بغداد- العراق اليوم:
ليس غريباً ان يتحدث عادل عبد المهدي في (خطبة الوداع) عن عدد من (الإنجازات) التي لها اول وليس لها آخر، فمن يعتر إضافة (صم) من العدس الى حصة المواطن في شهر رمضان إنجازاً عظيماً يستحق عليه الثناء والإشادة والتمجيد، علماً بأن بلاد هذا المواطن تصدر ملايين البراميل من النفط يومياً، وتتسلم حكومته بالمقابل مليارات الدولارات شهريا، أقول ليس غريباً قط، فالرجل مخبول، ومريض نفسياً وعقلياً ، إذ لا يمكن لإمرء سوي وعاقل أن يتحدث بهذا الكلام المكذوب، وبهذه الطريقة المضحكة رغم المأساة، خاصة وأن وزراءه الذين كانوا ينظرون اليه بوجوم وأسى ويستمعون (لخرطه) يعرفون أكثر من غيرهم ان رئيسه يكذب، ويكذب من رأسه حتى قدميه، كما أن الشعب ألذي لا يستمع أصلاً لخطاباته البليدة، هو الآخر يعرف أن هذا الرجل مريض وفيه هوس إسمه (هوس الإنجاز ) ليس أكثر ! والمشكلة بالتفصيل، ان رئيس الوزراء المُقال بأمر الشعب العراقي، عادل عبد المهدي، اطل أمس السبت وهو عابس الوجه، مكفهر، متصلب الملامح، محاطاً بوزرائه وهم بوجوه يعلوها حزن، وشقاء، ولوعة ليست على مئات الشهداء وآلاف الجرحى حتماً، بل على فقدانهم مناصبهم التي جاؤوا إليها في غفلة من الشعب، فكانت الجلسة جنائزية بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات!.
حاول عبد المهدي أن يواصل تدليساته واكاذيبه، ومحاولاً فيها تصدير جملة من الأمور التي ينبغي التوقف عندها، نظراً لافتقارها للصدق ومجانبتها للحقيقة، فالرجل الذي يقارب الثمانين عاماً يعيش في عالمه الأثيري الغارق في رومانسية العقود السابقة، ولا يستطيع أن يعي ما حدث في البلاد التي انتفضت بوجهه، انتفاضة أفاق لها العالم، فيما بقي صاحبنا معزولاً محاطاً بهذه الوجوه المنكسرة والمهزومة.
فمن أستمع لخطاب عبد المهدي امس لابد أن يتوقف عند عدة أمور اثارها في حديثه، ولابد لنا أن نقف امامها، بعجالة انصافاً للحقيقة وللموضوعية، وقد سجلناها عبر هذه النقاط التالية :
أولاً: قال عبد المهدي أن استقالتهِ تأتي أستجابةً للمرجعية الدينية، وهي محاولة التفاف بائسة وواضحة، فالحقيقة أن الاستقالة عجلت بها دماء الشهداء الطهور التي اريقت على مذبح التخلص من هذه الحكومة العرجاء، الباهتة، وكان الأولى به أن يعترف أن استقالتهِ أتت رغبة واحتراماً لإرادة الشعب وانتفاضته، وأن المرجعية الدينية العليا كانت قد طالبته علناً منذ مطلع اكتوبر أن يستقيل فلم يستجب، فلماذا يريد أن يظهر نفسه بمظهر الأبن المطيع للمرجعية الدينية، خاصة وإن الجميع بعرف أن المرجعية استصغرت واستنكفت من مخاطبته في خطبة الجمعة الفاصلة، حينما وجهت ندائها الى مجلس النواب أن يعيد النظر في خياراته، بمعنى طالبت البرلمان بسحب الثقة عنه واسقاط حكومته حتى قبته!، فلمَ هذا التلاعب اللفظي ! لقد كان الأولى بك ان تعترف أن الانتفاضة الشعبية كادت أن تصلك حيث تقيم، بعد أن لم توفر مقراً ولا عنواناً سياسياً أو (غير سياسي) مهما كان نظراً لاتساع الغضب الشعبي العارم.
ثانياً: ادعى عبد المهدي أن حكومته الراحلة هذه، حسنت كثيراً من الوضع الأمني حتى وصلت به الى أن يكون جيداً جداً، مستشهداً باعوام 2006 و2007 وغيرها من تلك الأعوام، وهذا ادعاء لا يصمد أمام الواقع، فالحقيقة التي يعرفها الجميع، أن جهود سلفه حيدر العبادي كان لها الفضل الأوضح والأكبر في تثبيت الأستقرار الأمني، وانهاء الأرهاب، واعادة الدولة لمناطق ظلت بعيدة عن سطوتها لسنوات طوال، وأن العبادي مهما إختلفنا أو اتفقنا معه كان على قدر المسؤولية فيما يتعلق بإدارة الملف الأمني بما يقتضي الحفاظ على المصالح العامة والخاصة، فعن أني تحسن يتحدث عبد المهدي، وكل المؤشرات الأمنية كانت تدل على تراجع خطير وواضح ابان حكومته التي ظلت بلا وزارت أمنية الى وقت قريب، ولولا حراك وجهود الحشد الشعبي في بعض المناطق لإستعادت داعش وجودها، فلم تنسب جهد غيرك لك يا دولة الرئيس السابق؟.
