بغداد- العراق اليوم: نــــــــــــزار حيدر
لماذا كلَّ هذا الإِصرار على [شخصنةِ] الأُمور عند الحديثِ عن عاشوراء؟!. لماذا تسمُّون الأَشياء بأَسمائِها فتُثيرُون العُنصريَّة والنَّعرة الطَّائفيَّة والبغضاء في صفوفِ الأُمَّة [الواحِدة] فتمزِّقونها وتجعلونَها طرائِقَ قِدَداً؟!. لماذا لا تكتفُونَ بالحديثِ عن عاشوراء بصيغةِ المجهُول مثلاً؟! فتقولُونَ؛ كان يا ما كان؛ في قديمِ الزَّمان حاكمٌ ظالِمٌ قتلَ رجُلاً طيِّباً ناسِكاً في مكانٍ ما من الكُرةِ الأَرضيَّة في أَحد أَيَّام السَّنة، ثُمَّ أُهدِيَ رأسهُ إِليهِ في عاصمتهِ ولم يتسنَّ التَّعرُّف على هويَّتهِ لضيقِ الوقتِ؟!. هذه ليست أَسئلةً إِفتراضيةً أَبداً، إِنَّها أَسئلةٌ حقيقيَّةٌ يردِّدها كثيرُون، وهي تنمُّ عن عقليَّةٍ وعن طريقةٍ من التَّفكير عند البعض كلَّما همَمتَ بالحديثِ عن التَّاريخ وكذلكَ عندما تحاولُ فضحَ فاسدٍ أَو تعريةَ [عجلٍ سمينٍ] دمَّر البلد وسرقَ خيراتهِ!. فيقولُونَ لكَ؛ تحدَّث ما تشاء عن الفسادِ والفشلِ والإِتِّجار بالبشر والدِّماء والدِّين والمذهب والعِرض والشَّرف، ولكن في نفسِ الوقت لا تُشخصِن الأُمور فلماذا إِصراركَ على تسميةِ الأَشياء بأَسمائِها؟!. يمكنكَ مثلاً أَن تتحدَّث عن الفسادِ قائلاً؛ يُقالُ أَنَّ بلداً غنيّاً حباهُ الله بكلِّ أَنواع النِّعَمِ والخَيرات، حكمتهُ عصابةٌ من الفاسدينَ والفاشلين باسمِ الدِّينِ والمذهبِ بينَهُم عمائمَ فاسدة تُتاجِرُ بتاريخِها وسُمعتِها للتستُّر على فسادِها، شفطُوا كلَّ شيءٍ وتركُوا الشَّعب يئِنُّ تحتَ سياطِ الحرِّ والبردِ بسبب انقطاعِ التيَّار الكهربائي وإِنَّ أَكثر من ثُلث شعب هذا البلد الغني يعيشونَ تحتَ خطِّ الفقر، وأَنَّ خريجيه وحمَلة الشَّهادات العُليا عاطِلونَ عن العملِ وأَنَّ قتلَ المُحتجِّين والنُّشطاء على يدِ الطَّرف الثَّالث أَصبحَ عادةً وأَنَّ الطَّعن بالعِرض والشَّرف باتَ على كلِّ لسانٍ. وبسببِ سوءِ الأَحوال الجويَّة وكثافةِ الضَّباب الذي تسبَّبَ بحجبِ الرُّؤية! لم يتسنَّ حتَّى الآن تحديد هويَّة القائد العام الذي سلَّم نِصفَ البِلادِ للإِرهابيِّين عندما كانَ مشغولاً بالفسادِ وهو يُحارِبُ على جبهةِ [الولايةِ الثَّالثةِ]!. ولا بأس إِذا أَحببتَ أَن تُضيفَ على هذهِ المعلومات قولكَ؛ لم يتم لحدِّ الآن معرفة الفاسد الحقيقي والفاشل الذي دمَّر البِلاد وأَهلكَ الحرثَ والنَّسل، فالمصادر المَوثوقةِ تُشيرُ إِلى أَنَّ كلَّ السَّاسة والقادة والمسؤُولين يُصلُّونَ صلاة اللَّيل ويصومُونَ الشَّهر الفضيل ويحجُّون بيتِ الله الحرام ويقيمُون مجالس الحُسين (ع) في مكاتبهِم العامِرة بالإِيمان وسُرادقات الخِدمة الحسينيَّة في الأَربعين وأَنَّهم يُشاركُون المُشاة في الطَّبخ والنَّفخ فلقد رأَيناهُم في الصُّور والفضائيَّات وهم يخوطُونَ بقِدرِ القيمةِ النجفيَّة، طبعاً صوَّروهُم من دونِ علمهِم! فلَو علِمُوا لرفضُوا التَّصوير لشدَّةِ تحرُّجهِم وعملِهِم بالإِحتياطِ!. إِنَّ هدفَ صاحبَ هذه العقليَّة والطَّريقة من التَّفكير؛ *الهربُ من المسؤُوليَّة. *الهربُ من الإِدانةِ. *تضييع الحق. *خلط الأُمور لتكريسِ الجهلِ والتَّضليل. *ليستمرَّ في منهج الفساد من دونِ مُحاسبةٍ. وإِلَّا فإِنَّ العقل والمنطق يرفُضان هذه العقليَّة التَّافهة، فلَو أَردنا أَن نأخُذَ بها يلزمَنا أَن [نكفُرَ] بالقُرآن الكريم وكُتب الحديث والتَّاريخ والتَّفسير والفقه وبكلِّ شيءٍ. كما أَنَّ التَّسليم بمثلِ هذهِ العقليَّة يُحوِّل المُجتمع إِلى ما يشبه حِمار الطَّاحونة يدورُ حولَ نفسهِ وهوَ لا يعلمُ ما الذي يُرادُ منهُ؟! ولماذا؟!. إِنَّ تسميةَ الأَشياءِ بأَسمائِها ليست شخصنةً للأُمورِ أَبداً وإِنَّما هو للتَّمييز بينَ الحقِّ والباطلِ وبينَ الصحِّ والخطأ وبينَ النَّزاهةِ والفسادِ وبينَ الصَّالحِ والطَّالحِ، فعندما تُسمِّي القَتَلَة والمُجرمين في زيارةِ عاشوراء، وهي من أَوثقِ الزِّيارات سنداً ورِوايةً، حتَّى عدَّها بعضُ الفُقهاء [حديثاً قُدسِيّاً] فتقولُ {لَعَنَ الله آلَ زِيادٍ وَآلَ مرَوْانٍ وَلَعَنَ الله بَنِي اُمَيَّةَ قاطِبَةً وَلَعَنَ الله ابْنَ مَرْجانَةَ وَلَعَنَ الله عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَلَعَنَ الله شِمْراً} إِنَّما من أَجلِ تحديد المسؤُوليَّة فلا يضيعُ دمٌ ولا تضيعُ حرمةٌ ولا يضيعُ حقٌّ ولا تَضيعُ مسؤُوليَّة!. ٥ أَيلول ٢٠٢٠
*
اضافة التعليق