بغداد- العراق اليوم:
كشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عن اتفاق بين العراق وفرنسا، لمحاكمة مواطنين فرنسيين منتمين لـ"داعش" في العراق، معتقلين لدى "قوات سوريا الديمقراطية" في سوريا، مقابل مساعدات عسكرية ومالية تقدمها فرنسا للعراق. تأتي هذه الأخبار بعد الجولة الأوروبية التي يقوم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، في الوقت الذي دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دولا أوروبية لاستعادة أكثر من 800 عنصر من داعش (التنظيم المحظور في روسيا)، معبرا عن خشيته من إطلاق سراحهم في حال عدم عودتهم إلى بلدانهم.
الدافع وراء هذا الاتفاق
حول هذه التسريبات تحدث الخبير العراقي والباحث بشؤون الجماعات الإرهابية أحمد عماد فقال: لحد الآن هي معلومات مسربة تتحدث عنها أطراف دولية وليست محلية، والحكومة العراقية حتى الآن لم تصرح بأي شيء رسمي، حول تسلم عناصر من التنظيم المتطرف من جهة سوريا أو أي طرف آخر.
وتابع: العراق لديه خبرة طويلة في التحقيق مع العناصر الإرهابية، ولكنه غير مهيئ الآن لاستقبال هؤلاء التكفيريين، ونحن عانينا الأمرين نتيجة تواجد هؤلاء وسيطرتهم على أجزاء واسعة من الأراضي العراقية، ويبدو أن الحكومة في بغداد —إن صحت هذه المعلومات- تريد أن تستخدم ذلك كورقة على المستوى الاقتصادي أو الأمني.
فيما ترى المحامية والدكتورة في القانون الدولي سلوى بو شلاغم من فرنسا بأن هذا الأمر جزء من الثقافة وعقيدة فرنسية قديمة، أن من يرتكب عمل غير قانوني أو إرهابي في بلد آخر، يفضل أن يعاقب في البلد الذي تم فيه الجرم، وتتابع: هذا بسبب أن المجرم لو نقل إلى الأراضي الفرنسية فإن جميع جمعيات حقوق الإنسان في فرنسا ستتحرك من أجله، وهذا ما لا يحبذه قصر الإليزيه، والسبب الثاني هو حماية فرنسا والمواطنين الفرنسيين، حيث لا يرغب المجتمع الفرنسي بعودة عناصر متهمة بقضايا إرهابية، والحكومة تحاول الحفاظ على مظهرها، لذلك هذا الامر كان متوقعا.
الفوائد والآثار
وعن الآثاء المترتبة على محاكمة عناصر داعش الإرهابية على الأراضي العراقية يقول المحلل العراقي عماد: سيلقى هذا الموضوع ردود أفعال عنيفة على المستوى المحلي، لأن هذه العناصر يجب ترحيلها إلى البلدان التي قدمت منها، كما أن العراق ليس معني بمن جاء إلى سوريا، أما الذين قدموا وتم اعتقالهم على الأراضي العراقية فهم أولى بالمحاكمة.
ويستدرك: سيكون لهذا الأمر نتائج عكسية على المستوى المادي وليست إيجابية، حيث يجب توفير معتقلات وأمور أخرى لمن سيحاكم في العراق، في الوقت الذي نحتاج إلى تأمين أماكن سكن ورعاية للنازحين وليس للإرهابيين.
أما المحامية الفرنسية بوشلاغم فتقول: العراق لما يوافق على محاكمة عناصر إرهابية من جنسيات أجنبية على أراضيه، فهو يقوم بذلك لمصلحة مادية بالدرجة الأولى، لأن كل دولة ستدفع مقابل محاسبة مواطنيها في بلد آخر، كما أن العراق طلب أسلحة وعتاد من فرنسا، بالإضافة إلى تسهيلات أمنية ومالية أخرى، وهذا كان باتفاق بين ماكرون والرئيس العراقي.
كيف سيتعامل العراق مع الإرهابيين الفرنسيين
وحول إذا ما كان عناصر داعش من الجنسية الفرنسية سيلقون معاملة مختلفة أو وفق القانون الفرنسي، يتحدث الخبير بشؤون الجماعات الإرهابية قائلا: العراق سيتعامل مع العناصر التكفيرية وفق لوائح حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية الدولية، وسيتم تقديمهم لمحاكمة عادلة وسيلقون الجزاء العادل، لكن المشكلة تكمن في النساء والأطفال، حيث التخوف من أن الأطفال يملكون فكر متطرف تكفيري، ولا يمكن مواجهته إلا من خلال رعاية ومدارس خاصة.
الدولة الفرنسية والمخابرات الفرنسية كانت على علم بذهاب العناصر التكفيرية من المطارات إلى سوريا والعراق، وبالنتيجة فرنسا لا ترغب بعودة هؤلاء إلى أراضيها، لأنهم تدربوا على السلاح، ولا يمكن أن يعيشوا بسلام مرة أخرى في فرنسا، وهذه العملية هي كلمة حق يراد بها باطل، ويريدون أن يكون العراق مأوى للعناصر الإرهابية بدل فرنسا.
وتؤيد الدكتورة بو شلاغم رأي الخبير العراقي، وتستطرد: لا يحق لفرنسا طلب أي معاملة خاصة لمواطنيها، وهم سيكونون تحت القانون العراقي، ولن يخرجوا عن قانون الإجراءات الجزائية وقانون مكافحة الإرهاب العراقي، حتى لو كانوا من أي جنسية كانت.
*
اضافة التعليق