ثالثاً: ادعى عبد المهدي أنه استطاع تحسين علاقات العراق مع محيطه العربي، والواقع ايضاً يكذب هذا الادعاء، فالذي حَسن العلاقات ودفع ثمنها هو حيدر العبادي أيضاً، عبر خطوات تقارب واضحة، وكان الرجل مقبولاً عربياً، وقد أبدى تفهماً وحنكة قل نظيرها في تعامله مع ملف دول الجوار العربي، وكان متوازناً في مسك عصا العراق بطريقة لا تميل مع احد ضد أحد، على عكس سياستك الخارجية يا سيد عادل حينما حشرت نفسك في محور ضد محور، وكادت العلاقات الخارجية أن تتدهور الى منزلقات القطعية والتخريب، والدليل أن المحيط العربي يحتفل اليوم بإسقاط حكومتك، وهو غير نادم على خسارتها.
رابعاً: الأنكى مما تقدم، أن عادل عبد المهدي ادعى خلال هذه الجلسة، أنه استطاع القضاء على الفساد في العراق، وتلك لعمري، نكتة الموسم، فهل يصح للعقلاء ان يصدقوك ويكذبوا الشعب ومرجعيته وكل الجهات التي تصيح وتقول أن الفساد تغول واستشرى في عهدك أكثر من أي عهد، وهل تنكر أن الفساد هو الذي أودى بك وبحكومتك الى هذا المآل، وهل نسيت أن مجلسك الأعلى لمكافحة الفساد الذي لم يكافح ذبابة، هو جزء من الفساد الذي عم الدولة، فعن أي مكافحة تتحدث، وقد وصل الأمر الى بيع المناصب والسفارات والوزارات إلى العلن، وأصبح قريباً منك ومن مكتبك، والدليل اختيارك لشخصية نكرة سياسياً لتمكينه من الامانة العامة لمجلس الوزراء، فعن أي انجاز في هذا الملف يمكنك التنطع به!.
خامسًا: الأغرب، ان عبد المهدي قال أن حكومته استطاعت القضاء على الفساد في ملف بيع النفط الأسود، حيث انه استطاع احداث الفرق بسعر 90 دولار امريكي للطن الواحد، وأن وزارة النفط وادارة شركة سومو اخبرته أن الفروقات في هذا لمجال وصلت الى 600 مليار دولار سنوياً!!، وهذه من المضحكات المبكيات، فكيف ان يحصل فرق في بيع واحدة من المشتقات النفطية بهذا المبلغ المهول، فيما يبلغ مجموع ميزانية العراق 120 مليار دولار سنوياً بعجز يصل الى 20 مليار دولار يتم اقتراضه من البنوك والدول، فعن أي فرق يتحدث الرجل وأي مبالغ خيالية هذه التي تجنيها سومو من النفط الأسود الذي يعد من نفايات عمليات التكرير، واذا كانت سومو ابلغتك أن هذه الفروقات وصلت الى هذا المبلغ فهي مطالبة الآن امام البرلمان وديوان الرقابة المالية والنزاهة بتقديم كشف عن هذه الأموال وأين تذهب، فأي كذب هذا وأي إستغفال تتحدث عنه يا عبد المهدي. واذا كنت تريد ان تتحدث عن القطاع النفطي، فالحقيقة التي يجب ان تعرفها أنك ووزيرك الغضبان ومدير سومو علاء الياسري ستقفون طويلاً عند عقودكم التي مررت في عهدك مع شركات روسية محظورة دولياً، وصينية متهمة بدفع رشى وعمولات لكم، وغير ذلك، وسيحاسبكم الشعب عبر قضائه، فهل ستستطيعون نفي هذا واثبات العكس.
ختاماً، نود أن نقول لك: إستح يارجل، فبينك وبين القبر خطوات ولا تزيد من غضب الله عليك، ولا تزيد في شحن أعصاب الناس، فقد يدخلون عليكم في بيوتكم أنت ووزير نفطك وبقية العصابة ، وساعتها لن تنفعك ( إنجازاتك ) العجيبة والغريبة! فأستح ياعادل وأصمت احتراماً للضحايا، فدماء شهداء النجف والناصرية ساخنة لم تجف "!.
*
اضافة التعليق