بغداد- العراق اليوم: حسناً فعل رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، حين لم ينسَ في زيارتهِ لأقليم كردستان العراق، رغم انشغاله بملفات عالقة ومهمة وخطيرة، وسط راهن سياسي معقد، ان يذهب الى تحفيز ذاكرة ابناء شعبنا الكرد، وكل فئات الشعب العراقي، عبر تذكيره بحجم الجرائم التي ارتكبتها الدكتاتورية الصدامية، والمذابح التي طالت كل أطياف الشعب العراقي، والمأسي الجاثمة بقوة على الأرض، التي خلفتها آلة الموت السوداء. نعم، فقد وجه رئيس مجلس الوزراء عبر زيارته الى مواقع جريمة الأنفال سيئة الصيت، ووضعه اكليلاً من الزهور على نصب الضحايا، رسالة حازمة، وقاطعة، وواضحة ايضاً، بأنه ضد النهج الدكتاتوري الاقصائي، وأنهُ يحتفظ بهذا الماضي الأليم، كجزء من مشروعية الحكم الحالي، الذي تأسس ليمنع قيام دكتاتورية أخرى، تقتل ابناء الشعب العراقي، وتستعبد الإنسان وتذله، لمجرد اختلافه قومياً او سياسياً او دينياً. أن زيارة الكاظمي الى هذه الشاهدة التاريخية رسالة ذكية جداً، فهي تأكيد على استمرار مشروعه الذي بدأه مبكراً مع الدكتور كنعان مكية، عبر مؤسسة ( الذاكرة العراقية) التي أرخت عذابات ابناء شعبه، ووثقت جرائم الفاشية البعثية التي تحاول اليوم تصدير نفسها، عبر التزيي بمختلف الأزياء، لكن وجهها الكالح، ويديها الملطختين بدماء الأبرياء، ستبقى خير شاهد وخير دليل على مدى ايغال الطغمة الفاشية البعثية بالجريمة المنظمة، والابادة الجماعية للشعب العراقي. أن الكاظمي، بزياته هذه، واللقاء بذوي ضحايا هذه العمليات الأرهابية التدميرية، أنما يؤكد ان الجميع عراقيون، وهم ضحايا نظام قمعي استبدادي واحد، وأنهم مهما تفرقوا في التوجه السياسي او العرقي، أنما هم ابناء وطن واحد وشعب واحد ويعودون لسلطة واحدة جديدة مقرها في بغداد، وهذه السلطة المركزية تعرف حجم الضرر الذي حاقهم، فتعمل على رفع الغبن عنهم، وهي مستمرة في إدانة وفضح الممارسات الدكتاتورية التي طالتهم طوال ثلاثة عقود ونصف. أن اتجاه رئيس الوزراء هذا، وقدرته على التواصل مع جميع الفئات على قاعدة إستعداء الدكتاتورية، ورفض الحكم الشمولي القمعي، ومنع وصول الشوفينيين الجدد للحكم، هو ضمانة أخرى لمنع الاستئثار السياسي، وأيضاً رسالة ايجابية نحو "عرقنة" المأساة الشعبية، ومنع تجزأة الجريمة التي يحاول البعث الى اليوم وصف ضحاياها بأنهم مجرد أكراد تارةً، أو أنهم متمردون في جنوب العراق تارةً أخرى. وهي بالمناسبة دعوة أخرى لرئيس مجلس الوزراء الى النظر بعين أخرى لضحايا النظام الصدامي من ابناء الجنوب الذين عانوا مثلما عانى ابناء شمال الوطن، لا سيما أبناء الإنتفاضة منهم، والذين يشعرون بغبن الآن أزاء بعض القرارات التي صدرت بحقهم، بضغط من حملات ظالمة طالت قضيتهم.
*
اضافة التعليق