بغداد- العراق اليوم:
أحمد عبد السادة
القتــل مدان بالتأكيد كموقف إنساني وأخلاقي بديهي، ولا يوجد برأيي إنسان سوي ويمتلك ضميراً يمكن أن يرضى بقتــل إنسان آخر مهما كانت الذرائع والتبريرات. لا يوجد أي شيء يستحق أن يُقتــل الإنسان من أجله باستثناء القتــل فقط، أي أن الذي يستحق القتــل هو القاتــل فقط أو الذي يسعى للقتــل كالدواعــش، وبدون ذلك الاستثناء لا يوجد أي سبب لقتــل الإنسان بتاتاً. أقول هذا الكلام لتثبيت وتأكيد موقف سابق بإدانة كل حالات اغتيــال الناشطين والمتظاهرين السلميين وآخرها اغتيــال المتظاهر في الناصرية الشهيد علي العصمي، فضلاً عن تثبيت وتأكيد موقف سابق بإدانة كل القتلــة مهما كانت انتماءاتهم، وإدانة الحكومة وأجهزتها الأمنية والاستخبارية لأنها عجزت عن حماية مواطنيها وفشلت في الكشف عن القتلــة وملاحقتهم والقبض عليهم ومحاكمتهم. هذا موقف محسوم، ولكن التساؤل هنا هو: من الذي يغتــال المتظاهرين والناشطين؟ وما هي أهدافه من حملة الاغتيـالات الغـادرة هذه؟ برأيي أن الجهة التي تقوم بهذه الاغتيـالات هي جهة تريد تأزيم الأوضاع في العراق ودفعها لمنطقة الاشتعال والتفجــر والاقتتــال الأهلي، من خلال إلصاق التهــم بفصائــل الحشد والمقاومـــة، وبالتالي دفع المتظاهرين لمهاجمــة مقرات تلك الفصائــل تمهيداً لمهاجمــة الفصائــل نفسها لاحقاً!! الواعي والمدرك للأمور يعرف جيداً بأن الاتهامــات ضد فصائــل الحشد والمقاومـــة كانت جاهزة ومعدة و"مسلفنة" في ستديوهات قنوات "الحرة" و"العربية" و"سكاي نيوز عربية" وأخواتها، وفي "لابتوبات" المدونين المرتزقـــة المرتبطين بالمخابرات الأمريكية والسعودية والإماراتية، وذلك حتى قبل بدء التظاهرات، ولهذا ما إن انطلقت التظاهرات حتى انطلقت الشائعات والتهــم الجاهزة والمفبركــة ضد فصائــل الحشد. الغرابة لا تكمن في النهج التسقيــطي للقنوات والجيوش الإلكترونية المدعومة من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، فهذا هو دأبها ودورها، ولكن الغرابة تكمن في تصديق العديد من المدونين والكتاب والمثقفين لتلك التهــم والشائعات ضد فصائــل الحشد، وانسياقهم خلفها وتبنيهم لها، وقد كنا سابقاً نثق بوعي بعض هؤلاء الكتاب لكن الأحداث أثبتت بأنهم مجرد صدى ســاذج لخطاب القنوات والمنصات الإلكترونية المعاديـــة للعراق، بل أصبحوا مجرد ببغاوات ملقنة تتقافز وهي تصرخ وتزعق: "ميليشيــات.. ميليشيــات!!" بدون وعي ودراية وتحليل عند حصول أي جريمـــة أو حادثة اغتيــال لمتظاهر أو ناشط. وهنا أسأل هؤلاء المدونين والكتاب الببغاويين: من أين جئتم بهذا الجزم القاطع والحاسم بأن "الميليشيــات" - كما تسمونها وقصدكم الفصائــل!! - هي من تقف خلف جرائـــم الاغتيــال؟ وما هي مصلحة الفصائــل بارتكاب تلك الجــرائم وتأزيم الوضع في ظل ذهاب الأمور للتهدئة والحل؟ وما هو سبب إصراركم على اتهام الفصائــل بالذات في ظل استباحــة البلد من قبل أجهزة المخابرات العربية والإقليمية والدولية - وبمقدمتها الأمريكية والسعودية والإماراتية - وفي ظل قدرة تلك الأجهزة على تجــنيد قتلـــة مأجـورين واستخدامهم لاغتيــال المتظاهرين بهدف اتهــام الحشد وتأزيم الأوضاع؟
*
اضافة التعليق