لماذا يتفق الجميع على مخالفة الدستور والبقاء بنصف برلمان؟

بغداد- العراق اليوم:

الدكتور عباس عبود

لا تقوم الديموقراطية في العالم الا على فصل السلطات، (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وعدم تدخل اي سلطة في عمل الاخرى، وهنا برز نموذجان للنظم السياسية (النظام الرئاسي) واوضح مثال عليه النظام الامريكي،ويتم انتخاب الرئيس فيه على طريقة (المجمع الانتخابي) اي انتخاب الناخبين وهؤلاء ينتخبون الرئيس، وهناك دول  كثيرة يتم فيها انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب.

وكذلك يتكون البرلمان (الكونغرس) في الولايات المتحدة من مجلسين هما مجلس النواب الذي ينتخب على اساس التمثيل النسبي مثل طريقة مجلس نوابنا، ومجلس الشيوخ  الذي ينتخب حسب الولايات بواقع شيخين لكل ولاية دون تفريق بين ولاية كبيرة وولاية صغيرة، اي سلطة تنفيذية واحدة وسلطة تشريعية بغرفتين.

اما النموذج العالمي الاخر هو النظام البرلماني واوضح مثال عليه النظام الانكليزي، الذي يقوم البرلمان فيه بتكليف الحزب صاحب الاغلبية بتشكيل الحكومة والحصول على الثقة  المطلوبة، ثم ان البرلمان الانكليزي (مجلس العموم) يتكون من مجلسين الاول منتخب هو (مجلس النواب ) والثاني غير منتخب وعضويته مدى الحياة هو (مجلس اللوردات).

وكذلك في روسيا تتكون الجمعية الاتحادية الروسية من (مجلس الدوما) و (مجلس الاتحاد)، وفي فرنسا يتكون البرلمان من مجلسي الشيوخ والجمعية الوطنية، وفِي ايطاليا يتكون البرلمان من مجلسين هما مجلس الشيوخ ومجلس النواب. وفِي اليابان يتكون البرلمان من مجلسين هما مجلس النواب ومجلس المستشارين.

في النظام العراقي سلطة تنفيذية مزدوجة رئيس جمهورية ورئيس وزراء، وسلطة قضائية مزدوجة مجلس قضاء اعلى ومحكمة اتحادية،  وسلطة تشريعية المفروض مزدوجة اي برلمان بغرفتين (مجلس النواب ومجلس الاتحاد) لكنها من دون السلطات بقيت تعمل بمجلس النواب وحده دون مجلس الاتحاد.

اي نظام برلماني غير مكتمل رغم ان المادة (48) الباب الثالث الفصل الأول من الدستور نصت على ثنائية السلطة التشريعية بنص واضح هو (( تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد )).

ومن هذا نستنتج ان  البرلمان العراقي غير مكتمل دستوريا وغير ممثل للسلطة التشريعية وهو نصف سلطة تشريعية لانه يعمل بغرفة واحدة، بخلاف ما نص عليه الدستور العراقي والعرف السياسي في النظم الديموقراطية العريقة في العالم الذي لايترك مصير الدولة بيد امزجة مختلفة تتغير بين حين واخر، لهذا تكون الغرفة الثانية في البرلمان ضمانة للتوازن والحفاظ على بقاء وديمومة مؤسسات الدولة، والحفاظ على الدولة من الانجراف خلف اهواء او رغبات اي كتلة برلمانية تتمكن من الاستحواذ على الغرفة الاولى التي يمثلها مجلس النواب، بغياب الغرفة الثانية التي  تمثل المحافظات او الاقاليم بواقع خمس اعضاء لكل محافظة، لذلك علينا ان نبحث عن  السر في اتفاق الجميع على طمس هذه الغرفة والاكتفاء بغرفة واحدة للبرلمان وثنائية السلطتين التنفيذية والقضائية، بخلاف الدستور العراقي و تجارب العالم الديموقراطي الذي يقوم على فردية السلطة التنفيذية مقابل ثنائية البرلمان، ثم الواقع الحالي يعطي للبرلمان العراقي صفة تمثيل السلطة التشريعية رغم انه يعمل بخلاف مانص عليه الدستور.

علق هنا