من نزعَ العباءة عن حيدر العبادي..أهو الصدر أم امريكا، أم هي لعنة المالكي ؟

بغداد- العراق اليوم:

الى أخر اللحظات الحاسمة، كان كل شيء يسير لصالحه، وبدا أن الأمور تجه الى التجديد له لولاية ثانية، فهو المنتصر على داعش، والواقف بوجه الأزمة المالية الخانقة، ونازع فتيل الأزمة العراقية بقوة، وهو المنبري الى مواجهة تفشي الحزبية في مؤسسات الدولة، والأهم من هذا كله، فهو المخلص والمنقذ للقوى السياسية المناوئة من كابوس مقلق بالنسبة لها، أسمه نوري المالكي، الفائز في انتخابات 2014 بأغلبية واضحة في المجلس النيابي آنذاك، والذي بدا أن أمر ازاحته عن الولاية الثالثة مستحيلاً ان لم يتحقق الاختراق من داخل صفوفه، وهو ما جرى بالفعل حين انبرى اكثر رجال الدعوة اخلاصاً للمالكي كما ظنه الجميع واعتقد المالكي ذاتهِ، الا أن حيدر العبادي لم يكن كذلك بطبيعة الحال، فقد كان الرجل يخطط بالخفاء مع قيادة الدعوة، ومنهم وليد الحلي وصادق الركابي وغيرهم عبر وساطة بين علي العلاق والمرجعية للتقدم وعزل المالكي، الأمر الذي كان يعني نصراً بالنسبة للأخوة الاعداء، وبالخصوص الصدر والحكيم اللذين وجدا في العبادي المنشق على رفيق دربه، حصان طروادة كما يعبر انصار المالكي الذين لا يزالون يلقون بالمسؤولية على عاتق العبادي، التي انتهت بخروج حزب الدعوة من اللعبة خالي الوفاض.

البعض من انصار المالكي الشامتين بالعبادي يروّن أنه شربَ من نفس الكأس الذي سقى منه رفيق دربه وحزبه، وأنه ايقن أخيراً ومتأخراً أنه كان مجرد حلقة انتهت صلاحيتها بمجرد عزل الدعوة والانقلاب على المالكي المكتسح آنذاك، فيما يرد انصار العبادي على أن الرجل كان وطنياً بامتياز، وأنه قدم المصلحة العامة على المصالح الشخصية والحزبية، وأنه عمل للعراق اكثر مما عمل لنفسه، وتصدى لأخطر الملفات اعزلاً اوحده من أي دعم واسناد، بل حتى أن أقرب مقربيه تنكر له وتركه يواجه مصيره، خصوصاً بعد ان سحب الصدر والحكيم وزرائهم عن الحكومة التي يقودها لتظل تترنح بانتظار السقوط، الا أنها لم تستقط، بل واستقر العبادي مواجهاً طعنات الأخوة، ومفخخات داعش، وضغوط اسعار البترول التي كادت أن تنسف بما تبقى من البلاد، وحين أخرج العبادي العراق من عنق الزجاج لم يجد داعمي العبادي ولاسيما مقتدى الصدر ذاته الذي صرح والمح مراراً وتكرارًا الى امكانية دعم العبادي لولاية ثانية، الا أنه خضع لضغوطات شرقية وغربية لابعاد الرجل والاطاحة به في واقعة البرلمان عقب احداث البصرة الدامية. ليترك الصدر ظهر العبادي حليفه عارياً في مواجهة طعنات الدعوة من جهة، وخذلان الفياض وكتلته في احلك الظروف، وغضب شعبي بسبب سياسات تقشف عنيفة طبقها الرجل. والأهم من هذا كما يقول مؤيدو العبادي، ان الرجل واجه غضب ايراني لم يلقه أي رئيس حكومة سابق من الجمهورية، الاسلامية عقب اعلانه التزامه بالعقوبات الامريكية على إيران في خطوة حاول الرجل، اظهار مسافة بينه وبين الايرانيين، لينال دعم ادارة ترامب الغاضبة تجاه ايران وحلفائها، الا أنه لم يعِ بطبيعة الحال المزاج السياسي، ولا قوة التأثير لمحور الممانعة، لينتهي الرجل مبُعدًا لصالح عبد المهدي الذي كان قد نأى بنفسه بعيدًا عن الصراع مبكراً بانتظار حسمه لصالحه وهو ما جرى بالفعل. يبقى الاشارة الى ان العبادي يحاول الأن جاهدًا الاستفادة من هشاشة الوضع السياسي القائم حالياً، وضعف الحكومة الحالية، ووضع نفسه كمرشح ناجح وناجع في ظل تزايد الاشارات الى أن حكومة عبد المهدي قد لا تمضي مدتها الدستورية، فهل سيعود العبادي المخذول، أم ستظل لعنة المالكي تطارده وتقض مضجعه؟!

علق هنا