بغداد- العراق اليوم:
يواجه العراق صعوبة في تسديد الفاتورة السنوية لتمويل مؤسساته الحكومية المتخمة بالبطالة المُقنّعة وتعيينات الخريجين الجدد - حيث يبدو ملف المديونية العراقية مخيفاً ومحبطاً. ووفقاً لوكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" فالديون ستزيد على مدار الأعوام الأربعة المقبلة. تضع الوكالة العراق عند تصنيف (B-/B). توقع صندوق النقد الدولي (2018) أن ترتفع ديون العراق إلى 132.4 مليار دولار لتصل ذروتها العام 2020 مع 138 مليار دولار. و"يتفاءل" البنك الدولي بتسارع نمو إجمالي الناتج المحلي العراقي (يبلغ 192.9 مليار دولار – تقرير تشرين الأول/ اكتوبر 2018) بنسبة 6.2 في المئة في العام 2019 بحكم ارتفاع إنتاج النفط واسعاره. لكنه سيتراجع في السنوات المقبلة الى 2.6 في المئة وذلك حتى العام 2023. وتحت ثقل المديونية وتراجع مؤشر النمو والاعتماد على مصدر وحيد للدخل القومي (النفط)، بات العراق عملياً يستنزف قدراته المالية واحتياطاته بنظام الاستدانة، وسط زيادة سكانية، وضغط خدماتي، وتهديدات أمنية، واتساع شبكة الفساد، وتضخم الاستهلاك وهكذا تراجعت حصة الفرد العراقي من الناتج المحلي الى اقل من مستوياتها المتوقعة قياساً الى الثروة الهائلة والامكانات الاقتصادية غير المستثمرة. فبلغت هذه الحصة من الناتج المحلي نحو 4990 دولار العام 2017 بينما، وللمقارنة، كانت 7000 دولار في العام 1990. وكانت في العام 2006 قد وصلت الى 2000 دولار في أدنى مستوياتها. يفضح هذا المؤشر الاعتماد الكلّي على النفط الذي يترافق مع محاربة أي شكل من الاستثمارات وتعطيل الموارد البديلة. فالنفط سلعة سريعة المكاسب، ولكنها قاتلة للنمو الاقتصادي. تواجه الحكومة معدل بطالة بنسبة 16 في المئة من حجم السكان المتزايد، فيما نسب الفقرمرتفعة: 22.5 في المئة على المستوى الوطني، وأما في المحافظات التي تأثرت بـ"داعش" فتصل إلى 41.2 في المئة، والعراق مصنف بين البلدان الاكثر فساداً محتلاً المرتبة 169 من أصل 180 بلداً (بحسب منظمة الشفافية العالمية في تقريرها الأخير). وعلى الرغم من أن مبيعات النفط تتراوح شهرياً بين 6 – 7 مليار دولار، الا ان فاتورة توفير الوقود والغاز الطبيعي لانتاج الكهرباء تستنزف ارباح النفط. مثلاً، يستورد العراق ما بين 500 و1200 ميغاوات من الكهرباء من إيران حسب فصول السنة بتكلفة تقارب 1.2 مليار دولار في السنة. وهو يهدر حالياً ما يقرب من 2.5 مليار دولار من الغاز الطبيعي سنوياً نتيجة لحرقه، ما يعادل 1.55 مليار قدم مكعب/ اليوم، وهي عشرة أضعاف الكمية المستوردة من إيران. تقول عملاق الصناعة النفطية البريطانية (BP) في تقريرها السنوي إن "المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية لعام 2018 اظهرت بأن صادرات الغاز من إيران إلى العراق بلغت 154 مليون قدم مكعب في اليوم (13 في المئة من إمدادات الغاز العراقية الحالية)". يشتري العراق الغاز الإيراني بسعر 11.23 دولار لكل ألف قدم مكعب، مقارنة بـ 5.42 دولار دفعتها ألمانيا لشراء غاز أبعد مسافة، من روسيا، أو 6.49 دولار دفعتها الكويت للغاز الطبيعي المسال، أو حتى 7.82 دولار دفعتها اليابان مقابل الغاز الطبيعي المسال. فَشِلَ العراق بتأمين 1 في المئة من تقديراته لإعادة إعمار المناطق المدمرة بعد استعادتها من "داعش"، والتي تتراوح كلفتها بين 80 – 100 مليار دولار، على الرغم من عقد مؤتمر الكويت للمانحين. فيما اظهر ما سُمي بـ"الخطة الوطنية لاعادة الاعمار والتنمية" عطب التصورات الحكومية واعتمادها على تقديرات سطحية لعمق الأزمة واتساعها. وتضع الحكومة العراقية والامم المتحدة والمنظمات الدولية المساندة والمانحة ومنها البنك الدولي، سقفاً طويل الامد يمتد الى 10 اعوام لاعادة الاعمار شرط "الاستقرار التام" و"التوظيف الرشيد للاموال" والحد من الفساد ..
*
اضافة التعليق