اسامة النجيفي … سليل الاقطاع … وفتى العثمانية الجديدة

بغداد- العراق اليوم:

حتى ما بعد اسقاط النظام البعثي في العراق بسنوات لم يبزغ نجم اسامة عبد العزيز محمد النجيفي كسياسي سني فاعل او مؤثر، بل لم يجرِ  تداول اسمه كرقم مهم في المعادلة السياسية التي بقي الضلع السني فيها اعوجاً او ناقصاً، بسبب المقاطعة العنيفة وردة الفعل غير المنضبطة لفقدان هذه الاقلية السلطة بعد اربعة عشر قرنًا من حكم العراق، ولذا فقد كان الرجل صفراً على الشمال كما يقال في معادلة القوى السياسية الجديدة او تلك الناشئة حديثًا، الى اوائل ظهوره مطلع عام ٢٠٠٥ تقريباً، وتسميته وزيراً للصناعة في حكومة علاوي الاولى، ومن هنا بدأت ملامح شخصية سياسية متجهمة الملامح، كالمتعارف على الشخصية المصلاوية التي تتسم بالجدية المفرطة، ولربما يضيف البعض لها بعداً اخر يميزها عن غيرها بالشح والبخل، وهو ما تظهره ملامح النجيفي الحادة التي لا تريح من يشاهدها ويتابع تفاعلها وقسماتها، لذا فأن الرجل الغامض الذي ظهر على الساحة السياسية اخذ مساحة اكبر من حجمه الطبيعي بين القوى السياسية الشيعية التي تفتقر في الغالب الى معرفة ديموغرافية في المجتمعات الغربية وتقسيمها الاجتماعي.

وهكذا اخذت هذه القوى بالدفع بالرجل القادم من بوابة الدعم السعودي اول الامر الى مراكز متقدمة، لا سيما مع بوادر تشكل الخلافات التاريخية مع القوى الكردية الطامحة الى تدمير العراق ككل وبناء دويلة كردية فوق انقاضه، لذا ومع فورة الصراع القومي وتصاعد الصراع في الموصل مع تهديدات جدية لعراقية الموصل وعربيتها، اخذ النجيفي واخوه اثيل باللعب على هذا الوتر، والعزف على هذه النغمة القومية، حتى نالا جراء ذلك حظوة ونفوذًا كبيراً بين جمهور البعثيين والقوميين والاخوان في مدينة تعتبر معقلاً لهذه التيارات الثلاثة، وتمكنا من الفوز في انتخابات مجالس المحافظات وتحقيق اغلبية كاسحة، ولكن هذا العداء لم يدم بطبيعة الحال، لاسيما مع تبدل بوصلة الولاء (النجيفي) من المحور السعودي الى المحور التركي واللحاق بركب السلطان القافز من ايام العثمانية البائدة- رجب طيب اوردغان- الطامح لاستعادة ايام الاتراك الخوالي، ولأن المشروع التركي كان في مهادنة مع البارزاني وبنيت معه علاقة تخادم تطلب هذا انضمام النجيفي الى المحور الكردي التركي في قبالة المحور الشيعي الحاكم، وهنا لعب النجيفي اخطر ادواره في تفتيت القوة العراقية الناشئة حين تبوأ رئاسة البرلمان، وانضم علانيةً لساحات العار والشنار التي ولدت تنظيم داعش الذي احتل بمعونة اخيه اثيل الموصل وحدث ما حدث في مشروع اقليمي اطرافه تركيا وقطر والسعودية والامارات والاردن، وانتهى الامر الى النهاية المأساوية التي يعرفها الجميع.

بعدما جرى لم يترك النجيفي رهانه على الاتراك ولامشروعهم في العراق لكن متغيرات هامًة افقدت النجيفي مقومات استمراره كفاعل رئيس، اولها، فقدان الشعبية والتأثير في الشارع الموصلي، وثانيها ان الرجل اضطر للتحالف مع قوى سياسية شيعية تجرب اللعب لوحدها في تجارب التحالفات المتوازنة، بمعنى انه فقد خاصية التكتل الطائفي السائر في ركاب مشروعه الخارجي، ولذا فان ملامح التلاشي السياسي هي الاقرب للرجل من اي ملامح اخرى، اللهم الا اذا حدثت معجزة تعيد امجاد السلطنة العجوز الى الوجود !

علق هنا