بغداد- العراق اليوم:
يتواصل الجدل في العاصمة بغداد بشأن استيعاب عناصر داعش الأجانب القادمين من سوريا مع قرب المعركة الأخيرة من نهايتها في البلد المجاور، فيما قالت مصادر سياسية مطلعة إن الحكومة العراقية تعمل على إعداد خطة شاملة للتعامل مع عناصر داعش الأجانب وطريقة التعاطي مع ملفهم الشائك. وذكر مصدر مطلع أن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي يعمل رفقة مجلس الأمن الوطني على إعداد صيغة تتلاءم مع طبيعة الواقع في البلاد، والقوانين العراقية النافذة في التعامل مع الأجانب الذين لم يخوضوا قتالًا في البلاد، لحسم مسألة عناصر داعش الذي قدموا من سوريا، لما يشكلونه من مخاطر على الأمن في العراق، خاصة وأنهم في مخيمات النزوح على تخوم البلاد منذ أيام. وبحسب المصدر فإن “حكومة عبد المهدي تناقش الطلب من الدول الغربية مساعدة العراق في تعزيز الأمن الداخلي، وتوريد أسلحة وذخائر متطورة، ومنحه قروضًا مالية، تساهم في تعزيز الاقتصاد الداخلي، فضلًا عن تقديم الدعم للأجهزة الأمنية فيما يتعلق بالحصول على المعلومات وأدوات التحقق من الجرائم والتكنلوجيا المتطورة في هذا المجال”.
تبويب قانوني لـ”الصفقة”
وقال الخبير الاستراتيجي هشام الهاشمي إن “التبويب القانوني لتلك القضية هو أن مجلس الأمن العراقي يوجه مقترحات التعامل مع عناصر داعش المثار بشأنهم هذا الجدل إلى مجلس القضاء الأعلى، للنظر في تلك المقترحات، فإما أن يكيّفها وفق القوانين السائدة، أو يقترح على الحكومة العراقية تقديم قانون جديد إلى البرلمان لتشريعه وإضافته إلى قانون مكافحة الإرهاب”.
وأضاف الهاشمي أن “عناصر داعش العراقيين يُحاكمون وفق القوانين العراقية، أما العناصر الأجانب الذي قاتلوا على الأراضي العراقية فهم كذلك يحاكمون بنفس الطريقة، أما المختلف عليهم لغاية الآن فهم زوجات وأطفال عناصر داعش الأجانب، فهل يُحاكمون بتهمة تجاوز الحدود، أو يتم معاملتهم وفق قانون مكافحة الإرهاب، على أنهم مجموعة إرهابية؟”.
وتابع أن “المأزق الحالي وهو الأهم في من قاتل على الاراضي السورية فقط، من عناصر داعش الأجانب، فهل سيقبل العراق بأن يضعهم في معتقلاته، مقابل أسلحة ودعم، ومنحه تقنيات حديثة متطورة، هذا السؤال المهم، إذ لغاية الآن ما زال المسؤولون العراقيون يبحثون اتخاذ قرار مناسب بشأن ذلك”.
وحذر الهاشمي من أن هذا “التوجّه ربما يجعل العراق غوانتنامو ويحفّز الدول الأخرى على مفاوضة العراق لاستقبال عناصر داعش المحتجزين لديها ليحاكموا ويسجنوا في العراق، مثل تركيا التي تحتجز أكثر من ألفي عنصر داعشي عراقي”.
البرلمان يعتزم مناقشة الملف
ومنذ أيام يحتدم الجدل في العراق وبعض الدول الأوروبية بشأن محاكمة عناصر داعش الأجانب غير المتورطين بقتال على الأراضي العراقية، لا سيما بعد إعلان رئيس الجمهورية برهم صالح أن 13 متطرفًا فرنسيًا سيُحاكمون في محاكم عراقية، وسط تساؤلات عن طبيعة القوانين التي سيُحاكمون وفقها.
