بغداد- العراق اليوم:
طاهر ناصر الحمود
اظهرت زيارة الكاظمي الى واشنطن اهتماماً امريكياً ملحوظاً بها على صعيدي الشكل(البروتوكول) ، والمضمون الذي تناول بعدين اساسيين: الاقتصاد والعلاقات الامنية والعسكرية. واكتظت أجندة البعد الاول بالعديد من الموضوعات الحيوية والمهمة لكلا البلدين تمثلت في السماح لشركات النفط الامريكية للاستثمار في الحقول العراقية والقيام بعمليات التنقيب فيها، كما تم الاتفاق على تطوير البنى التحتية لمصافي النفط والغاز بالاضافة الى اتفاقات اخرى تتعلق بالطاقة، الحقل الذي يتصف بحساسية خاصة بالنسبة لترامب لاسيما مع قرب الانتخابات الامريكية التي يحتاج فيها ترامب الى تسويق ل(انتصاراته) الخارجية لزيادة رصيده الشعبي الآخذ بالتآكل قياساً بحظوظ خصمه الديمقراطي بايدن. من جهة اخرى يمكن النظر الى فوز الامريكان باتفاق يخص الكهرباء بعد تعثر او توقف التفاهمات السابقة مع شركة سيمنس الالمانية على انها نوع من المحاباة(البراغماتية) للشريك الستراتيجي الاكبر. ويبدو ان هذه الاتفاقات مع الجانب الامريكي قضت على آخر الآمال بانعاش التفاهمات الاولية مع الصين لإقامة شراكة ستراتيجية متعددة الجوانب. هل العراق مضطر الى وضع كل (حْلَيْلاته) في سلة ترامب ؟ سيقول المؤيدون للكاظمي ، وأنا شخصياً أغبطه على هذا الدعم الالكتروني المنظم والواسع، سيقولون ان الظروف بالغة الحراجة التي يمر بها العراق اليوم بسبب الانخفاض الكبير في اسعار النفط ووصول الحكومة الى مرحلة الانسداد في الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبها وعجزها حتى عن توفير رواتب الموظفين إضافة الى استشراء وباء كورونا يجعل من المستحيل مواجهة هذه الصعوبات دون اقامة علاقة مميزة مع واشنطن التي تمتلك تأثيراً مباشراً على المؤسسات الدولية القادرة على اسعاف العراق في هذه المرحلة الحرجة فضلاً عن قدرة امريكا ترامب على خنق الاقتصاد العراقي الهش بالكامل من خلال فرض عقوبات مميتة في حال اغضابها عند التوجه للاخرين طلباً للمساعدة . لكن خصوم الكاظمي يجادلون في الثمن الباهض الذي سيدفعه العراق بالمقابل لهذه( الامتيازات) فالشق الامني والسياسي من الاتفاق بين البلدين تضمن بنوداً يمكن تفسيرها بانها نوع من التخلي عن قاعدة الحياد والحساسية من التدخل في الشؤون الداخلية للعراق التي ماانفك السيد الكاظمي يرددها في كافة المحافل والاماكن ومنها طهران تحديداً، فالاتفاق بخصوص بقاء القوات الامريكية لثلاث سنوات اخرى( لم يصدر توضيح من الكاظمي بهذا الشأن والتصريح صدر من جانب ترامب فقط) غامض وغير محدد الاهداف ؛ هل هو لتدريب القوات العراقية ؟لمواجهة داعش ؟ أم لاسباب اخرى. اعتقد ان تصريحي ترامب ووزير خارجيته بهذا الخصوص يلقيان ضوءاً كاشفاً على هذه القضية التي باتت عناوناً للخلاف بين الكاظمي ومنافسيه ومناوئيه ، فبومبيو عزا السبب في بقاء قواتهم هذه المدة الى حرص واشنطن"لمنع التدخلات الاجنبية في العراق" لكن رئيسه كان اكثر وضوحاً ومباشرة في تفسير "التدخلات الاجنبية" حين قال دون مواربة انهم هناك"للمساعدة في حال اقدمت ايران على شيء" واللافت ان هذه التصريحات تم تغافلها من الاعلام الرسمي العراقي ومجاميع الناشطين المؤيدة للسيد الكاظمي ، ولم يأت لها أحد من هؤلاء على ذكر! اقول مع هذا التصريحات الامريكية بالغة الوضوح يطرح هذا السؤال نفسه : ماهي المساحة التي ستبقى لتفعيل قول الكاظمي هناك في واشنطن : ان العراق يرفض ان تكون اراضيه منطلقاً للاضرار بجيرانه؟ أم علينا ان نتبنى التفسير الامريكي ل" الشيء الذي قد تقدم عليه ايران في العراق" ؟
*
اضافة التعليق