بغداد- العراق اليوم: شهدت ساحة التحرير وسط بغداد، امس تظاهرة كبيرة دعا إليها ناشطون معتصمون في الساحة منذ الـ25 أكتوبر الماضي، دعوة أثارت خلال الأيام الماضية الكثير من الشكوك والتحذيرات على اعتبار أن أصحابها يستثمرون منصات إعلامية عالمية، ويوظفون شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل التصويب على إيران وحلفائها حصراً، واتهام الحشد الشعبي وفصائل المقاومة بقتل المتظاهرين والاعتداء عليهم وفي هذا الإطار، رأى الأمين العام لـعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، أن تظاهرة اليوم يراد منها نقل الفوضى إلى قلب العاصمة بغداد، في إشارة إلى ما شهدته المحافظات الجنوبية منذ مطلع الشهر الفائت. وبحسب معلومات نشرتها وسائل اعلام محلية، فإن هذه التحذيرات مردها لمخاوف حقيقية من تكرار أحداث ليلة الـ6 ديسمبر الجاري في مرأب السنك وساحة الخلاني، والتي راح ضحيتها 9 قتلى وعشرات المصابين .
هذه الأحداث لا تزال تثير الكثير من التساؤلات، خاصة بعد إقدام الحشد على سحب روايته لها بحجة أن موقعه تعرض للقرصنة.
وما زاد الطين بلة أن كتائب حزب الله العراق سارعت إلى نفي خبر القرصنة، والتأكيد أن ما ورد في البيان المسحوب صحيح.
تضارب يشي بتخبط كبير في التعامل مع تطورات الأوضاع، فيما يبدو أن ثمة أطرافا داخل الحشد تريد امتصاص الأزمة ولو بالصمت، وتلافي أي تبعات يمكن أن يولدها الإقرار بدخول مقاتلي هذه المؤسسة في مواجهة مسلحة داخلية. وما يعزز تلك الفرضية هو تعمد قيادة الحشد السبت الماضي، إصدار مجموعة من القرارات الصارمة والتي أعقبها بيان رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، حيث شدد على منع تدخل قوات الحشد في أي قضية أمنية، وأن يكون تكليفها محصورا بإمرة القائد العام للقوات المسلحة، كما شدد المتحدث باسم عبد المهدي على رفض الأخير مشاركة المنتسبين بأي شكل من الأشكال في التظاهرات والالتزام بمكان وجودهم وتطبيق التعليمات الموجهة إليهم . لكن يبدو أن ثمة من يريد استدراج الحشد إلى مواجهة داخلية، لا سيما في ظل التزام بعض المنتسبين بقرارات أحزابهم السياسية وتحديدا سرايا السلام، الذراع العسكرية لتيار الصدر، وهو ما قد يستثير نزعات متضادة لا تحمد عقباها. هذا تحديدا ما جرى ليلة الجمعة الماضية، عندما أخذت الحمية عناصر من الحشد ومؤيدين له اندفعوا إلى الساحة بعد وقوع اشتباك بين متظاهرين سلميين وآخرين يوصفون بالمخربين. وبحسب مصدر أمني فالمشكلة أن السلاح المنفلت، والموجود في كل بيت عراقي، بات جاهزاً للاستخدام في ظل الواقع الأمني الهش، إضافة إلى الحركة السريعة للبعض وعدم التنسيق بين القوات الأمنية والقوى الأخرى، ما قد يدفع إلى سيناريوات دموية أخرى بعد حادثة السنك، بات الحشد تحت المجهر، لجهة تحركاته أولا، والحديث عن تضارب الآراء داخل قيادته ثانيا، والتحذير المستمر من أن الفتنة التي تعصف بالبلاد هدفها الرئيس جره إلى مواجهة مع الشارع الشيعي الثالث .
لكن، إذا كان الحشد على علم بما يحاك ضده، فلماذا ينجر بعض منتسبيه إلى مشكلة هم في غنى عنها؟ ثمة من يقول إن عناصر غير منضبطين وراء ذلك، فيما يتحدث اخرون عن سوء تنسيق أدى إلى ما جرى في السنك، ويذهب قسم ثالث إلى أن فخاً قد نصب للحشد إثر خلافات شخصية، توسعت إلى حد المواجهة المسلحة لكن، وأيا تكن الحقيقة، فإن المؤكد أن الحشد استدرج إلى مكان لا يريده، في ما قد يكون تمهيداً بحسب ما يحذر منه مراقبون لبدء عزله، والعمل على حصر مهمته بالشق العسكري، وليس الأمني، وخاصة أن الدول الأوروبية الثلاث بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا طلبت، أول من أمس، من عبد المهدي ضبط وجود الحشد، ومنعه من الاقتراب من أماكن الاحتجاج ومحاسبة كلّ من يخرق هذه القرارات . وبحسب مراقبين فان الساعات المقبلة قد تحمل مفاجات ميدانية، فيما سياسيا لا تزال الأمور على حالها.
*
اضافة التعليق