وأعلن رئيس الجمهورية برهم صالح الإثنين الماضي أن “بغداد ستحاكم 13 متشددًا فرنسيًا اعتقلوا في سوريا، تسلمتهم القوات العراقية مؤخرًا، فيما قال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إن العراق يمكن أن يساعد في نقل المحتجزين غير العراقيين الذين أسرتهم قوات سوريا الديمقراطية من تنظيم داعش في الأراضي السورية”.
بدوره قال القيادي في تحالف سائرون النائب رائد فهمي إنه لم يطلع لغاية الآن على تفاصيل التوجّه الحكومي بشأن هذا الملف، لكنه يعتقد أن “مثل تلك المسألة بحاجة إلى إطلاع أعضاء البرلمان عليها، وفتح نقاش وحوار عراقي جاد بشأن تلك المشكلة التي تهدد الأمن، خاصة وأن لنا تجارب سابقة عندما كان عناصر داعش على الحدود العراقية – السورية” مؤكدًا أن “المسألة بحاجة إلى حوار برلماني فعّال، كما تناقشه برلمانات الدول الغربية”.
وأضاف فهمي أن مسألة تعامل العراق مع عناصر داعش الأجانب لا بد أن يُناقش فيها العراقيون، مع الابتعاد عن الصفقات السياسية، والاستجابة لضغوط معيّنة، إذ زار العراق مؤخرًا عدد من مسؤولي تلك الدول للقاء العراقيين وبحثوا معهم تلك المسألة، التي كانت على الدوام أحد محاور اللقاءات المتكررة بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم في الدول الغربية”.
وأشار إلى أن “مسألة تبنى العراق عناصر داعش الأجانب نيابة عن العالم مسألة معقدة وكبيرة، ومع بدء الفصل التشريعي الثاني سيكون ذلك على طاولة البرلمان بطلب من سائرون”.
خطر على الحدود.. أبرموا الصفقة تُفلِحوا
ويقبع نحو 800 عنصر من “الدواعش” الأجانب في سجون سوريا الديمقراطية، وهو ما يشكل عبئًا جديدا على العراق في حال تم إدخالهم إلى أراضيه.
ويرى الصحفي والكاتب مازن الزيدي أن الحكومة العراقية عليها إبرام صفقة حقيقية مع الدول التي لا ترغب باستعادة مواطنيها “الدواعش”.
وأضاف الزيدي في تعليق على تلك القضية ان “فرنسا عرضت صفقة أمام العراق مقابل احتفاظ الأخير بدواعشها تضمنت دعم القوات الأمنية والعسكرية العراقية وتقديم العتاد والتدريب مقابل هذه الخدمة، ويرجح أن تحذو أطراف أوربية أخرى حذو فرنسا في عرض مثل هكذا صفقة أمام الحكومة العراقية لطمأنتها من عودة دواعشها بعد هزيمتهم في سوريا”.
واعتبر الزيدي أن “الحكومة أمام فرصة ذهبية يجب استثمارها بشكل واسع بإبرام صفقة متعددة الجوانب مع الأطراف المعنية كما فعلت تركيا مع أوروبا عندما أغلقت حدودها أمام موجات المهاجرين عبر أراضيها، مقابل مساعدات مالية، وكما تفعل إيران بالضغط على أوروبا لتخفيف موقفها من العقوبات الاميركية مقابل قطع الطريق أمام تهريب المخدرات القادم من افغانستان”.
ولفت إلى أن “العراق مطالب بإبرام صفقته المستحقة مقابل تسفير الدواعش إلى أراضيه وإخضاعهم إلى المحاكمة حسب قوانينه، ولايجب القبول بأقل من تزويدنا بصفقات تسليح تسدّ النقص لدينا، وتزويدنا بأجهزة لمراقبة تمكننا من حماية حدودنا مع سوريا، كما أن الصفقة يجب أن تضمن انخراطاً اوربياً – أميركياً لاعادة إعمار المناطق المحررة واستعادة أثارنا المهربة وترميم المواقع المدمرة”.
*
اضافة التعليق