بغداد- العراق اليوم:
فالح حسون الدراجي لاشيء يزعج الحكومة العراقية، ويصدع رأس القائمين عليها غير ملف الإقليم، وتشابكاته الإدارية والمالية والسياسية وحتى الأمنية. فقيادة الإقليم، تريد(الكراع والذراع) بمعنى انها تريد كل ما للإقليم من حقوق دستورية، وغير دستورية، ولا تفكر لحظة واحدة في حقوق المركز، او حقوق دجاجات النفط في الجنوب التي تبيض ذهباً لأربيل وغير أربيل، بمعنى إن حكومة الإقليم تأخذ كل شيء ولا تعطي لغيرها أي شيء. والحال ذات الحال في جميع حلقات مسلسل العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، التي لا تخضع ولا تلتزم بأي ضوابط او قواعد نظامية أو قانونية. فالعلاقة بين الحكومة والأقليم تأخذ عادة شكل الحكومة المركزية، فهي تتغير حسب (هوى) رئيس الحكومة الجديد، أما مواقف حكومة الإقليم فهي ثابتة لا تتغير مطلقاً، فحين يكون رئيس الوزراء العراقي حازماً في تعامله مع قيادة الإقليم، وقوياً في مواجهة المغريات أو الضغوط البرزانية، ستتوتر العلاقة بين بغداد وأربيل، وستدخل في أوضاع تأزمية حادة، قد تصل حد القطيعة، وربما تتدخل الجيوش لحل تلك الأزمة، كما حصل في فترة رئاسة الدكتور حيدر العبادي، بينما سيكون العكس هو الصحيح، حين يكون رئيس الحكومة المركزية متواطئاً او ضعيفاً لا يقوى على مواجهة نفوذ الساسة الكرد داخلياً ودولياً، كفترة رئاسة السيد عادل عبد المهدي، الذي فتح (حنفية) المنافع والهبات الى الأقليم على آخرها ! أما اليوم، فالوضع في عهد الكاظمي لم يزل مضبباً في صورته الرمادية، وغير واضح المعالم والملامح، رغم أن المعلومات الخاصة التي تصل الى بعض المتابعين، تشير الى أن الكاظمي غير راض عن تصرفات وعدم التزام اربيل، كما ان الرجل معروف بإيمانه بمبدأ وإسلوب (العصا والجزرة)، سواء في تعامله مع الكرد أو مع (غيرهم)، وهو لعمري إسلوب يأتي أحياناً بنتائج تخدم الرئيس ومصلحته الشخصية أكثر ما تخدم المشروع الوطني العام، ولكن يمكن إعتباره سياسة مقبولة نوعاً ما في ظل الظروف الداخلية والخارجية الصعبة التي تحيط بحكومة الرئيس الكاظمي، خاصة وإن للكرد أكثر من ورقة ضاغطة يلعبونها متى أرادوا، سيما وأن هناك عشرات من النواب والقادة السياسيين الكبار مرتبطون بعلاقات (خاصة جداً) بأربيل، ويمكن تثويرهم وتحريكهم ضد الكاظمي او غيره من الرافضين للخضوع أو التوافق مع شروطهم ومصالحهم الواسعة! وفي عشية زيارة الكاظمي الى اربيل للتفاوض في أخطر الملفات الوطنية والمالية والدستورية، يتوجب علينا -كسياسيين واعلاميين، ومواطنين عراقيين غير مسيسًين، أيضاً- الوقوف الى جانب الكاظمي حتى لو مؤقتاً- وحتى وإن إختلفنا معه في نواح آيدلوجية سياسية، او إدارية، أو حتى شخصية، فالرجل اليوم بحاجة لنا، ولهذه الوقفة أكثر من أي يوم آخر، وبحاجة للدعم والإسناد العام، كي يجلس خلف طاولة التفاوض قوياً واثقاً، لا يضعفه أمر سياسي معين، ولا تخيفه ورقة ضغط قد تخرج من جيب (شروال) البرزاني المعروف بسعته وعدم إكتفائه بما يدخل اليه من ملايين ! فالوقت الان حرج للغاية، واللحظة مفصلية حاسمة في تاريخ العلاقة بين (العراق) وحكومة كردستان، وستترتب على هذه المفاوضات نتائج خطيرة تهم مستقبل جميع العراقيين، وقد ينجح الكاظمي -ويجب أن ينجح- في حل هذه المشكلة المستديمة، التي تسًبب قلقاً وأرقاً وكابوساً للحكومات المركزية المتعاقبة، ونزيفاً لا يتوقف من القوت الشحيح للمواطن العراقي في البصرة وميسان والسماوة والموصل وغيرها من مدن العراق، الدافعة رغماً عن أنفها، ثمن أخطاء وتواطئ وجبن رؤساء الحكومات المركزية.
*
اضافة التعليق