون ومحللون الى أنه " اشارة جيدة من المرجعية التي بدت وكأنها تتبنى ما طرحه الكاظمي في برنامجه الحكومي ابان التكليف". وقال المراقبون لـ(العراق اليوم)، أن "بيان المرجعية الدينية جاء متساوقاً مع الخطوات التي وعدت حكومة الكاظمي بالسير عليها، لاسيما فيما يتعلق بالانتخابات المبكرة، لكن المرجعية الدينية زادت على ذلك، بالتأكيد على وجوب ان يكون الظرف مهيئاً تماماً لاجرائها بشكل يحتوي على مصداقية عالية". كما أن " البيان جاء فيه تأكيد على أهمية حصر السلاح بيد الدولة، ومنع العبث بالأمن الداخلي من أي جهة تامة، وهو تلميح الى دعم خطة الحكومة في حصر السلاح المنفلت ومنع الجماعات المسلحة من العبث بموارد الدولة، كما اشار البيان الى ملف المنافذ الحدودية في اشادة واضحة، وهذه اول مرة تشير المرجعية الى هذا الملف، حيث قال البيان " إن الحكومة الراهنة مدعوة الى الاستمرار والمضي بحزم وقوة في الخطوات التي اتخذتها في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعية، والسيطرة على المنافذ الحدودية، وتحسين أداء القوات الأمنية بحيث تتسم بدرجة عالية من الانضباط والمهنية، وفرض هيبة الدولة وسحب السلاح غير المرخص فيه، وعدم السماح بتقسيم مناطق من البلد الى مقاطعات تتحكم بها مجاميع معينة بقوة السلاح تحت عناوين مختلفة بعيداً عن تطبيق القوانين النافذة". ولفتوا الى أن البيان أيضاً احتوى اشارات لا تقبل التأويل عن النأي بالعراق عن الصراع الاقليمي الذي يدور في المنطقة، وهو ما كان ينادي هبه الكاظمي عن السيادة الوطنية، ولأول مرة ابضاً يأتي البيان قاطعاً من المرجعية الدينية عن هذا الموضوع بالذات، حيث جاء في البيان"الحفاظ على السيادة الوطنية ومنع خرقها وانتهاكها والوقوف بوجه التدخلات الخارجية في شؤون البلد وإبعاد مخاطر التجزئة والتقسيم، وهو مسؤولية الجميع، حيث يتطلب موقفاً وطنياً موحداً تجاه عدة قضايا شائكة تمسّ المصالح العليا للعراقيين حاضراً ومستقبلاً، ولا يمكن التوصل اليه في ظل تضارب الأهواء والانسياق وراء المصالح الشخصية أو الحزبية أو المناطقية، فالمطلوب من مختلف الأطراف الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية وعدم التفريط - لأي ذريعة- بسيادة البلد واستقراره واستقلال قراره السياسي". البيان ايضاً كان داعماً لحكومة الكاظمي في ملفي مكافحة الفساد وايقاف عمليات الاغتيال التي تطال الناشطين والمتظاهرين، حيث جاء في البيان دعوة واضحة الى استمرار حربها الشرسة ضد الفساد والمفسدين، حيث قال البيان أن " الحكومة مدعوة أيضاً الى اتخاذ خطوات جادة واستثنائية لمكافحة الفساد وفتح الملفات الكبرى بهذا الشأن حسب الإجراءات القانونية، بعيداً عن أي انتقائية، لينال كل فاسد جزاءه العادل وتسترجع منه حقوق الشعب مهما كان موقعه وأياً كان داعموه . واضافت المرجعية" كما أن الحكومة مطالبة بالعمل بكل جدية للكشف عن كل من مارسوا اعمالاً إجرامية من قتل أو جرح أو غير ذلك بحق المتظاهرين أو القوات الأمنية أو المواطنين الأبرياء، أو قاموا بالاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة، منذ بدء الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح في العام الماضي، ولا سيما الجهات التي قامت بأعمال الخطف أو تقف وراء عمليات الاغتيال الأخيرة". وفي خلاصة مختصرة لما عناه البيان، ينبغي ان نشير الى ان المرجعية الدينية قد فتحت الباب واسعاً امام الكاظمي للمضي في مشروعه الاصلاحي واذا تلكأ فقد يكون في البيان التالي للمرجعية مطالبة واضحة برحيله عن السلطة، أن خيبت آمالها كما خيب من سبقوه آمالها المعلنة.
*
اضافة التعليق